لماذا أحب الناس وصفي إنسانا ... ورئيسا للوزراء؛؛
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينه؛؛
أياما معدودات تفصلنا عن ذكرى استشهاد وصفي الرئيس والانسان؛ برصاص الغدر الذي يصادف يوم الخميس الموافق ٢٨/١١ وهي ذكرى سنوية يستذكرها الشعب الأردني كل عام بمشاعر الحزن والألم والتحسر؛ وعلى مدار العقود الخمسة الماضية كان وصفي حاضرا يوميا في كافة مفاصل حياتنا وشؤوننا العامة؛ والسؤال الذي يفرض نفسه على الطرح؛ لماذا أحب الناس وصفي ولم ينسوه على الرغم من العدد الهائل من رؤساء الحكومات الذي تعاقبوا على الحكومة من بعده؛ لقد أحب الناس وصفي لأن المنصب لم يغير سلوكه وتصرفاته وأسلوب تعامله مع الناس وخصوصا البسطاء منهم؛ وصفي كان مشروع دولة له رؤيا شاملة لكافة القطاعات والمجالات اللازمة للنهوض بالدولة الأردنية لمصاف الدول الحديثة التي تعتمد على مواردها الذاتية؛ وصفي كان بسيطا متواضعا متسامحا نقي السريرة صادقا منتميا وعاشقا للأردن؛ لم يغيره المنصب؛ كان عسكريا ومزارعا وتربويا وسياسيا؛ ولذلك تمرس العمل العام من كافة جوانبه؛ وهذا أهله للتعامل بحرفية مع المواطنين؛ ومع إدارة شؤون الدولة؛ كان الناصح الأمين للقيادة السياسية في الأردن؛ لم يغريه ولم يجذبه ويشده بريق الكرسي أو المنصب؛ كان همه الأول توفير حياة حرة آمنه وكريمة للأردنيين يلمسونها فعليا على أرض الواقع بعيدا عن التنظير والتسويف والوعود الخادعة الممزوجة بالتخدير؛ وصفي مارس ولايته العامة الدستورية على السلطة دون تردد أو خوف او مجاملة لأي كان؛ كان يفرج عن الناس ولا يعتقلهم؛ يسامح ولا يحقد؛ يواجه الناس ويقابلهم ويستمع لمطالبهم ولا يتهرب منهم؛ بيته ومكتبه مفتوح لكل الناس على مدار الساعة؛ كان يتعامل بسياسة الباب المفتوح؛ ليس لديه حرس ولا موكب لمرافقته؛ كان يميز بين الحلال والحرام في المال العام؛ كان يحرث ويزرع أرضه بيديه دون الاستعانه بأي عامل أو موظف حكومي؛ لم يذكر أن تعسف يوما بسلطته او ظلم أحدا؛ أو أخذ قرارا ضد مصلحة الشعب الأردني؛ كان عادلا بالحكم همه تحقيق المساواة في الدولة الأردنية بين الجميع؛ لم يكن يوما ما اقليميا أو جهويا أو شعبويا؛ لا بل كان لكل الأردن من شرقه إلى غربه؛ ومن شماله إلى جنوبه؛ كان ضميره حيا ويخاف الله؛ لم يسمح للفساد أن يحجز له موطيء قدم او يتغلغل في مؤسسات الدولة الأردنية؛ وصفي لقد عدلت فأمنت فاستشهدت مرتاح الضمير؛ فأزعجت وأتعبت وأوجعت كل الرؤساء من بعدك؛ لأنهم عجزوا أن يجاروك أو يقلدوك؛ لأن الظلم أصبح من سلوكهم؛ والجشع من صفاتهم؛ والاقليمية البغيضة مهنتهم؛ والكذب ملحهم؛ والفساد من إنجازاتهم؛ ووو... وكل القيم النبيلة ليست من اهتمامهم ولا تعنيهم؛ والولاية العامة ليست طموحهم؛ ديدنهم الظهور الإعلامي والتهافت على الولائم والجاهات؛ والشعب والوطن آخر همهم؛ وهدفهم تجميع اكبر قدر من الثروة؛ قبلتهم دابوق؛ ومسجدهم المكتب المكيف المحصن؛ أبوابهم مغلقة؛ تحرسهم وتنظم أعمالهم سكرتيرة؛ يتسابقون ويتباهون بمن عين أكثر من زبانيته؛ وصفي حكاية عشق وطنية؛ ورواية أردنية طويلة لا تنتهي؛ غادرنا مديونا وجيبه فارغا؛ نم يا وصفي قرير العين؛ فما زلت عايشا فينا ولم تغادرنا؛ والكل يترحم عليك؛ مقعدك ما زال شاغرا لم يجرؤ أحد على إشغاله؛ نعم أحببناه بفطرتنا وبعفويتنا ؛ وسنبقى نحبه ما حيينا؛ لأننا لم نجد البديل المكافيء لكل صفاته؛ فهل من متعظ غيور من الرؤساء والمسؤولين الحاليين والقادمين؛ نأمل ونتمنى ذلك.