ترعاك عين الله يا حامي المساجد والكنائس في قدس العروبة
يحمل جلالة الملك عبدالله الثاني إرثاً تاريخياً وشرعياً في وصايته على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، مدافعاً عن رسالة الحق التي جاء بها النبي العربي الهاشمي، فهذه الأرض المقدسة حق المسلمين والمسيحيين فيها تاريخي أبدي، فلا مساومة عليها، ولا رضوخ للضغوطات مهما علت.
جلالة الملك وفي موقف ثابت داعم لصمود الأشقاء الفلسطينيين، استقبل قيادات دينية مسيحية وإسلامية مقدسية وأردنية، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، مجدداً العهد على مواصلة المملكة لدورها التاريخي في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في قدس العروبة من منطلق الوصاية الهاشمية عليها، مهنئاً الإخوة المسيحيين في الأردن وفلسطين وجميع أنحاء العالم بالأعياد المجيدة، بحضور سمو الأمير غازي بن محمد كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية والمبعوث الشخصي لجلالته.
هذه الرسالة النبيلة، ينطلق الأردن في حملها من شرعية حافظ عليها المسلمون منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب، في العهدة العمرية التي تعد أهم وثيقة في تاريخ فلسطين والقدس، تلك التي أعطى فيها الخليفة الفاروق لأهل القدس أماناً لأنفسهم ولأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها، وأنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم.
واستمر هذا العهد طيلة عهد الخلفاء منذ 14 قرناً، إلى أن بايع أهل القدس، الشريف الحسين بن علي، ليصبح حامي سكان المدينة ومقدساتها إسلامية ومسيحية، لتستمر المبايعة لجلالة الملك عبد الله الثاني ترعاه عين الله وهو الحامي لمساجد قدس العروبة وكنائسها، والذي قدم خطوات مشهودة في حماية المدينة المقدسة تعزيزاً لقيم ورسالة الوئام والعيش المشترك، وآخر تلك الخطوات جاءت أمس حين قدم منحة على نفقة جلالته الخاصة لدعم تأسيس جامعة موقع المغطس الأرثوذكسية الدولية، ومنحة أخرى لتذهيب الزخارف التاريخية في قبة الصخرة المشرفة.
هذه هي قيم الهاشميين وأياديهم تمتد نبلاً وعطاء، ويقابلها أهل القدس بالوفاء، فهذا مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الشيخ محمد عزام الخطيب يؤكد التمسك بالوصاية والاعتزاز بها وعدم قبول أي بديل عنها، كما نقدر عالياً موقف رجال الدين المسيحي الذين أكدوا دور الوصاية كصمام أمان لحق المسيحيين في الوصول الحر إلى الأماكن المقدسة، والحفاظ على الوضع القائم التاريخي، وصون الهوية الروحية والثقافية الأصيلة للقدس والأراضي المقدسة، معبرين بوضوح عن رفضهم لكل الممارسات التي تقوم بها «المسيحية الصهيونية» بوصفها حركة دخيلة على الأرض المقدسة تسعى لتشويه رسالة الكتاب المقدس عبر تبرير الاحتلال غير الشرعي، بصورة تهدد الثقافات الدينية والتراث العريق للمسيحية.
هذا هو الموقف الأردني الثابت الذي يعبر عن وجدان الأردنيين جميعاً، فكلنا خلف قائدنا في حمله لأمانة الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وسنبقى نعمل بما يمليه الضمير والواجب تجاه الأشقاء ولن نغير موقفنا أبداً، متسلحين بإرث من تاريخ قدمته قيادتنا وشعبنا وجيشنا في الدفاع عن ثرى فلسطين، فنحن الأقرب إليها وامتزج دم شهدائنا بشهدائها على ثراها الطهور في كل معارك الشرف والإباء، وبقينا رغم تبدل المواقف ورغم تبرعم المشاريع، في ثبات لا نهتز ولم نتبدل ولم نساوم على ذرة من ترابها.
الدستور