من بعدي الطوفان... !!!
م. هاشم نايل المجالي - لقد اصبحنا في ظل الصراعات والحروب والتشرد والتشرذم الذي يعصف بالمنطقة، وكأننا نبحر في بحر ليست له نهاية على مرمى ابصارنا ونفعل كل شيء مخالف لقوانين البحر والتأقلم مع موجاته ونتحكم بالشراع وفق الرياح.
فالبحر لم يكن حينها غادراً بل من فعل ايدي مسؤوليها قبل ان يفعل البحر فيها اي شيء، وعندما غرقت تلك الدول في مستنقع الحروب لم يعد لذلك البحر ان يفرق بين الدول والدول المحيطة بها فهو سيحطم كل شيء.
فنحن جميعاً نعتمد على اكتاف بعضنا البعض، وصرنا اكثر انانية والبحر سيغرق الجميع، والجميع يضع بصماته على جرح غيره، واجاد اللعب بتلك الاوجاع والالام دون اي رحمة ولكنهم ايضاً لا يرون سوى ما ارادوا ان يروه، ولا يسمعون سوى ما يستهويهم ان يسمعوه، واصبحت المنطقة شائكة بالازمات وتصدير الحروب والتشرذم.
والبعض تسكنه الكثير من النواقص القيمية والاخلاقية، فهم يعتبرون نضوجهم ونموه يجب ان يكون على رفات غيره من شعوب تلك الدول المحطمة الغارقة في ذلك البحر وذلك الطوفان.
فلقد ضلوا عن الحق وضل الحق عنهم، فكيف لهم ان يلتقيا بعدما سلكوا طريقاً آخر اكثر ضلالة، واصبحت النقاط متباعدة اكثر فأكثر يوماً بعد يوم، فكيف الشفاء عندما تتلوث الجراح، فاصبحت تلك الدول سائرة بمبدأ انا ومن بعدي الطوفان، فهل ستنجو سفنهم، ام سيقدر لها الغرق عندما تضيع البوصلة عن الاتجاه الصحيح، فيظنون ان بسياستهم الجديدة طرق النجاة من ذلك الطوفان، ولا يعلمون انها ستؤدي بهم الى الهلاك.
ان فقدان الذاكرة السياسية لدى البعض اصبح ميزة شائعة لكثرة التقلبات والمتغيرات الدولية، واصبحت المواقف السياسية تتغير بين الصباح والمساء نتيجة سرعة التطورات، وهذا الضياع هو نتيجة التشتت السياسي والاجتماعي لدى المكونات الداخلية، وانعدام الرؤية الوطنية الجامعة، ورغبة كل طرف التخلص من الطرف الآخر، ولا احد يستطيع الحفاظ على موقعه او تحقيق تطلعاته كما يريد بل هي الدخول في عملية مراهنات في الوقت الضائع.
حمى الله هذا الوطن في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة.