أكثر من فكرة لاستعادة الباقورة
عوض ضيف الله الملاحمه
يوم ٢٠١٩/١١/١٣ نَشرتُ مقالاً ، ، بعنوان (( الباقورة .. هل بيعتها .. مشروعة ؟؟ )) ، سَردتُ فيه بعضاً مما نعلم ، أما ما لا نعلم ، يبدو انه كثير ، والأيام كفيلة بكشفه . وفي نهاية المقال ، وجهت سؤالًا الى خبراء القانون الدولي من الأردنيين ، وهم كُثر ، ولديهم كفاءات شَهِد ، ويَشهد لهم بها العالم .
وقد سُررت لحصولي على ردود كثيرة من شخصيات مشهود لها بالاستقامة والإهتمام بالشأن العام ، وباحثين ، ومختصين في القانون ، حصلت على المعلومات بشكل مباشر او بواسطة بعض القراء الأعزاء ، الذين أفتخر بهم ، وهم الذين أكتب لهم أصلاً ، لأن لا غاية ، ولا هدف لي من الكتابة الا هدفين إثنين : أولهما : الغيرة على الأردن ، والوطن العربي ، وإسلامنا العظيم ، الذي تحاول جهات عديدة تشويهه ، وإختطافه ، والهدف السامي الآخر يتمثل بتشرفي في التواصل مع القراء الأعزاء ، المتميزون بوعيهم ، وصدقهم ، وثراء معرفتهم .
ولأن ما وصلني قيّمٌ ، ومهم ، كتبت ثانية حول الموضوع ، للمزيد من التوعية ، ولتحفيز الدولة الأردنية على عدم الاكتفاء بتحرير الباقورة المبتور ، والمنقوص ، والمشوه ، والمشبوه .
وهنا أوجز بشدة الآتي : أيدني الكثير بما طرحت في مقالي السابق ، بان ما بُني على باطل فهو باطل ، لان الانتداب البريطاني ، مَلّك الارض الأردنية لليهودي( بنحاس روتنبرغ ) ، وهذا لا يحق له ، لان من لا يملك ، أعطى من لا يستحق ، ولا يحق له التملك ، وتمليك الغير . ثم ان المجلس التشريعي الاردني آنذاك ، عام ١٩٢٦ لم يوافق ، لا بل رفض عميلة تمليك ارض الباقورة لليهودي روتنبرغ ، وهناك شروط كثيرة على عملية البيع ، منها ان لا يبيع للغير ، وان تستعاد الارض إذا لم يتم إقامة وانجاز مشروع الكهرباء خلال ثلاث سنوات ، وان لا يتصرف بالأرض قبل ثلاث سنوات ، لكنه خالف وباع الارض قبل ثلاث سنوات ، ولم يُقِم المشروع .. الخ . ووصلني رأيٌ قانوني آخر ، يتمثل في : انه لا داعي للجوء لمحكمة العدل الدولية ولا لغيرها ، لانه يحق للدولة الاردنية ان تتملك الارض ، بالاستملاك لغايات المنفعة العامة ، شريطة تقديم تعويض عادل لمن يتملكون الارض حالياً ، وهذا قانون سيادي ، لا يحق لأي جهة داخلية او خارجية الاعتراض عليه ، او الطعن فيه . كما ان اتفاقية وادي عربة ، اشتملت على نص بخصوص أراضي الباقورة ، ورد فيه تسميتهم بالمنتفعين ، والمتصرفين في الارض ، ولم يُسَمّْوا بالمالكين . كما لا بد من إيضاح ان المالكين السابقين لأرض الباقورة هم لبنانيون من ثلاث عائلات لبنانية معروفة هي : عائلة الصُلح ، وعائلة سرسك ، وعائلة ميقاتي .
وللعلم فان روتنبرغ من قيادات عصابات الهاغانا الصهيونية ، ومؤسس المركز اليهودي الأمريكي ، كما تبين ان للمشروع اهدافاً استيطانية ، حيث
طلب المعتمد البريطاني في عمان واسمه ( كوكس ) من رئيس الوزراء آنذاك ( علي رضا الركابي ) ان يصادق على المشروع ، لكنه رفض وقدم استقالته ، فشكّل ( خالد أبو الهدى ) حكومته الثانية ، ووافق على المشروع ، رغم الرفض الشعبي ، وتداعت الزعامات الوطنية الأردنية الى عقد اجتماع في عمان ، حضره شيوخ من : اربد ، ومعان ، والبلقاء ، والكرك ، والبدو ، ابلغوا فيه الحكومة بانهم لا يعترفون بأية معاهدة تعقدها ، وعمّت المظاهرات اربد ، والبلقاء تحديداً ، وفي كافة المدن الاردنية ،حيث نددوا بالمشروع ، واعتبروه مشروعاً صهيونياً محضاً ، الا ان الحكومة رضخت لضغوط المعتمد البريطاني وأقرت الامتياز ب ( ٦,٠٠٠ ) دونم ، بسعر ( ٣ ) جنيهات للدونم .
وهنا أجد انه لزاماً عليّ ان أُنَبِه الدولة الأردنية ، الى ضرورة إغلاق معبر الباقورة من جهة الأراضي المحتلة ، وعدم الإبقاء عليه ، وعلى اليهود المالكين إستخدام المعابر الرسمية الأردنية الأخرى ، سواء لمرورهم ، او لتصدير منتجاتهم ، وان تفرض عليهم كل أنواع الرسوم ، والضرائب ، حسب القوانين الاردنية ، فان فعلت الدولة الاردنية ذلك ، فحسناً فعلت ، وان لم تفعل ، فعليها ان لا تَجّْبُنْ ، وتتردد ، لان في ذلك منقصة أخرى للسيادة الاردنية ، فإذا كانت الحكومة ترضى بهكذا منقصة ، فإن كرامة ، وأنفة ، وكبرياء الشعب الاردني النبيل العظيم لا ترضاها .
للقراء الكرام ، من الشكر أجزله ، ومن الإحترام أوفره . وعلى الحكومة المترددة ، ضعيفة النهج ، فقيرة الإدراك ، ان لا تُهادن في موضوع الاستملاك ، لانه ربما في ذلك يكمن الهلاك .. طبعاً هلاكُها .