استمرار الاعتصامات بلبنان

فرضت تظاهرات واعتصامات اللبنانيين المستمرة منذ تحو أسبوعين، أجندتها وأولوياتها على خطابات الطبقة السياسية في البلاد، دافعة جميع ممثلي الطوائف دون استثناء لمحاولة التناغم مع إيقاعها.
ووسط ترقب الشارع لحراك وتحركات النخبة السياسية، ما تزال الضبابية سيدة الموقف في ما يخص مستقبل الحكومة واتفاق "العهد". 
وفي الوقت الذي أعلن فيه زعيم حزب القوات اللبنانية، النائب سمير جعجع، فشل النخبة السياسية في تشكيل وإدارة الحكومات، ودعوته لحكومة من المستقلين والتكنوقراط، شدد أمين عام حزب الله حسن نصرالله على ضرورة أن تستعيد الحكومة المقبلة ثقة المواطنين وتلبي المطالب المحقة وأن تكون حكومة سيادية حقيقية بعيدا عن الإملاءات الأميركية.
ميدانيا شهدت العديد من الطرق الرئيسية في العاصمة بيروت ومحافظات صيدا وطرابلس، الجمعة، إغلاقات وفتح متوالي لطرق رئيسية، بين محتجين وقوات تابعة للجيش وقوى الأمن الداخلي، في الوقت الذي شهدت فيه ساحات اعتصام رئيسية في غير مدينة استمرارا للاعتصامات.
 
وأفادت مواقع محلية عن قيام شبان بمدينة صيدا مساء الجمعة بقطع الاوتوستراد الشرقي للمدينة بالقرب من مستديرة مرجان بالاطارات المشتعلة لبعض الوقت، حيث قامت قوات تابعة للجيش على إعادة فتحها .
 
واستأنفت البنوك اللبنانية عملها ،الجمعة لأول مرة، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية بمناطق مختلفة قبل نحو أسبوعين.
وأفادت وكالة "رويترز" أن عددا قليلا من العملاء اصطف عند فتح الأبواب، مشيرة إلى أنه "في أحد فروع بنك لوم، أحد أكبر البنوك اللبنانية، في شارع الحمرا وسط بيروت، دخل حوالي 10 عملاء إلى البنك، عندما فتح أبوابه بعد الساعة الثامنة صباحا، ثم ارتفع العدد إلى 20".
 
وفي السياق أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري تعميما  طلب فيه من جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات وأشخاص القانون الخاص الذين يقومون بإدارة مرفق عام والمحاكم والكتاب العدول، تطبيق الإجراءات والأصول التي نصت عليها القوانين والأنظمة النافذة.
 
بدوره أثنى زعيم حزب القوات اللبنانية، النائب سمير جعجع، على حراك الشارع اللبناني، واصفا إياه بالمختلف عن تحرك 14 آذار "لكونه لا يعبر عن خط سياسي معين، إنما تخطى كل الحدود والطوائف".
 وطالب جعجع خلال كلمة له بعد اجتماع تكتل "الجمهورية القوية"، الذي يرأسه، الجمعة بـ"خطوة انقاذية"، داعيا إلى "أخذ 17 تشرين كعامل جديد مستجد على الساحة"، وقال: "علينا الذهاب إلى حكومة تكنوقراط، لأنها الخلاص، وهي لا تعني حكومة مستشارين، بل حكومة إنقاذ من ذوي الاختصاص، فلو نجحت الحكومات السياسية لما لقينا هذا الرد من الشارع".
وأشار إلى أن "الحل البديل واضح، فإن استمر الوضع على حاله، فنحن ذاهبون إلى المجهول"، شاكرا "الجيش اللبناني والقوى الأمنية التي رفضت القمع، رغم كل المطالبات والضغوط".
وقال: "حاولنا تجنب ما حصل ابتداء من اجتماع بعبدا الاقتصادي، ولكن للأسف لا نتيجة، وسقطت الحكومة تحت وطأة الحراك"، مضيفا: "إن من مميزات التحرك الحالي أنه جاء "شفافا وصادقا".
في المقابل قال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، إن هناك من أراد استدعاء الشارع المقابل للاقتتال الداخلي، "لأن الجميع لديه سلاح فردي وكان مطلوبا من الشارع أن يحتدم".
وأضاف نصرالله خلال كلمة متلفزة بثتها قناة المنار التابعة للحزب، الجمعة، أن بعض وسائل الإعلام "كان محرضا على الاقتتال وخصوصا عندما يتركز الشتم والاهانة والتعرض للاعراض".
 وجدد نصر الله، اتهامه لبعض المحتجين بتلقي تمويل من جهات أجنبية. كما اتهم طرفا "بركوب موجة الحراك للقيام بانقلاب سياسي".
وتعليقا على هجوم أنصار محسوبين على الحزب وحركة أمل وسط بيروت، الثلاثاء الماضي، قال: "خرجت ردات فعل وهي محدودة جدا، فالعديد من القوى السياسية مارست جهدا للسيطرة على الشارع. ولو أننا تركنا الناس على سجيتهم لرأيتم ما قد يحصل"، مضيفا: "أنا لا أهدد بل أصف الواقع".
وقال: "همنا في الفترة الماضية كان عدم إسقاط البلد بالفراغ والفوضى خصوصا أمام من أراد ركوب الموجة، و كل هذا السباب والشتم أوجد نوعا من الغضب في العديد من الشوارع ، وما منع من الذهاب إلى الصدام هو البصيرة والوعي، هو ما تحلى به الكثير من اللبنانيين في كثير من المناطق" .
وحول اتهامه بالتهدبد قال نصرالله:" البعض سيدعي أنني أهدد، أنا أقول من يريد التعبير عن رأيه فهذا حق، لكن يجب التنزه عن إهانة الناس والشتم وعدم التحريض عليه وكل من يريد الفوضى والصدام بالشاع وبين القوى السياسية يجب أن نواجهه بالصبر وأن لا نحقق له رغبته أيا كانت الضغوط النفسية".
وأضاف بعد مضي نحو أسبوعين على التظاهرات،"بعد مضي أسبوعين على بدء الاحتجاجات في لبنان وما حصل من أحداث، يجب أن نسلط الضوء على بعض الايجابيات والبناء عليها وبفعل الكثير من الصبر والوعي والانضباط تمكن اللبنانيون من تجنب الوقوع فيما أراده البعض بالاتجاه نحو الفوضى والاقتتال الداخلي" .
وأكد نصرالله أن حزبه "أخذ بصدره مسؤولية منع انهيار البلد وطبعا ليس لوحدنا بل بفضل تعاون كثيرين في البلد".  
وفي سياق متصل، أوقف الأمن اللبناني الجمعة، مجموعة من المحتجين اقتحمت في وقت سابق مقر مبنى جمعية المصارف بالعاصمة بيروت.
وكانت مجموعة من المجتجين مكونة من 4 أشخاص، اقتحمت مبنى جمعية المصارف في منطقة الجميزة في وقت سابق الجمعة، وأقفلت الباب الرئيسي بسلسلة حديدية.
وموضحة أهدافها من تلك الخطوة، تلت المجموعة بيانا جاء فيه: "اليوم نحن في جمعية المصارف التي تحمي أموال السلطة السياسية، وتشكل حزبا طبقيا في وجه الفقراء"، مطالبة بتحويل "القروض السكنية والشخصية إلى الليرة اللبنانية، بحيث لا تكون الطبقة الفقيرة مرهونة للدولار".
لكن عناصر من قوى الأمن الداخلي حضرت إلى المكان، وقامت بإخراج المحتجين الذين اقتحموا المبنى وتوقيفهم، حسب إعلام محلي.