المتعطلون قنابل دخانية أم متفجراتية
.........
بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي
.......
لقد تابعت يوم أمس البث الذي أجراه النشمي وصفي معيوف الحباشنة على صفحته مع المتعطلين عن العمل في محافظة الكرك ،وهم الذين يتجمعون في كل ليلة امام دار المحافظة في منطقة المرج /الكرك للمطالبة بحقهم بالعمل .
لقد استمعت الى شباب يتحدثون بعلم وثقافة وطرح راقي ، شباب تعلموا ودخلوا الجامعات لكي يساهموا في بناء المجتمع وفي مساعدة أسرهم واهاليهم ، شباب يطمحون لأن يكوّنون بالمستقبل أسَرّ خاصة بهم لكي تساهم في استمرارية المجتمع والدولة .
الشباب المتعطلين في الكرك لا تختلف مطالبهم عن المتعطلين من سحاب واريد والعقبة والمفرق ، فهم يروون قصص عن حياتهم قبل ان يتظاهروا ويحتجوا ويطالبوا بحقهم من الدولة بتأمين وظائف لهم ، هم الآن قنابل دخانية تنزل الدموع من العيون .
لقد سمعت احدهم يقول انا هاجرت الى امريكا والى دول الخليج للبحث عن العمل ، ولكن يا للأسف لم اتمكن من الحصول على اي نوع من العمل نتيجة ضعف شخصية الدولة بالخارج ، فهي ليست معنية بنا نحن ابناء الحراثين والمسخمين ، وانما تهتم فقط بأبناء اصحاب الدولة والمعالي الذين لم يكلفوا أهاليهم اي فلس بدراستهم ، لا بل الدولة كانت تبتعثهم وهم في الخارج وتوظفهم بالسفارات ومكاتب الدولة الأعلامية والتجارية ، وتعطيهم رواتب اثناء دراستهم وتؤمن لهم الوظائف بعد إنهائهم للدراسة ، فيعودون موظفون بوزارة الخارجية او بالهيئات المستقلة او بعقود شراء خدمات خاصة.
من هم هؤلاء وماذا يختلفون عننا نحن ابناء الحراثين والفلاحين والمسخمين من عامة الشعب ، هم لا يعرفون معنى الشهادة والتضحية لأجل الوطن ، هم لا يعرفون الفقر والقهر والجوع وانقطاع الكهرباء والمياه ، هم لا يعرفون طلبات التنفيذ القضائي ولا مشاكل العلاج ومراجعة المستشفيات ، هم مواعيدهم تكون باليوم التالي ووظيفتهم باليوم الذي يليه ، وعلاجهم واطباءهم يحضرون لمنازلهم باللحظة التي يحتاجونها ،هم ليسوا مثلنا في مواعيد المراجعات المرضية لإنسداد الشريانات وضعف عضلات القلب التي لا نحصل عليها الا بعد مرور ما لايقل عن ستة اشهر ،وقد لا نحتاجها لأن الرفيق الأعلى هو من حدد موعد الأجل.
وأخيرا هؤلاء الشباب والطاقات المخزنة في هذا الزمن هم معول بناء إذا تم استثمارهم ،
فلا تجعلوا منهم قنابل متفجراتية
اللهم احمي شباب الوطن واجعلهم معول بناء لا معول هدم .