عمل خزي وعار
حمادة فراعنة - الله لا يعطيه العافية، فقد سوّد وجوهنا أمام أنفسنا وأمام العالم، وأظهرنا بما ليس نحن فيه من خلال فعلته الشنعاء الهمجية التي استهدفت السياح الأجانب في جرش، وأننا عدائيون للآخر، متطرفون في تعاملنا، لا نحترم ضيوفنا، ولا ندرك مصالحنا وأولوياتنا، فبدلاً من تطوير مرافقنا السياحية، والارتقاء بخدماتنا، وتحسين مستوى تقديم أنفسنا كبلد سياحي لديه ما يشد العالم له ونحوه كما يتمنى الخبير أمجد مسلماني ويكتب محمد سميح رئيس جمعية المكاتب السياحية ، نقع في الفعل الدوني، وننزلق في متاهات العمل الإرهابي الخسيس.
انحطاط مكانتنا وسمعتنا بسبب هذا العمل الفردي المعزول، تم تعويضه بمجوعة من الظواهر والأفعال الإيجابية تمثلت بما يلي:
أولاً: أن الفعل ونتائجه لم تقتصر تداعياته على السياح الأجانب، بل استهدف رجال الأمن والسائق والدليل السياحي الأردنيين الذين تعرضوا للإصابة، مما دلل على أن هذا الفعل المتطرف استهدف الجميع. والأذى صابنا كما صاب الزوار الأجانب.
ثانياً: الاستنفار الرسمي من قبل كل الأجهزة المعنية من أمنية وطبية وعلاجية، ونقل المصابين بالمدى الزمني المتاح إلى المدينة الطبية، وتوفير أقصى قدر من الاهتمام أدى إلى التقليل من الضرر على حياة المصابين.
ثالثاً: حضور وزير الصحة سعد جابر شخصياً وتدخله المباشر كطبيب جراح في الإشراف والمساندة دل على مدى الإحساس بالمسؤولية من قبل الدولة الأردنية ورجالاتها وقياداتها، مما خفف من الإحساس بالغضب، وترك الأثر الطيب لدى السياح أنفسهم وعلى بعثاتهم الدبلوماسية عبر سفارتيهما في عمان.
رابعاً: تقديم المعالجة الحثيثة والاهتمام النوعي من قبل الخدمات الطبية وجهود مباشرة من قبل الطبيب اللواء عبد الفتاح أبو حويلة ساهم معنوياً وعملياً في حماية حياة المصابين وعدم تفاقم إصاباتهم.
هذه وغيرها من العوامل والتدخلات والخدمات هي التي عوضت عن الفعل الإجرامي لفرد متخلف سياسياً واجتماعياً ووعياً وخياراً، لم يجد حتى لدى والده سوى الاستنكار والرفض والتبرأ منه ومن فعلته.
لدينا ما نتباهى به ونعتز، رغم أن هذا الفعل، خرّب على الأردنيين فرحتهم بإطلاق سراح هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي ونيلهم الحرية، وتوجيه صفعة سياسية لحكومة المستعمرة الإسرائيلية ورئيسها الفاسد، ولكن الحياة ستتواصل بما تحمل من مآسٍ وفواجع، وبما توفر من نجاح وتقدم، واليوم علينا أن نستعيد وعينا وندقق نحو أهمية إنهاء الاستفادة الإسرائيلية من أراضي الباقورة والغُمر، وما تحمل من معنى أن معاهدة وادي عربة ومضامينها ليست مقدسة، ويمكن فكفكة محتوياتها طالما أنها لا تف بالتطلعات السياسية الوطنية والقومية التي راهن عليها من توصلوا لها، ونحن لا نلومهم الأن بعد خمسة وعشرين عاماً، فقد تكون دوافعهم في ذلك الوقت لها ما يبررها، وظروفها أملت التوصل إليها وفرضت التوقيع عليها، ولكن الظروف تغيرت، وأكبر تغير وأهم إعاقة لمسارها هو العدو الإسرائيلي نفسه الذي لم يحترم دوافعها، ولا يفهم الفريق المثلث الحاكم لدى المستعمرة الإسرائيلية الوصاية الهاشمية والرعاية الأردنية والمس بأقدس مقدسات المسلمين وحرماتهم المسجد الأقصى، ومقدسات المسيحيين كنيستي المهد والقيامة وما يتبع لهما. واحترام حقوق الفلسطينيين في الحياة والكرامة والحياة والاستقلال إضافة إلى المساواة والعودة.