الملك... يقود المشهد العام
د.حازم قشوع - اعتاد العالم على مشاهدة حملة انتخابية بهدف التمثيل الشعبي في صنع القرار، واعتاد العالم على نمطية اداء انتخابي ورسالة وبرنامج بهدف حصد الاصوات، بينما لم يعتد العالم على مشاهدة ملك يعطي شرعية ولا يبحث عنها يعمل وفق برنامج للتواصل لا يسعى عبره للشعبية بل لرفع المعنوية.
البرنامج الملكي في التواصل يقوم على مبدئية علمية تقول ان شبكة التواصل الوجاهي اقوى من شبكة التواصل الاجتماعي في التأثير وفي رسم الاثر، وهذا مرده لان التواصل الوجاهي يقوم على امتلاك الحقيقة بينما تقوم شبكة التواصل الاجتماعي على الانطباعية، والتي غالبا ما يتم التأثير على دوائرها دوائر دولية ودوافع اقليمية، وهذا مرده لان الفضاء تمتلكه قوى التأثير ولا تستطيع اختزاله القوى الذاتية مهما امتلك من دوافع مقرونة بحقائق موضوعية..
من هنا، تأتي اهمية اللقاءات الملكية الوجاهية والتي يتم خلالها مناقشة كل القضايا الخدماتية و السياسية وتتبادل الاراء حول سلامة الاليات و ملاءمة الاجراءات في تقديم الخدمات وتشييد البنية التحتية، الامر الذي يجعل من جلالة الملك يقف عند كل قضية ويتعامل مع كل ملف و متابعة سير الاعمال الانتاجية والتشغيلية وتقييم الاداء الحكومي بناء عليها واتخاد القرارات من شأنها اما تصحيح الاتجاه او بتسريع للمسار، وهو النهج التشاركي الذي بات يشكل النموذج الاردني في تشاركية الاداء من اجل دعم مسارات التنمية في البنية التحتية ورفع معدلات النماء في البنية الفوقية.
ولان العلاقة الملكية الشعبية باتت تشكل تلك العلاقة النموذج في التعاطي مع القضايا المركزية والتعامل مع الملفات المحلية، فلقد عززت هذه الحالة من المنعة المجتمعية وشكلت عناوين هذه العلاقة النموذج الاردني بالتشاركية ونمت درجات الوعي السياسي الى درجات كبيرة نتيجة قرب الشعب الاردني من قيادته ومكانة المشاركة الشعبية في صنع القرار ومتابعته، وهو احد العوامل الهامة التي كان لها بالغ الاثر في تجنيب المجتمع من الانزلاق تجاه التجاذبات الاقليمية العميقة التي ألمت بالمنطقة وعصفت بمجتمعاتها.
فان طبيعة الظروف الاستثنائية التي تمر في المنطقة وصعوبة الحالة المعيشية والاقتصادية اقتضت ان يقوم جلالة الملك بقيادة المرحلة من منزلة رئيس السلطه التنفيذية، الامر الذي كان له طيب الاثر في تعزيز مناخات الثقة وفي وصول برنامج الاصلاح والتنمية الى استهدافاته كما شكل احد الروافع الاساسية في الاداء اضافة الى ما بينته في المقالتين السابقتين (الملك... رجل دولة بشهادة عالمية و رجل الدولة العالمي وعنوان الحل الاقليمي) حيث اجملت جميعا روافع حصول جلالة الملك عبدالله الثاني على جائزة رجل الدولة الدولية.