حكومات مارقة وشعوب نايمة وأختلال المعادلة ..



بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .
...............
أذكر عندما كنا صغارا كنا نسمع ونشاهد تفاعل الشعب الأردني على ما يحصل لشعوب الدول العربية المحيطة بنا والمسحوقة حقوقها بفعل الأنظمة الديكتاتورية التي كانت تحكمها او بسبب الاستعمار الذي يهيمن عليها  ، فمثلا كان الشعب الأردني ينتفض بكل مكوناته في كل من  المحافظات والبوادي والمخيمات عندما تصاب هرة او ينهدم حجر او تقلع شتلة اوشجرة في فلسطين المحتلة ، وكان أيضا يخرج بمظاهرات وينشد  النشيد الوطني الجزائري ، وكذلك كانت هناك مظاهرات واحتجاجات على ما يجري لبعض الشعوب الإسلامية في كل من روسيا وأفغانستان والهند والصين ، وكانت المظاهرات تخرج في بعض الأحيان عن السلمية وتتضمن  بعض انواع التخريب للممتلكات العامة والاغلاقات لبعض الطرق بالإطارات المشتعلة ، وكل ذلك كان بسبب ان الشعب الأردني كان يشعر بالظلم الذي يقع على هذه الشعوب بفعل حكوماتها او بفعل الدول المستعمرة. 

كانت آخر هذه المظاهرات والإحتجاجات عندما صار الغزو العراقي للكويت حيث انقسم الشارع ما بين مؤيد للقوة ولشعارات صدام حسين القومية وضربه إسرائيل بالصواريخ الباليستية من جهة ومن جهة اخرى  هناك من كان ضد إحتلال دولة عربية لدولة عربية أخرى . وزادت حدة المظاهرات عندما خرج الأمر والحل من ايدي الدول العربية وصار وقتها التحالف العالمي واحتلال العراق من قبل امريكا وحلفائها من العرب والعجم .

نحن الآن بالأردن شعب مسحوق وممحوق ومظلوم وعشعش فينا الفساد وصارت حكوماتنا حكومات صورية تفتقد الى الرجولة والولاية العامة ، حتى صارت سياساتها  تؤثر على الجنين ببطن أمه سواء كان بارتفاع سعر الحليب والادوية والمستشفيات والأطباء  .

كل هذه السياسات اوصلت الشعب الأردني الى الكآبة واليأس على نفسيات الآباء والأمهات ، حتى صارت تظهر عندنا الجرائم البشعة التي تقع ما بين الأصول والفروع ، فعندما يقتل الولد والده او العكس ،او عندنا يفقء الزوج عيني زوجته او يحرقها ، اويقتل بناته وأولاده ، وكل ذلك بسبب الفقر والقهر وانعدام العدالة الاجتماعية والوظيفية وبسبب ارتفاع نسبة الفساد في الحكومات التي خلفت اوضاع  إقتصادية اسوأ من سيئة .

حكوماتنا المارقة بدل ان تفكر في كيفية معالجة المشاكل الإقتصادية وحلها ، ووضع خطط طويلة المدى لإنقاذ الشعب والوطن ، فهي فقط تفكر في نهج التفنن بأنواع فن الضرائب ورفع الأسعار والتعيينات حسب المحسوبيات الخاصة .

 ولا ننسى شعبنا النايم والكسول الذي كان بالماضي متفاعلا مع الغير  ، أما الآن فإنه صار يتفاعل فقط باصابع يديه على هاتفه النقال ، هذا الشعب صار كلهم وجلهم محللون اقتصاديون للوضع الإقتصادي ، فهم منتقدون ومستنكرون فقط باصابع الأيدي .

والمصيبة والطامة الكبرى أن حكوماتنا المارقة تركت البحث عن الحلول الاقتصادية للدولة وصارت تهتم باعتقال الشباب الذي يشتمون ويخرجون عن طورهم بسبب حالات البؤس والكآبة من الحياة البائسة ، إن هذه الحكومة المارقة قامت باطلاق الوعود والحزم الكاذبة ، ومنع نشر كتب عن أبطال أردنيون يعشقهم الشعب الاردني أمثال مشهور حديثة الجازي بطل معركة الكرامة،  وصاروا يهتمون فيما بين الأسطر داخل الرواية ليحجبوا حقائق يعرفها الشعب الأردني ويقسم على صحتها. 
شعب نايم وحكومات مارقة معادلة مجتمعية تؤدي الى أسوأ الأحوال ما لم تتغير هذه المعادلة  ويعود الشعب الى ماكان بالماضي.