هل غيرت الأونروا موقفها بشأن المجاعة بعد اتفاق غزة؟
بالتوازي مع إعلان خطة ترامب الشاملة لإنهاء الحرب في غزة، استمرت آلة الدعاية الإسرائيلية في نشر الأكاذيب والادعاءات المضللة على منصات التواصل الاجتماعي حول حقيقة الوضع الإنساني في القطاع المحاصر.
فبعد ساعات فقط من اتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار، تداولت حسابات رقمية نصا منسوبا إلى المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليبي لازاريني، قال فيه "لم تكن هناك مجاعة في غزة".
وأعادت الحسابات الرسمية الإسرائيلية تداول هذا التصريح على نطاق واسع واسع، مروجة رسالة مفادها أن "لازاريني اعترف بعدم وجود مجاعة، وأن هناك ما يكفي من الطعام للجميع لمدة 3 أشهر، وأن الجوع الحقيقي هو جوع الرهائن الإسرائيليين".
انتشار الادعاء
في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2025، نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية مقطع الفيديو للمرة الأولى على حساباتها الرسمية بمنصات إكس وإنستغرام وفيسبوك (مؤرشف) ويتضمن التصريح المنسوب لمفوض وكالة الأونروا.
وشاركت حسابات إسرائيلية رسمية وأخرى مشبوهة في تداول المقطع على نطاق واسع مصحوبا بالتصريح المزعوم نفسه.
هجوم متزامن ضد الأونروا
وسرعان ما رافق الفيديو اتهامات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين على منصة "إكس" ووصفها بأنها "إرهابية" بدلا من "منظمة إنسانية" ومزاعم أخرى بأنها "اتهمت إسرائيل لسنوات بتجويع غزة على غير الحقيقة، بينما كانت تمتلك كل هذا الكم من المساعدات الإنسانية".
في حين غرد آخر: "الأونروا لا وجود لها بدون الصراع، يواصلون البقاء من خلال تأجيج الكراهية، ونشر الأكاذيب، ودعم الإرهاب، كل ذلك بتمويل من دافعي الضرائب الغربيين"، إذ اتخذها آخرون ذريعة للمطالبة بإغلاق وكالة الأونروا إلى الأبد، وهي الاتهامات نفسها التي استهدفت المنظمة منذ بداية الحرب على غزة.
ونشر حساب (Isaac) على منصة إكس: "مفوض عام الأونروا يعترف بأن حملة المجاعة في غزة كانت كاذبة".
حقيقة تراجع الأونروا
وبمراجعة تصريحات لازاريني منذ التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تبين أن الحسابات الإسرائيلية الرسمية تعمدت تحريف تصريحات مفوض عام الأونروا، فضلا عن توظيفها في سياق مضلل لإنكار المجاعة في غزة، بحسب الجزيرة.
وذكر لازاريني في تغريدة له بمناسبة الاتفاق الذي تم التوصل إليه لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن: "لدى الأونروا مواد غذائية وأدوية وإمدادات أساسية أخرى جاهزة لدخول غزة، وهي كافية لتوفير الغذاء لجميع السكان للأشهر الثلاثة المقبلة".
تحريف وتلاعب بالسياق
ويعزز هذه التصريحات ما نشرته الأونروا في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول على حسابها بمنصة "إكس"، جاء فيه "يمكن وقف المجاعة في غزة، لدى الأونروا ما يكفي من الغذاء لجميع سكان غزة لمدة 3 أشهر، وهي جاهزة خارج القطاع، ولديها نظام قائم لتوزيع المساعدات بأمان وعلى نطاق واسع".
في حين تبين من خلال البيانات الرسمية للوكالة أن الإمدادات المتوفرة لديها تشكل نحو نصف مساعدات الأمم المتحدة الموجودة حاليا في مستودعات المنظمة في مصر والأردن، مما يعني أنها خارج غزة، على عكس ما روجت له الحسابات الإسرائيلية.
وذكر القائم بأعمال مدير شؤون الأونروا في غزة، سام روز، في تصريحات للقناة الرابعة البريطانية مؤخرا: "لدينا ما يكفي من الغذاء لجميع سكان غزة لمدة 3 أشهر، وبطانيات وخيام لمئات الآلاف، وأدوية لتشغيل العيادات الصحية"، مضيفا: "كل ما نحتاجه هو رفع الحظر عن إدخال هذه المساعدات".
الوضع الإنساني بالقطاع
وفي 22 أغسطس/آب الماضي، أعلنت الأمم المتحدة وخبراء دوليون رسميا للمرة الأولى تفشي المجاعة على نطاق واسع في قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها المجاعة بمنطقة الشرق الأوسط، ولم يتم التراجع عن هذا الإقرار بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة من أي وكالة أو منظمة أممية، بما فيهم الأونروا.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش آنذاك أن المجاعة في غزة كارثة من صنع الإنسان، وفي السياق، قال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إن المجاعة في غزة نتيجة مباشرة لإجراءات الحكومة الإسرائيلية.
وفي مقابل التأكيدات الأممية بتفشي المجاعة في غزة، ادعت الخارجية الإسرائيلية أن تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي يستند إلى سمتها "أكاذيب حماس"، كما ادعت أن تقرير منظمة الصحة العالمية "مفبرك ومصمّم ليلائم الحملات الدعائية لحماس"، وأنكرت أن يكون هناك تجويع في القطاع.