هل تنسحب أمريكا من الشرق الأوسط بسبب الرعُب من "المارد الصيني" ..؟؟ بقلم / فارس الحباشنة
يبدو أن استراتيجية واشنطن في المنطقة تتغير وتتبدل. ان الشرق الاوسط ما عاد بالنسبة للامريكا بذات الاهمية الاستراتيجية السابقة. عين واشنطن الاستراتيجية تحدق أكثر نحو الخطر الاعظم القادم من الصين.
ليس من الاهمية على جدول الاستراتيجية الامريكية الحرب في سورية ولا الاحتجاجات الشعبية العراقية واللبنانية والايرانية. السياسة الامريكية الترامبية تتعامل مع الشرق الاوسط بمنطق لملمة بقايا الاوراق، وتعدي مخلفات مغامرات جورج بوش الابن في العراق وحروب الارهاب.
واشنطن وموسكو وزعا الادوار بينهما، فالروس الان معنيون أكثر استراتيجيا بادارة الملف السوري واللبناني، فموسكو هي اللاعب الاساسي الذي كسب كل الجولات، بدا ذلك في قدرة الروس على ادارة كل التقاطعات مع اللاعبين الرئيسيين في الازمة السورية، المباشرين ايران وتركيا وغير مباشر اسرائيل، بالاضافة لتقديم ضمانات لواشنطن برعاية أمن اسرائيل.
مفاوضات المعارضة السورية تحت الرعاية الروسية. والكلمة الاولى والاخيرة لموسكو التي جمعت كل الفرقاء السوريين للتحاور والتباحث حول صياغة دستور توافقي سوري جديد.
واشنطن لربما تحتفظ بدور بعيد في الحل النهائي للازمة السورية. ولكن لم يعد يهمها بشكل مباشر الترويج لمفرداتها السياسية المستدامة في الازمة السورية : بقاء او رحيل الاسد، ولا ازمة الاكراد، ولا تقسيم سورية، وحتى مصادر النفط في الشرق السوري بعدما وضعت سيطرتها عليها سلمتها الى موسكو.
النفط اهميته الاستراتجية في أفول، وامريكا لديها ما يكفي من نفط وصخر زيتي. وما عاد النفط يحتاج الى حماية امريكية، ولا واشنطن ستقود حروبا لحماية النفط والسيطرة عليه، يعني حروب الطاقة في العالم الجديد قد انتهت.
ولم تكن واشنطن معنية كثيرا برفع مستوى التوتر والتصعيد مع ايران بعد انفجار ناقلتي النفط في بحر عمان. الكلام الامريكي كان مرتفعا، ولكن في النهايات فان واشنطن لم ترفع مستوى التصعيد عن حد التصريحات الكلامية، ولم تحرك بارجة عسكرية واحدة الى الخليج العربي.
امريكا تنسحب من المنطقة، وترفع يدها عن إرث سياسي وعسكري ثقيل بحروب وصراعات وازمات مازالت طاحنة ومتفاعلة. وفي علاقتها مع اسرائيل الصديق والحليف الاقرب لواشنطن فان ترامب ثبت برغبة الامريكي القوي واقعا سياسيا وامنيا لاسرائيل الجديدة باعلان القدس عاصمة لاسرائيل وضم الضفة والمستوطنات والجولان وغور الاردن، وإلغاء تمويل الاونروا وغيرها من مفردات صفقة القرن التي رسمها ترامب ونتنياهو على الارض دون مشاورة اطراف القضية الفلسطينية من فلسطينيين وعرب.
لربما ان السؤال الاهم بما يحمله القادم الجيوسياسي على الشرق الاوسط، فان اصدقاء وشركاء واشنطن من العرب تحديدا ماذا سيفعلون؟ وما هي استدارتهم في التفكير في الازمات والصراعات الكبرى في الشرق الاوسط؟ فهل ستشهد المنطقة ولادة محاور وتحالفات جديدة؟