العين د. هايل عبيدات يكتب : ثروة الخبز ودعم الجوع ..

د. هايل عبيدات

 في العام الماضي 2023 صدر تقرير من منظمة الفاو والتنمية الزراعية يفيد بوجود حوالي54 مليون مواطن عربي  بزيادة قدرها  55% عن عام 2010 يعانون من حالة انعدام الامن الغذائي الشديد  و 163 مليون مواطن لم يتمكنوا من تحمل  كلفة نمط غذائي صحي وهذا يعني ان الامن الغذائي العربي غير امن وهش ويفتقر الى ركائز الاسقرار والديمومة وهنا تكمن اهمية تعزيز التجارة البينية اضافة الى الاستغلال الامثل والمشترك  لمصادر المياة بعيدا عن الارباك السياسي .

على ضوء حالة الغموض التي تمر بها سوريا بات الجوع في الجارة سوريا الشقيقة يطرق ابواب اكثر من 75% من  المواطنين بعد سقوط دمشق حيث هناك 13 مليون مواطن سوري في حالة انعدام الامن الغذائي ولا يعرفون من اين ياتيهم الغذاء في اليوم التالي و ايضا هناك 3 مليون  مواطن معرضون الى الانزلاق الى الجوع و7 مليون مواطن تحت خط الفقر وثلاثة ملايين نازح في الايام الاخيرة حسب برنامج الغذاء العالمي وتقارير دولية ويعيش 90% من السكان في حالة فقر وعلى ابواب ازمة غذاء مركبة نتيجة لظروف الحرب الاهلية التي استمرت اربعة  عشر عاما والعقوبات التي فرضت على سوريا منذ عام 1979 وانتهت بقانون قيصر عام 2019  وتدمير البنى التحتية وتدمير القطاع الزراعي والسدود وقطاعات المياه والكهرباء والطاقة والنفط وتعطيل سلاسل الامداد والتزويد ولم يتم تمويل خطة المساعدات الانسانية لهذا العام والتي تبلغ 4 مليار دولار باستثناء ثمانية  ملايين يورو قدمتها المانيا وعلقت روسيا تصدير القمح لسوريا بينما اطلقت اوكرانيا  بالتعاون مع منظمات دولية الية لاعادة توريد القمح الى سوريا واليوم تقف سوريا امام كارثة معقدة سواء من ناحية اعادة الاعمار واعادة بناء الاقتصاد وجذب الاستثمار وتحقيق الاستقرار والعجز عن الحفاظ على الحدود واستباحة الجغرافية السورية من قبل اسرائيل وتركيا في ظل الاحفالات في ساحة الامويين وعدم الانزلاق في اقتتال طائفي وعرقي وعودة اللاجئين  وقد يتشظى هذا الوضع خارج حدود سوريا الجديدة ؟!! .

وفي اسرائيل صدر تقرير قبل ايام من قبل منظمة لاتيت عن الفقر البديل ومتلازمة الحرب والفقر يتحدث ان نحو ربع سكان اسرائيل تحت خط الفقرويعانون من حالة انعدام الامن الغذائي و65% من السكان تضرروا مالياو78.8% من العائلات المدعومة  لديها ديون مقارنة ب 27% من عامة السكان  ونصف الاطفال من الاسر المدعومة يعانون من مشاكل نفسية و 70% تنازلوا عن شراء الدواء وهناك 700 الف شخص واكثر من مليون  طفل يعيشون في فقر و84%  من العائلات المدعومة البالغة اكثر من مليوني ونصف عائلة تعاني نقصا في الطاقة.

اما في العراق الذي يواجه تحديات كبيرة في مسالة تعزيز الامن الغذائي نتيجة للاوضاع السياسية والاقتصادية  التي مرت به اضافة الى ندرة المياه والتدهورالبيئي وتهالك البنية التحتية والهجرة العكسية والتغيرات المناخيةوبالرغم من ذلك فقد بلغ انتاج القمح حوالي 6.5 مليون طن اضافة الى وجود 3 ملايين طن كمخزون استراتيجي مع الحفاظ على الاستقرار في السوق العراقي والذي قد لا يتاثر باتدادات الازمة السورية . 

اما على الصعيد المحلي حيث يقع الاردن بنفس المرتبة مع تونس والجزائر  في الامن الغذائي ومن خلال التوجيهات الملكية ومتابعة جلالة الملك و ولي العهد فقد واجه الاردن بكفاءة واقتدار ثلاثية الامن الغذائي واستيعاب اللاجئين و( وجود اكثر من مليون لاجىء سوري على الاراضي الاردنية  )  وازمة المياه اضافة الى مبادرة الاستجابة  وعلى ضوء ما سبق بات ضرورة تفعيل مركز اقليمي للاستجابة كما دعا جلالة الملك وتوسيع مظلة الامن الغذائي لتشمل سلاسل التوريد والنقل  ومستودعات التخزين  والذي يعتبر جزءا اساسيا من منظومة الامن الوطني نظرا للظروف الاقليمية وتداعيات حالة عدم الاستقرار وضبابية الوضع السوري وسيطرة اسرائيل على الجولان كاملا بما تحويه من مخزون للمياه وسلة غذاء استراتيجي وكذلك التوغل التركي في الشمال والهيمنة الامريكية على الغاز والنفط في شرق سوريا خاصة ان الاردن دفع فاتورة باهظة تفوق قدراته طيلة الازمة السورية ومازال  امتدادا للدور الهاشمي العروبي في فلسطين وغزة  وبلدان اخرى .... وحمى الله الاردن وشعبه وجيشه وقيادته الهاشمية.