العجارمة : نقل إدارة الخط الحديدي إلى الأوقاف
قال رئيس ديوان التشريع والرأي السابق والخبير القانوني الدكتور نوفان العجارمة إن الحكومة اتجهت إلى فكرة نقل ادارة خط الحديد الحجازي إلى وزارة النقل بدلاً من دمج الخط بحد ذاته.
وأضاف العجارمة في منشور عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن "الدمج له مفهوم قانوني ويعني انهاء الشخصية الاعتبارية للمؤسسة المندمجة ( وهي الخط) وإدخالها في شخصية المؤسسة الدامجة ( وهي وزارة النقل) ، وقد طبق مفهوم الدمج تشريعا في عدة سوابق في قانون اعادة قانون إعادة هيكلة وزارات ومؤسسات ودوائر حكومية لسنة 2013 وتعديلاته ، وكل عمليات الدمج اسفر عنها انهاء الشخصية الاعتبارية للمؤسسة المندمجة ، لذلك اشرت في المنشور السابق بان الخط الحديدي الحجازي وقف اسلامي عام ذو شخصية حقوقية وذمة مالية مستقلة ولا يجوز دمجه في غيره ، ولابد من الابقاء على الشخصية الاعتبارية للوقف".
وتابع "تترخص الحكومة في اختيار افضل السبل والوسائل لإدارة هذا الخط ، ولا يوجد عليها قيد في هذا الشأن ، سواء اختارت اسلوب المؤسسة العامة في الادارة ، او اختارت الاسلوب الاداري المباشر عن طريق وزارة النقل او غيرها ، فالإدارة شيء و الشخصية الاعتبارية للوقف امر آخر مختلف".
ولفت إلى أن "للوقف ذمة مالية مستقلة يستمدها من القانون مباشرة ، والامر لا يحتاج الى تعديل قانون النقل للقول بضرورة انشاء حساب خاص، فالذمة المالية المستقلة الناتجة عن تمتع الخط بالشخصية الاعتبارية كافية لذلك ، سواء تعلق الامر بالجانب السلبي للذمة المالية (الالتزامات) او الجانب الايجابي (الحقوق)".
وشدد على أن "هناك اتفاق دولي ملزم للدولة الأردنية بشان الخط الحجازي هو (اتفاق إعادة تسيير الخط الحجازي بين السعودية والأردن وسوريا) فقد تم ابرام اتفاق موحد سمي بالاتفاق الموحد لإعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي وادارته واستثماره وقد تمت المصادقة عليه بقانون وهو قانون تنفيذ الاتفاق الموحد لإعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي وادارته واستثماره رقم 65 لسنة 1966 وقد نصت المادة (2) من هذا القانون على: يعتبر الاتفاق الموحد لإعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي وادارته واستثماره الملحق بهذا القانون والمعقود ما بين حكومة كل من المملكة الاردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية في دمشق في اليوم السابع والعشرين من شهر ايار سنة 1966 الموافق للسابع عشر من شهر صفر / 1386 هجرية صحيحا ونافذا بالنسبة لجميع الغايات المتوخاة منه".
وأشار إلى أنه "وبالرجوع الى احكام هذا الاتفاق نجده ينص في المادة (2) منه على: الخط الحديدي الحجازي بسائر فروعه وتمديداته وحقوقه واملاكه وامتيازاته وقف اسلامي عام ذو شخصية حقوقية وذمة مالية مستقلة وهو يشكل بهذه الصفة وحدة كاملة غير قابلة للتجزئة .كما نصت باقي المواد على كيفية ادارة هذا الخط والمحافظة على امواله والتزام كل دولة بهذا الشأن، وهناك هيئة عليا للخط لها اختصاصات ادارية وتنظيمه بشان ادارة الخط وتسييره".
وأكد ان "الاتفاقية الدولية المذكورة أعلاه تسمو في تطبيقها على التشريعات الأردنية في حال تعارضها معها، فهي الأولى بالتطبيق، وهذا ما استقر عليه الاجتهاد القضائي الاردني حيث تقول محكمة التمييز الاردنية في الدعوى رقم 2353/2007 (هيئة عامة) تاريخ 8/4/2008 - منشورات مركز عدالة على: أن الفقه والقضاء أجمعا على أن الاتفاقيات الدولية التي تبرمها الدول هي أسمى مرتبة من القوانين المحلية لهذه الدول وأن هذه الاتفاقيات أولى بالتطبيق ولو تعارضت نصوصها مع القانون الداخلي لديها، كما أن تطبيق الاتفاقيات الدولية والقوانين من اختصاص القضاء دون أن يترك لأطراف الخصومة اختيار الاتفاقية أو القانون الذي يرغبون فيه لأن ذلك من متعلقات النظام العام ويشترط في ذلك أن تكون الاتفاقيات والمعاهدات الدولية قد مرت بمراحلها الدستورية في البلد..))".
وبين أن المادة (3) من قانون الخط الحجازي الأردني وتعديلاته رقم 23 لسنة 1952 تنص على: ((يعتبر الخط الحجازي الأردني وقفاً إسلامياً ومؤسسة عامة ذات شخصية حقوقية واستقلال مالي مرجعها الأعلى رئيس مجلس الوزراء وتعفى جميع معاملاته من كافة الرسوم والطوابع )) أي ان المشرع استخدم صفتين للخط (وقف اسلامي) و (مؤسسة عامة) ولا اشك ان هذا التعبير مقصود لذاته وهو حتى يستفيد الوقف من كافة مزايا و اسلوب ادارة المؤسسات العامة ، والذي يتميز بأسلوب اللامركزية المرفقية ، وبالتالي فان المشرع اعطى ميزة اضافية لهذا الخط ، لا تتوافر لأي مؤسسة او وزارة في الدولة الاردنية فهو (وقف) ولكن هذا الوقت له ادارة مختلفة حيث اوجب ان يدار بأسلوب المؤسسة العامة والذي فيه استقلال كلي عن القرار الحكومي المباشر.
وأوضح "مما يؤكد ما ذهبنا اليه ان المشرع نحى وزارة الاوقاف جانبا عن ادارة هذا الخط على الرغم من كون هذه الوزارة متوليا عاما للوقف وفقا الاحكام المادة (1247) من القانون المدني الاردني والتي تنص على : مع مراعاة شروط الواقف تتولى وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الاشراف على الوقف الخيري وتتولى ادارته واستغلاله وانفاق غلته على الجهات التي حددها الواقف)) فاذا ولابد نرجع الامر الى اهله وهي وزارة الاوقاف ؟؟".
وختم العجارمة قائلا "من نافلة القول ، بان هذا الخط تم بناؤه بناء على نداء وجه من السلطان عبد الحميد لكافة الاقطار الاسلامية في عام 1910 ، وقد تم جمع التبرعات من كافة البلاد التابعة للدولة العثمانية، لذلك اعتبر هذا الخط (وقف اسلامي) وليس مجرد وقفا خيريا عاديا..!!".