حزمة الرزاز وقاعدة “لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم”
حازت الحزمة الجديدة لتحفيز الاقتصاد والتي اعلنها رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز تساؤلات عدة بما حوته من احتمالات تحفيزية في السوق الأردنية، باعتبارها مجددا لا تستهدف المواطنين الفقراء والذين يحتاجون لتخفيضات في ضريبة المبيعات وعلى الأساسيات، ولكنها استهدفت قطاعي السيارات والعقارات والتي تعاني فعلا من ركود إلا انها لا تنتمي للطبقات ذات الدخل المتدني.
الحزمة ذاتها طرحت الكثير من التساؤلات باعتبارها تجتر بعضاً من القرارات التي اقرتها الحكومة ذاتها وتغيّر بعض تفاصيلها، إذ وبعد اعفاء حكومة الدكتور عمر الرزاز لسيارات الهايبرد من الرسوم، عادت وفرضت عليها الرسوم والضرائب، ثم وفي الحزمة الأخيرة قللت من نسبتها بصورة دعت الصحافي الاقتصادي المتخصص أنس ضمرة للاستهزاء بالقرار، باعتباره يقلل فقط من ضرائب فرضتها ذات الحكومة.
في ملف الإعفاءات والتخفيضات، لا يبدو ان الحكومة الأردنية حازت رضا الشارع رغم المؤتمر الصحفي والحلقة النقاشية التي تبعته، ولكنها على الاغلب رأت جانباً آخر من التقدير في الشارع وهي تعلن دمج هيئات مستقلة بالوزارات، بعد ارقام محلية تؤكد ان الهيئات والوحدات الحكوميّة المستقلّة، بلغ عددها في العام الجاري 57 مؤسّسة، وهي بمعظمها تقوم بوظائف تابعة لجهات أخرى.
"تفريخ المؤسسات في القطاع العام” لطالما كان سببا في زيادة الدين العام وخطوة الرزاز بالسياق تحسب له باعتبارها في الاتجاه الصحيح خصوصا اذا ما استطاع الاستمرار في المسار ذاته مع الكثير من المؤسسات والجهات الأخرى، دون اغفال التحديات الناجمة عن دمج موظفين مختلفين في الخلفية وفي الأداء كما هم مختلفون بالضرورة في الرواتب، اذ سلم الرواتب في الغالب اعلى في الهيئات المستقلة.
هنا ستبرز تحديات من الممكن مراقبتها ومراقبة الكيفية التي يتفاعل الرزاز معها والبداية بثمانية مؤسسات فقط قد تكون اشبه بجس نبض وبالون اختبار لما يمكن ان تواجهه الحكومة.
واحدة من الميزات الهامة لخطوة الرزاز أيضا كانت ان أظهرت وبصورة غير مسبوقة وزيرين من النوع المسالم والذي لا يبدو مشتبكا مع الاعلام والشارع هما وزيرة تطوير القطاع العام ياسرة غوشة، ووزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة، وهما شخصيتان تغيبان وبصورة تامة عن الأنظار منذ تعيينهما في منصبيهما.
ظهر الوزيران الاثنان في مناسبتين بعد اعلان الحزمة، وأعلنت غوشة عن تقييمات للاداء يفترض انها تحصل بعد الدمج ولهيئات مرشحة لدمج جديد، الامر الذي يمكن ان يشكل فارقا حقيقيا منتظرا في موازنات لاحقة.
في ملف الدمج، يصر المختص الدستوري الجدلي الدكتور نوفان العجارمة، والذي اقيل من منصبه بذات الحكومة كرئيس لديوان التشريع والرأي، بأن واحدة من الخطوات التي اتخذتها حكومة الرزاز غير دستورية وهي دمج الخط الحجازي بوزارة النقل، ولكن هذه ملاحظة بات من السهل على الحكومة الحالية إيجاد مخرج لها او حتى التراجع عنها ضمن القرارات التي تتراجع عنها بالغالب.
بهذه الصورة يظهر ان الحكومة تحاول حتى اللحظة اتخاذ خطواتٍ على طريقة "لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم” وفقا للمثل البدوي الشهير عن اتخاذ حلول وسطية وذات بعد متوسط الجرأة، وهو امر لا يعتبره المراقبون مجديا، اذ يصر رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق على ان الإجراءات اللازمة اليوم تحتاج إلى تخفيض ضريبة المبيعات بالإضافة الى إجراءات اكثر حزما وجرأة في مجال القروض والفوائد ليتحرك السوق فعلا.
مثل هذه الإجراءات لا يزال الأردنيون ينتظرونها بعد كل اللغط الذي ثار على خط الفقر في البلاد والذي لا تزال ترفض دائرة الإحصاءات العامة الإجابة عنه وهي تصر على ان الفقراء في الأردن لا يتجاوزون 8 الاف فقير، رغم ان عدد المتحصلين على المعونة الوطنية فقط من وزارة التنمية الاجتماعية تحصى اعدادهم بمئات الالف وتقترب الى مليون.