ماذا لو تلغى كل الجوائز؟
تتويج البرازيلي فينيسيوس جونيور بلقب أفضل لاعب في العالم حسب الفيفا، وقبله النيجيري أديمولا لوكمان بلقب أفضل لاعب في افريقيا، وفوز الاسباني رودري بجائزة الكرة الذهبية التي تنظمها المجلة الفرنسية “فرانس فوتبول”، أثارت ردود فعل متباينة في الأوساط الكروية بين مؤيد ورافض لنتائج الاستفتاءات التي تنظمها مختلف الهيئات بمشاركة الفاعلين من صحفيين وفنيين، وتسفر عن اختيارات متباينة تتراوح بين احتساب عدد الألقاب المحصل عليها من طرف المرشحين، وبين المستوى والمردود الفردي للاعب ومدى تأثيره على إنجازات فريقه خلال سنة كاملة.
صحيح أن الجدل لم يتوقف يوما في الأوساط الفنية والاعلامية والجماهيرية الا نادرا، لكن المعايير المعتمدة في عمليات الاختيار والتتويج تبقى مثيرة للتساؤلات وعلامات الاستفهام، خاصة تلك التي تطغى عليها الذاتية والشوفينية، وأحيانا اعتبارات أخرى سياسية ومادية يكون فيها للرعاة كلمتهم ولو بنسبة قليلة، ما يزيد من مشاعر الشك ويفقد الجوائز مصداقيتها لدرجة مطالبة البعض بإلغائها كليا من المشهد الكروي، بينما تصر الهيئات الكروية ووسائل الإعلام على الاستمرار في تنظيم مختلف الجوائز لتكريم الأفضل خلال السنة فرديا وجماعيا تقديرا للجهد والمهارة الكروية.
اختيار أفضل لاعب كان دائما محل جدل على غرار ما حدث هذا العام بين رودري وفينيسيوس جونيور، حيث فاز الأول بجائزة مجلة “فرانس فوتبول”، وتوج الثاني بعد أيام بلقب الفيفا في تناقض صارخ بين الجهتين حول المعايير المعتمدة في الاختيار، خاصة وأن الإنجازات كانت متقاربة بين اللاعبين، حيث فاز رودري بالدوري الإنكليزي وكأس الرابطة الإنكليزية والكأس السوبر الإنكليزي وكأس العالم للأندية إضافة إلى كأس أمم أوروبا مع منتخب بلاده، بينما توج فينيسيوس جونيور بلقب الليغا والكأس السوبر الإسباني والسوبر الأوروبي ودوري الأبطال.
المنتقدون لاختيار رودري من طرف مجلة “فرانس فوتبول” ركزوا على مدى تأثير فينيسيوس جونيور في نتائج فريقه بتسجيله 24 هدفا ومساهمته في 11 هدفا آخر، أما المعارضون لتتويج فينيسيوس جونيور بلقب “الأفضل” حسب الفيفا فقد ركزوا على فشل اللاعب مع منتخب بلاده مقارنة بدور رودري في تتويج إسبانيا بكأس أمم أوروبا، ودوره في تتويج السيتي بكل ألقابه سنة 2024، ولفتوا الانتباه الى سلوكيات اللاعب البرازيلي في مباريات الريال مع الخصوم والحكام والأنصار والتي كانت مثيرة للجدل مقارنة برودري الذي كان مثاليا، ومؤثرا في فريقه السيتي الذي تراجعت نتائجه في فترة غيابه الحالية بسبب الاصابة التي تعرض لها.
على الصعيد الإفريقي أيضا كان تتويج النيجيريان فيكتور أوسيمين سنة 2023 وأديمولا لوكمان هذا العام بجائزة أفضل لاعب في افريقيا محل انتقادات كثيرة خاصة في المغرب، بسبب حرمان المدافع أشرف حكيمي من اللقب بحسب تقدير الأسرة الكروية التي تعتقد أن حكيمي كان الأفضل بفضل تتويجه بالدوري الفرنسي وكأس فرنسا والكأس السوبر، إضافة إلى الميدالية البرونزية مع منتخب بلاده في أولمبياد باريس، بينما أحرز مهاجم أتالانتا الإيطالي النيجيري لوكمان على لقب الدوري الأوروبي مسجلا ثلاثية في المباراة النهائية ضد باير ليفركوزن واختير ضمن التشكيلة المثالية للبطولة.
الجدل لا يتوقف على اللاعبين بل يتعداه الى المدربين والفرق والمنتخبات في كل الاستفتاءات على مختلف الجوائز التي تبقى خيارات المعنيين فيها نسبية تستند على معطيات موضوعية وأخرى ذاتية غير ثابتة، وتخضع لمعايير يصعب حصرها ما دامت تقوم على التقدير أكثر من الأرقام الفردية والألقاب الجماعية، والا فكيف نفسر تتويج رودري بجائزة “فرانس فوتبول” وتتويج فينيسيوس جونيور بجائزة الفيفا، وكيف نفسر حرمان أشرف حكيمي من التتويج بالجائزة الافريقية لموسمين متتاليين رغم تألقه فيهما بشكل لافت مقارنة بأوسيمين ولوكمان!
حفيظ دراجي
إعلامي جزائري