فنان سيىء الصّيت
فارس الحباشنة -في الاردن ما نقصنا غير جلب فنانين هابطين ممنوعين من الغناء في بلادهم. كل شيء على ما يرام، السياسة بخير، والاقتصاد عال العال، والمجتمع برفاهية غير مسبوقة، والتعليم في اعلى المستويات والتنافسية، والشارع يخلو من الاعتصام والاحتجاج المطلبي والمعيشي، والبنى التحتية مرتاحة ومتماسكة، ورواتب الموظفين لا يعرفون كيف ينفقونها؟
كل الامور العامة تمام التمام، ولا ينقص هذه الصورة النموذجية غير فنان يغني للحشيش والمرغوانا، ويصدع اسماع الاردنيين على بالتفاهات.
ومن بعد لم ينخر عقول ووجدان الاردنيين ما يضرب بنا من دعاية واعلام اقليمي واممي موجهة للبلاد العربية والهويات الوطنية. ولم يسطُ على ذائقة الاردنيين بما هو تافه بالثقافة والفن الفكر والاعلام والسياسة ايضا.
كيف لم نفكر بيوم من الايام أن يكون فنان بهذا المستوى من الرداءة ضيفا على جامعة؟ كنت اتصور قبل ذلك أن تكون الدعوة لحضور محاضرة لادونيس أو علي حرب او سمير امين وطه عبدالرحمن.
الاردن كان في نهايات القرن الماضي عاصمة غير معلنة للثقافة العربية. ومنتدى شومان يعج بالضيوف العرب من فلاسفة ومفكرين وادباء وشعراء، وكان مهرجان جرش في سابق عهده حاضنة للفن والفكر والابداع العربي.
ليتني لم اسمع خبر دعوة الفنان اياه للاردن! وليتني بقيت أتذكر صورة الجواهري في حضرة الملك الراحل الحسين يلقي أجمل وأبرع قصائد الشعر العربي المعاصر يا سيدي اسعف فمي.
لربما أن جالب وداعي الفنان اياه يريد القصاص من الاردنيين، ونعم القصاص حتما عندما يكون العقل الباطن مهزوما ومضروبا. هذه من أعتى المؤامرات على العقل والذائقة الجماعية، اجيال من الشباب مسلوبة السؤال والارادة.
الفنان صورة مجازية عن انهيار الفن والثقافة والفكر، وانهيار اكبر للذائقة العامة. هي صورة تعكس العجز والانحطاط والضعف، ودون اتهام عدو خارجي إنما دودنا من عودنا.