الملك.. والحكومة.. والعشائر
د.رافع البطاينه
ما قام ويقوم به جلالة الملك في الفترة الأخيرة من مبادرات إبداعية متميزة تمثلت بلقاءات من نوع جديد؛ وهي اللقاءات مع العشائر وجها لوجه؛ كبديل للقاء المحافظات كنوع من التخصيص في اللقاء؛ بدلا من شمولية اللقاء من حيث عدد الحضور. هو تكريس وتأكيد للنهج الهاشمي الإنساني الذي ترسخ وتأسس عبر المئوية الأولى من عمر الدولة الأردنية القائم على التواصل والتحاور في شأن الدولة الأردنية بين القيادة الهاشمية وكافة أطياف العشائر الاردنية من كافة أصولها ومنابتها دون تمييز بين فئة وأخرى؛ وهذا ليس بجديد على الهاشميين الأبرار منذ تأسيس إمارة شرق الاردن ولغاية تاريخه عملا بقوله "وأمرهم شورى بينهم"؛ وهذا النهج والعلاقة الأبوية والأخوية تفتقده وتتمناه معظم شعوب دول العالم العربي والعالم الثالث؛ وربما بعض دول العالم المتقدم؛ ولذلك فإن هذا النهج والسلوك الإنساني هو سر تقدمنا ونجاحنا كدولة حافظت على وجودها وأمنها وانجازاتها؛ واستطاعت جذب أنظار العالم وان تكون دولة محورية على مستوى العالم بالرغم من التحديات المختلفة التي واجهتها ومحدودية امكانياتها الاقتصادية؛ فالدبلوماسيه التي يتعامل بها جلالة الملك وينتهجها هي الدبلوماسية الهادئه والمعتدلة مع كافة دول العالم دون تعصب او تحيز لطرف على حساب طرف آخر؛ وإنما الوقوف على مسافة واحدة من الجميع؛ والدولة التي تستطيع أن تبني علاقة متوازنة بين مثلث الأطراف وهم القيادة والشعب والحكومة حتما ستبني دولة قوية داخليا متماسكة بين بين كافة مكونات الوحدة الوطنية؛ لكن للأسف ما يضعف العلاقة بين هذا الثالوث الأردني هو حكوماتنا المتعاقبة؛ التي لم تستطع أن تلتقط الرسائل والتوجيهات الملكية وتترجمها على أرض الواقع؛ سواء بالنسبة لجودة الخدمات المقدمة للمواطنين؛ أو التواصل المستمر والتحاور معهم بكل مصداقية وانفتاح على أسس واضحة ثابته؛ وفق معايير العدالة والمساواة والحيادية المجتمعية؛ على أرضية ان الوطن للجميع؛ بعيدا عن عطايا الشعبويات والجهويات وتحقيق البطولات الزائفة؛ والتوسع في قرارات الظلم الإدارية والوظيفية إرضاءا للاقارب والأحباب والأصدقاء؛ فالزبد يذهب جفاءا؛ وأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض؛ لاحظوا الفرق بين النظام الهاشمي؛ الذي يجوب كافة مناطق وأحياء المملكة؛ وتجده في كل مكان؛ ويصل إلى مواقع ومناطق وعائلات لم تخطر على بال ايا منا؛ على الرغم من حجم مشاغله السياسية والدولية؛ وكما قال جلالة الملك في خطاب العرش الأخير أن كلا منا مسؤول عن أسرة بينما جلالته مسؤول عن شعب ووطن بأكمله؛ إن العشائر الأردنية كانت دوما ركيزة الأمن والنظام والاستقرار؛ وصمام الأمان للوطن والقائد؛ اما هذه الحكومة المتقوقعة في مكاتبها عالرابع؛ كنا نتمنى أن نراها في الميدان تجوب قرى الفقر في المملكة تتلمس أوجاع والأم الناس وهمومهم ومشاكلهم؛ ولكن هذا قدرنا أننا غير محظوظين بأي حكومة تلبي وتحقق طموحنا. فالحمد لله أن عوضنا بهذه القيادة الهاشمية الراشدة.