القرار قراركم.. وأنتم الأبطال منبر الجمعة.. رسالة وفاء للأبطال الذين صنعوا المجد
بقلم: عوني الرجوب
باحث وكاتب سياسي
في هذا اليوم المبارك، يوم الجمعة الذي تتنزّل فيه الرحمات، نقف مع أنفسنا وقفة تأمل واعتزاز، نستذكر فيها معنى الصبر والثبات، ومعنى أن تكون للأمة كلمة تُقال بصدق، وفعلٌ يُكتب بالدم لا بالحبر.
سلّمناكم القول والفعل، لأننا نعلم أنكم الأصدق في الميدان، والأدرى بحقائق الحرب ومعادلاتها.
أنتم من يقفون على الثغور، تزنون الموقف بميزان الدم والكرامة، وتعرفون متى تُرفع الراية ومتى تُضم، ومتى يكون الصمت أشد وقعًا من الصيحات.
نثق بكم لأنكم لا تبحثون عن مجدٍ شخصي، ولا عن دنيا زائلة، بل عن نصرٍ يُكتب للأمة جمعاء.
فإن اخترتم المواجهة، فأنتم النصر بعينه،
وإن اخترتم الهدنة، فأنتم الحكمة التي تحفظ ما تبقّى من القلوب والأرض.
فكل قرارٍ يصدر من الميدان هو قرار الأمة، وكل خطوة تخطونها هي على درب العزة والكرامة.
أما نحن، فقلوبنا معكم ودعاؤنا يسبقكم،
لن يخذلكم من بيننا إلا منافق معلوم، أو جبان فقد صوته، أو خائن باع ضميره للهوان.
أما الشرفاء، فهم معكم في كل سجدة، وفي كل دمعة أمٍّ تنتظر، وفي كل فجرٍ يعلو على الركام مبشّرًا بأن الحق لا يموت.
ولا تعيروا بالًا لأصوات التشويش، أولئك الذين يراقبون من بعيد بعيدًا عن قلب المعركة، ويزعمون أنكم استسلمتم ورفعتم الراية البيضاء.
هؤلاء لم يعرفوا للمقاومة إلا اسمها، ضاقت بصبرها عقولهم، فقد اعتقدوا أن حماس وغزة لن تصمد، وأن معركتكم مجرد تمثيلية لا حقيقة لها.
ولكن عندما فرضتم على إسرائيل الدخول في مفاوضات، انقلبت أقوالهم وتلونت مواقفهم، فتعجبوا قائلين: “أين النصر الذي حققته المقاومة؟”
ولا يدركون أن العدو لم يفلح في تحرير أي أسير بالقوة، بل كان صبركم وإرادتكم هما الكلمة الفصل، وأن العالم اليوم كله يعلم أن غزة هي رمز العزة والكرامة للأمة العربية والإسلامية.
لقد علّمتمونا أن البطولة ليست في السلاح وحده، بل في الثبات، وأن النصر ليس وعدًا مؤجلًا، بل إيمانٌ متجدد بأن ما ضاع حق وراءه مقاوم.
سلامٌ على من في الميدان،
سلامٌ على من اختار العزة طريقًا،
وسلامٌ على من جعل من جمعة الصبر عنوانًا لكرامة أمة بأكملها.
اللهم انصر عبادك الصادقين، وثبّت أقدامهم، واحفظهم بعينك التي لا تنام،
واجعل دماءهم نورًا يبدّد ظلام الطغاة،
واجعل من ثباتهم بشارة فجرٍ قريبٍ تُرفع فيه رايات الحق على أرض الأنبياء