بيدرسون : على إسرائيل أن تتوقف فوراً عن انتهاك سيادة سوريا

بدأ مجلس الأمن صباح اليوم الثلاثاء، جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في سوريا لأول مرة بعد سقوط نظام الأسد. وقد دعي إلى الاجتماع لتقديم إحاطات السيد غير بيدرسون، ممثل الأمين الخاص لسوريا، وتوم فليتشر منسق الشؤون الإنسانية والاستجابة لحالات الطوارئ، ووعد الخطيب، منتجة أفلام سورية، وبدر جاموس، رئيس اللجنة الدستورية السورية. كما سيلقي كل من سفراء سوريا وتركيا وإيران والعراق بيانات في نهاية الجلسة.

غير بيدرسون: المخاطر ما زالت قائمة

كان أول المتحديثن ممثل الأمين العام الخاص لسوريا، غير بيدرسون الذي تحدث بالفيديو من دمشق وقال إنه التقى في العاصمة السورية دمشق، كلا من قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، ورئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير وآخرين.

قال بيدرسون إن سوريا تواجه واقعا جديدا تماما بعد سقوط نظام الأسد الذي حكمها لمدة 54 عاما.

وشدد على بناء سوريا الحديثة التي تضم كل أطياف الشعب السوري. وأن الوقت الآن هو المناسب للسوريين للتقدم والقيادة.

وأضاف بيدرسون: “الآن هو الوقت المناسب من أجل طمأنة جميع السوريين بأن حصتهم في المستقبل واضحة وأنها سوف تتجسد في ترتيبات انتقالية موثوقة وشاملة”. وكرر بيدرسون تعازيه الصادقة إلى مئات الآلاف من السوريين الذين فقدوا أحباءهم خلال نحو 14 عاما من الصراع، وأعرب عن تضامنه مع الملايين الذين واجهوا النزوح والنفي والدمار والاعتقال والإساءة والمعاناة والخسارة خلال الصراع، وأيضا لعقود من الزمن في ظل النظام السابق وقال: “أعرب عن تضامني الصادق مع الأسر التي لا تزال تبحث عن معلومات عن أحبائهم المفقودين”.

وأشار المسؤول الأممي إلى لقائه بمجموعة من الجهات الفعالة وتواصله المستمر مع السوريين، مؤكدا أنه يستمع إلى آمال ومخاوف، وقال إن هناك شعورا عميقا ومشتركا بين السوريين بأن هذا الوضع الجديد ينتمي إليهم، وأن هذه هي اللحظة المناسبة لتحقيق تطلعاتهم المشروعة.

وحذر بيدرسون من أن الكثيرين يشعرون بالقلق إزاء المستقبل، حيث إن التحديات التي تنتظرالسوريين هائلة. وقال: “أخشى أنه إذا لم يتم التعامل مع هذا الأمر بشكل صحيح – من قبل السوريين والمجتمع الدولي – فإن الأمر قد سيتحول إلى الأسوأ مرة أخرى”.

وقال ممثل الأمين العام إن هناك فهماً واسع النطاق بأن القرار 2254 لا يمكن تطبيقه ميكانيكياً في الظروف الجديدة. لكن المبادئ الأساسية تحظى بإجماع سوري واسع. وبينما حدد القرار 2254 طرفين، أحدهما أطيح به ولا يمكن أن يكون جزءاً من العملية، فإن الأمر لا يزال يتطلب انتقالا سياسيا وأن هذا سيتطلب عملية سورية داخلية شاملة.

التدخلات الإسرائيلية

وحذر بيدرسون من التطورات الجديد على هضبة الجولان المحتلة قائلا إن هناك وضعا جديدا في الجنوب الغربي للبلاد حيث تواصل قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك مراقبة أفراد ومعدات جيش الدفاع الإسرائيلي في مواقع متعددة في منطقة الفصل وموقع واحد في منطقة الحد في محيط خط برافو. هناك تقارير إعلامية عن تقدم إسرائيلي لعدة كيلومترات داخل الأراضي السورية. وأضاف بيدرسون: “لقد نفذت إسرائيل أكثر من 350 ضربة على منشآت ومعدات وإمدادات عسكرية في جميع أنحاء سوريا منذ سقوط النظام السابق وما زالت مستمرة – بما في ذلك هجوم هائل على طرطوس. مثل هذه الهجمات تعرض السكان المدنيين المنهكين لمزيد من الخطر وتقوض احتمالات الانتقال السياسي المنظم. لقد رأينا أيضا تقارير عن خطة مجلس الوزراء الإسرائيلي لتوسيع المستوطنات في الجولان. يجب على إسرائيل وقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الجولان السوري المحتل، والتي هي غير قانونية. يجب أن تتوقف الهجمات على سيادة سوريا وسلامة أراضيها”.

وحول خطوات العملية الانتقالية حدد بيدرسون الخطوات التالية:

أولاً. يحتاج السوريون إلى انتقال منظم يوفر الحفاظ على مؤسسات الدولة التي تخدم مصالحهم وتوفر لهم الخدمات الأساسية. “اسمحوا لي هنا أن أشير إلى الجهود المبذولة لضمان ذلك بالفعل، من حيث حماية وزراء الحكومة السابقة لنقل السلطة، ودعوة موظفي الدولة إلى مواصلة عملهم. هذا يوفر أساسا أوليا قويا. لكنه ليس كافيا في حد ذاته”.

ثانيًا. يجب أن يكون الانتقال أيضا موثوقا وشاملا، بما في ذلك أوسع طيف من المجتمع السوري والأحزاب السورية، حتى يلهم الثقة العامة. وهنا اسمحوا لي أن أؤكد أن هذه رغبة واضحة عبر عنها السوريون أنفسهم. وكما شهدنا تنسيقاً عسكرياً كبيراً بين العديد من المجموعات في العمليات الأخيرة. الآن مع انتقالنا إلى مرحلة سياسية، ينبغي أن يقابل ذلك مشاركة سياسية شاملة؛

ثالثاً. يجب أن يكون هناك دستور جديد، بما يتماشى مع القرار 2254.

رابعاً. يجب أن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة تشمل جميع السوريين، كما ينص القرار 2254، وفقاً للمعايير الدولية.

وقال بيدرسون إن سوريا لكل السوريين. “الآن هو الوقت المناسب للسوريين للتقدم والقيادة. والآن هو الوقت المناسب لطمأنة جميع السوريين بأن حصتهم في المستقبل مفهومة وأنها ستتجسد في ترتيبات انتقالية موثوقة وشاملة. لقد أوضحت في دمشق دعوتي للحوار حول القرار 2254 وجميع القضايا الأخرى ذات الصلة بالسوريين، حتى نتمكن من تحديد طريق للمضي قدما يمتلكه السوريون ويقودونه”.

وأضاف ممثل الأمين العام أن الوقت ما زال مبكرا، فلم يمر سوى 11 يوما منذ سقوط النظام السابق وقال: “بابي مفتوح وآمل أن نتمكن في الأيام المقبلة من بناء الحوار. أنا أفهم – ونحن جميعا نفهم – التحديات الهائلة التي تواجه السلطات، والحاجة إلى المساعدة بشكل ملموس الآن. نحن نفهم الحاجة إلى الاستقرار. لكن الاستقرار لن يدوم طويلاً إذا لم يتم بناؤه على أسس موثوقة وشاملة. الآن هو الوقت المناسب لبناء هذه الأسس.

منسق الشؤون الإنسانية: حجم الأزمة الإنسانية لم تتغير

تناول الكلمة بعد ممثل الأمين العام، منسق الشؤون الإنسانية توم فليتشر، الذي تحدث أيضا عبر الفيديو من دمشق مشيدا بالشعب السوري على صبره وداعيا إلى تقديم مزيد من الدعم الذي يتطلب أيضا “الصبر والإبداع والتصميم”.

وقال فليتشر: “التقدم سيكون غير متسق، ومخاطر الفشل كبيرة. ولكن هذا يجب أن يكون مشروعا محفزا للأمم المتحدة، وللحركة الإنسانية. ولذلك، في هذه اللحظة من الأمل والخطر، يجب علينا أن نرقى إلى مستوى التحدي وندعم شعب سوريا”.

وقال منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ إنه في حين كانت وتيرة التطورات في سوريا على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية دراماتيكية، “فإن ما لم يتغير هو حجم الأزمة الإنسانية. وقال إن الأحداث الأخيرة زادت الاحتياجات، حيث نزح أكثر من مليون شخص في أقل من أسبوعين، وقُتل أو جُرح المئات من المدنيين، منهم 80 طفلا على الأقل، في حين تعطل الدعم الإنساني بشدة، وعلقت معظم المنظمات عملياتها مؤقتا”.

وأشار فليتشر إلى أن الوضع بدأ يستقر وأنه رأى بنفسه إعادة فتح الأسواق والطرق والمدارس والمرافق الصحية، مضيفا أن عمليات الإغاثة تستأنف تدريجيا في جميع أنحاء البلاد. وسلط الضوء على الحاجة إلى تكييف الاستجابة الإنسانية مع الظروف الجديدة وإن كانت لا تزال سريعة التغير وقال إنه سيزور حلب ثم إدلب لتقييم العمليات الإنسانية، وسيصدر بعدها نظرة عامة على احتياجات التمويل للأشهر الثلاثة المقبلة على الفور.

وقال وكيل الأمين العام إن اجتماعاته مع قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، ورئيس الوزراء المؤقت محمد البشير، كانت مشجعة حيث تعهد الإثنان بزيادة تعاونهما للدعم الإنساني الحيوي.

وقال إنه تلقى تأكيدات بأن السلطات الجديدة ستسهل حركة موظفي الإغاثة والإمدادات من البلدان المجاورة ما دامت العمليات الإنسانية مطلوبة، بما في ذلك إلى الشمال الشرقي الذي لا يخضع لسيطرتها، وتسهيل الوصول إلى المحتاجين أينما كانوا في البلاد، فضلا عن إصدار تأشيرات وتصاريح عمل لعمال الإغاثة. وأضاف “هذه الالتزامات وحدها لن تخفف معاناة الناس، لكنها أساسية لتوسيع نطاق عملياتنا”.

ودعا فليتشر المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى توجيه رسائل قوية لدعم احترام القانون الدولي الإنساني، سواء في الأعمال العدائية الجارية أو في تلبية احتياجات الناس الأساسية. كما دعا إلى زيادة التمويل لدعم العمليات الإنسانية، خاصة وأن نداء هذا العام – وهو أكبر نداء قُطري في العالم، هو أيضا أحد أكثر النداءات التي لا تحظى بدعم كاف.

وقال فليتشر: “الآن هو الوقت المناسب للاستثمار في الشعب السوري، لدعم الصناديق المرنة حتى نتمكن من الاستجابة للاحتياجات المتغيرة. لقد خصص صندوق الاستجابة للطوارئ المركزي التابع للأمم المتحدة بالفعل 32 مليون دولار لسوريا هذا العام. والآن هو الوقت المناسب أيضا للدول الأعضاء للعمل على دعم التعافي والتنمية لإعادة بناء سوريا، والحد من الاعتماد على المساعدات الإنسانية؛ والحفاظ على الخدمات الأساسية”.

كما دعا فليتشر جميع الدول إلى تسهيل الجهود الإنسانية، بما في ذلك من خلال ضمان عدم إعاقة العقوبات وتدابير مكافحة الإرهاب للعمليات الإنسانية.

الوفد السوري يخلي مقاعده دون إلقاء كلمة

وقد لوحظ أن وفد البعثة السورية المكون من ثلاثة دبلوماسيين، انسحبوا من مقاعدهم أثناء الجلسة دون أن يلقي السفير قصي الضحاك كلمة سوريا في المجلس.

وقالت مصادر دبلوماسية أن الانسحاب جاء بناء على تعليمات من دمشق بسبب خلاف القيادات الجديدة مع القرار 2254 (2016) والذي كان محور الكلمات التي ألقتها الوفود بغالبيتها بمن فيهم ممثل الأمين العام الخاص لسوريا غير بيدرسون.

المخرجة السورية وإحدى مؤسسات منظمة “التحرك من أجل سما” وعد الخطيب، قدمت إحاطة دعت فيها مجلس الأمن إلى العمل تماشيا مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، ومساعدة سوريا في تحقيق انتقال سياسي حقيقي يشمل جميع السوريين من جميع المناطق والشتات.

وشددت على أن هذا الانتقال يجب أن يؤدي إلى دستور جديد وانتخابات حرة ونزيهة، وأن يلتزم بالمعايير الدولية للشفافية والعدالة والمساءلة، مضيفة أن هذا الانتقال لا يمكن أن يحدث بدون عدالة. ودعت الخطيب المجتمع الدولي إلى التحرك، مضيفة أن الأسر التي تبحث عن أحبائها تستحق الوصول إلى الحقيقة وإلى كل سجن وكل مقبرة جماعية والوصول إلى العدالة.

وقالت كذلك إن حماية المدنيين أمر حيوي، ففي شمال شرق سوريا، لا يزال العنف وعدم الاستقرار يدمران الأرواح.

أما بدر جاموس رئيس هيئة التفاوض السورية، فخاطب المجلس قائلا: “إن 8 كانون الأول/ ديسمبر هو يوم تاريخي أشرقت فيه شمس الحرية على سوريا وانتصار لإرادة الشعب السوري الذي أجبر النظام المستبد على الفرار من دمشق”.

وقال: “إن المعارضة السورية، ممثلة بهيئة التفاوض، أظهرت أقصى درجات المرونة لتحقيق انتقال سياسي سلمي، إلا أن النظام القديم تجاهل جميع المبادرات التي قادها أربعة مبعوثين دوليين بينما دفع السوريون ثمنا باهظا من دمائهم وأرواحهم”.

وثمن الجهود التي تبذلها الإدارة الحالية ورئيسها أحمد الشرع ورئيس الحكومة المؤقتة محمد البشير في دمشق لاستعادة الأمن وتقديم الخدمات للمواطنين وقال: “نؤكد عملنا المشترك لبناء سوريا الجديدة، دولة يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، خالية من التدخلات الخارجية وتحافظ على علاقات متوازنة مع جيرانها وأصدقائها”.

وفيما يعيش غالبية الشعب السوري تحت خط الفقر، شدد جاموس على أن الأوان لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على الدولة السورية، وزيادة الدعم الإنساني والإغاثي لتمكين السوريين من إعادة بناء وطنهم. وعلى الرغم من تغير الظروف، إلا أن رئيس هيئة التفاوض السورية أكد أن روح القرار 2254 يشكل خارطة الطريق لتحقيق تطلعات شعبنا.

ودعا جاموس إلى تشكيل حكومة وطنية انتقالية شاملة تمثل جميع أطياف الشعب السوري من الثوار والسياسيين والمجتمع المدني وكافة مكونات الشعب السوري مع ضمان تمثيل المرأة والشباب كما دعا إلى “عقد مؤتمر وطني شامل تتولى الحكومة الانتقالية تنظيمه لاختيار جمعية تأسيسية تكلف بإعداد دستور جديد يعبر عن تطلعات السوريين والسوريات، ومن ثم تنظيم استفتاء على الدستور الجديد والمضي قدما نحو انتخابات حرة نزيهة في بيئة آمنة ومحايدة تحت إشراف الأمم المتحدة”.

وطالب رئيس هيئة التفاوض السورية بإنشاء صندوق لدعم المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم لتأمين احتياجاتهم وإعادة دمجهم في المجتمع بعد سنوات من المعاناة، وإنشاء صندوق لدعم أسر شهداء الثورة “وهو أقل ما يمكن فعله أمام الحقائق المفجعة التي تشاهدونها على الشاشات اليوم في صيدنايا أو في غيرها، أو في المقابر الجماعية التي نكتشف وجودها كل يوم”.

واختتم جاموس كلمته قائلا: “إننا عازمون على بناء سوريا الجديدة، دولة القانون والعدالة، جمهورية تنتمي إلى هذا العصر تحمي جميع مواطنيها دون تمييز وتبقى موحدة أرضا وشعبا. سوريا المستقبل ستكون نموذجا لدولة حديثة تدار بعقول أبنائها وإرادتها الحرة.