الاردن لم يقدم تنازلات عن الباقورة

ما إن أعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عن اطلاق سراح السجينين هبة اللبدي وإبراهيم مرعي من السجون الإسرائيلية قبل نهاية الأسبوع الجاري حتى تغير المزاج الأردني العام، الإعلان تزامن مع شعور "انتصار” حتى لدى الدولة على ما يبدو إذ ترافق مع زيارة تفقدية لقائد الجيش الجنرال يوسف الحنيطي المنطقة العسكرية في الباقورة، والتي تعد اليوم مكان انزعاج إسرائيلي مفترض بعدما طلبت عمان انهاء العقد التأجيري للاسرائيليين فيها.

وتحمل زيارة الحنيطي التي وصفت بـ "المفاجئة” ابعادا تأكيدية على ان عمان لم تقدّم تنازلات على الأقل في سياق تأجير الباقورة والغمر اللتين تطلب إسرائيل تمديد العقد التأجيري فيهما، ولجأت للقضاء الدولي لذلك، بينما يفترض ووفقا لما أعلنته الحكومة على لسان وزيرة الدولة لشؤون الاعلام والاتصال جمانة غنيمات ان تستلم عمان الأراضي بعد 5 أيام فقط.

ولا تزال العلاقات بين الأردن والإسرائيليين متوترة منذ مدة، الامر الذي تحدث عنه وزير الاعلام السابق الدكتور محمد المومني والذي كان قريبا جدا من الملف باعتبار الأردن عقدة لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، وان الأخير لا يحب الأردن ولا يريد التعاون معه، واصفا إياه بـ "الاحمق”.

ومن الواضح ان عمان فضّلت استخدام الاقنية الخلفية في التفاوض مع الإسرائيليين في ملفي اللبدي ومرعي، بدلا من اتخاذ إجراءات تصعيدية اذ اكتفت باستدعاء سفيرها لإسرائيل للتشاور، كما لم يعلن وزير الخارجية أكثر من تغريدة قال فيها ان السجينين سيعودان لعمان قبل نهاية الأسبوع الجاري، دون أي اشارة للترتيبات والحيثيات التي أوصلت للنتيجة المذكورة.

وأعلن مكتب نتنياهو لاحقا ان اللبدي ومرعي سيعودان للأردن مشيرا أيضا الى قرب عودة السفير الأردني لتل ابيب بالمقابل.

ورغم تسريبات صحفية لم يتضح بشكل قاطع بعد ان كانت الخارجية الأردنية قد ذهبت باتجاه صفقة مع الإسرائيلي المسجون لدى الأردن بعدما تسلل للحدود، أم ان المفاوضات خلصت لامر اخر، خصوصا مع ضغط الاعلام العبري أيضا على الحكومة الإسرائيلية لاتخاذ مواقف صارمة تارة مع الأردن باعتباره الشريك الأبرز بعد الولايات المتحدة، وتارة ضد الأردن باعتباره انهى العقود التاجيرية في الباقورة والغمر.

وأكدت تسريبات صحفية انه لن يتم تبادل سجناء مع المتسلل الإسرائيلي وان الأخير لا يزال يخضع للتحقيق لكن لا تصريحات رسمية في السياق.

ولكن ذوي المعتقلين قالا ان الصفدي نقل لهما ان اللبدي ومرعي سيعودان الخميس المقبل، وان عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني تدخل يوم الاحد بالقول انه يجب الافراج عنهما بأسرع وقت ممكن، وفق ما نقلته وكالة عمون المحلية.

بكل الأحوال، ورغم عدم اعلان التفاصيل حتى اللحظة، ألا ان الضغط الشعبي المطالب باطلاق سراح السجينين بالتأكيد ساهم في تقوية الموقف الأردني بأي نقاشات أو مفاوضات، إذ دشن الأردنيون تارة عاصفة الكترونية تطالب باستعادة مرعي واللبدي، إلى جانب وقفات نظموها كان اخرها امام رئاسة الوزراء الاحد الماضي لذات الغاية.

وبمجرد اعلان الصفدي فقد طالبت اللجنة الوطنية للأسرى بأن تواصل الخارجية جهودها لاستعادة 21 سجين اردني اخر موجودين في السجون الإسرائيلية. كما يطالب اردنيون بجهود مماثلة للافراج عن معتقلين لدى دول أخرى على رأسها السعودية، والتي تعتقل عشرات الأردنيين منذ شهور.

ويبدو المزاج العام المحتفي بالخبر لا يزال حذرا حتى رؤية اللبدي ومرعي يعودان سالمين رغم ان الانباء التي نقلها النائب خليل عطية من محامي اللبدي تؤكد ان الأخيرة فكت اضرابها المتواصل عن الطعان منذ نحو أربعين يوما بينما لم تتضح الحالة الصحية لمرعي والمصاب بالسرطان أصلا.

في الاثناء بدا رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أيضا محتفيا بتغريدة بإعلان استعادة السجينين، خصوصا وان الإنجاز المذكور يحسب لحكومته، التي تقف على اعتاب تعديل جديد في الساعات القليلة المقبلة، كما ان الإنجاز الأخير بالضرورة يعزز موقف وزير الخارجية الحالي الصفدي، ويزيد بشدة احتمالات بقاءه في منصبه.

وقد قدم وزراء حكومة الرزاز جميعا استقالاتهم الاثنين بانتظار اعلان التشكيلة الجديدة، بينما وحتى اللحظة بورصة الأسماء الخارجة والداخلة في التشكيلة لا تبدو تغير الكثير في المشهد الحالي، خصوصا بالوقت الذي تسابق فيه الحكومة أصلا الزمن في اعداد موازنتها للعام المقبل وتحفيز الاقتصاد قبل نهاية العام كمهلة منحها لها الملك.