ماذا قالت النائب ديمة طهبوب لوزير الداخلية مازن الفراية؟..
الدولة الرحيمة… مذكرات نائب
أرقام وأرقام لا تنتهي على مدى اسبوعين في نقاشات اللجنة المالية لموازنة الدولة، أرقام تفرح وأرقام تغضب وأرقام تتأرجح وأرقام تبقيك على حافة الأمل فهذه ليست أي أرقام إنها أرقام بلدك وبذا لا تكون في ذهنك أرقاما صماء وإنما حياة مواطنين ونهضة دولة واستقرارا وأمنا ورخاء
ويشاء الله أن نختتم الأسبوع بنقاش موازنة الداخليه، وكان النقاش لقليل من الأرقام وكثير من القضايا الكبرى التي تهم المواطنين وتنعكس على حياتهم وكفاءة أداء الوزارة بحضور معالي وزير الداخليه وفريق الوزارة
بصدر رحب استقبل معالي الوزير مازن باشا الفراية كل تعليقات النواب مع أن بعضها كان دسما وثقيل المضمون ولم يكن أقلها نقد التوقيف الإداري الذي ذكره بعض النواب بكثير من النقد كونه يتعارض بحسب المعايير العالمية الحقوقية مع العدالة وحرية وحقوق الانسان
كنت من ضمن المعلقين وألهمني الله أن أذكر معاليه بسنوات قريبة كان فيها من لابسي الفوتيك فكان اثباتا لماذا يقول الشعب الأردني "يابي قديش قلبي يحب الجيش" فلم يدع مريضا في الكورونا الا وأوصل له دوائه أو أوصله الى المستشفى ودفن مع الأهالي أمواتهم وكان فزعة لكل من انقطعت بهم السبل في زمن الكورونا
ثم ذكرته بقضية لأم قد اقعدتها الأمراض وكبر السن طرقت بابي بحثا عن ابنها المعتقل الذي طال اعتقاله دون معرفتها للأسباب
وقلت له معاليك ما يميز الأردن أنه دولة قانون ومؤسسات ودولة انضباط وأمن ولكنه ايضا دولة يجللها ويجلها الرحمة والرفق وهذا ما يجعلها تصمد لعواصف كثيره، ذلك العقد غير المكتوب بيننا ويجعلنا نحل كثيرا من مشاكلنا بالحكمة والموعظة الحسنة ونغلبها على الشدة وهذه هي الحكمة التي أجاب بها سيدنا معاويه عندما سأله اعرابي " كيف حكمت الشام أربعين سنة ولم تحدث فتنة والدنيا تغلي؟)، فقال معاوية: (إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها).
خرجت من اللقاء لموعد ولم أسمع رد الوزير على نقطة الاعتقالات الإداريه ولكن فتحت الهاتف بعد ساعتين لأجد ردا أجمل من كل الردود أبكاني وأبكى أم الشاب وأبكى كل من سمع رسالة الأم، وبالكاد صوتها يكاد يبين، تبكي لبشرى خروج ولدها وأنه سيقضي الليلة بين أحضانها وبين أسرته ويرى وليدته الجديدة لأول مرة
في هذه اللحظة من الفرج تذهب اعتبارات كثيرة في الخطأ والصواب والحساب، وتتقدم عندي فرحة الأم والزوجة والابنة والأخت وأستذكر ما تعلمته من اساتذتي في الجامعه الأردنية "إن العدالة ليست في نص القانون ولكنها في نفس القاضي"
ثم اعود خطوة واستذكر إن دولة كالأردن تستحق أن لا تبقى فيها ممارسة كالتوقيف الإداري تؤثر على تصنيفنا في معايير حقوق الانسان لان العدل والرحمة عندنا أصل وليست أمرا مستحدثا ولا ردة فعل
ثم أعود خطوة أخرى في ليلة الجمعه لاستذكر الدعاء العظيم “ اللهم اجعلنا سلما لأوليائك حربا على أعدائك نحب بحبك من أحببت ونعادي بعداوتك من عاداك من خلقك”
قد يقول قائل هذا واجب الوزير ولا يستحق شكرا، ولكن برأيي إن النائب الشجاع والانسان المنصف عموما هو من يستطيع أن يشكر كل بادرة خير وتصحيح كما يرفع عقيرته وصوته في نقد الأخطاء والمطالبة بالعودة عنها
ثم أعود للموازنة واستذكر اللجنة الماليه فأتذكر أن الأرقام يمكن أن تكون أخلاقية ورحيمة فقد سئل الخوارزمي عالم الرياضيات عن الإنسان فأجاب: اذا كان الإنسان ذا اخلاق فهو=1 واذا كان الانسان ذا جمال فأضف الى الواحد صفرا=10 واذا كان ذا مال ايضاً فأضف صفرا اخر=100 واذا كان ذا حسب ونسب فأضف صفرا اخر=1000 فإذا ذهب الواحد وهو الأخلاق ذهبت قيمة الإنسان.
أرأيتم؟ حتى دوامة الأرقام تأتي بالفرج وعندها أقول: هنا الأردن