على نمط ديزني لاند .. نتفليكس تفتتح أول متنزه ترفيهي لها في أميركا

على غرار عالم "ديزني لاند" الشهير الذي تمتلكه "ديزني"، أصبح لدى "نتفليكس" اليوم نسختها الخاصة: "نتفليكس هاوس" (Netflix House)، التي أصبحت أول متنزّه ترفيهي يحمل توقيع عملاقة البث الرقمي، ويمثل تجربة غامرة تمزج بين الترفيه الواقعي والعوالم التي صنعت شهرة المنصة حول العالم.

"نتفليكس" افتتحت رسميا أول مركز ترفيهي لها في الولايات المتحدة، في ضاحية كينغ أوف بروسيا القريبة من مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا. ويمتد المركز على طابقين داخل مبنى كان متجرا ضخما في السابق، ويقدّم مزيجا من التجارب التفاعلية تشمل غرف الهروب، ومضمار غولف مصغرا، ومتجرا للسلع التذكارية، وصالة سينما، ومطعما مستوحى من أشهر مسلسلات المنصة.

ويقوم المفهوم على فكرة تحويل عوالم "نتفليكس" الخيالية إلى تجارب واقعية يعيشها الجمهور عن قرب.

فـ"غرف الهروب" مستوحاة من عالم الأنمي "ون بيس" (One Piece)، بينما يمثّل كل مضمار من ملاعب الغولف المصغرة سلسلة شهيرة مختلفة، من "بريدجرتون" (Bridgerton) الرومانسي إلى "سترينجر ثينغز" (Stranger Things) الغامض.

أما المساحة الكبرى في "نتفليكس هاوس" فقد خُصصت بالكامل لمسلسل "وينزداي" (Wednesday) المشتق من "عائلة آدامز"، بالتزامن مع التحضير لموسمه الثاني. يدخل الزوّار إلى منطقة كئيبة الأجواء مليئة بالألعاب والألغاز، بدءا من غرفة نوم وينزداي آدامز في مدرسة "نيفرمور"، المُعاد تصميمها بدقة مطابقة للمسلسل.

ولمزيد من الإثارة، أضيفت تجارب واقع افتراضي (VR) تسمح للزوّار -عبر خوذ وأجهزة تفاعلية- بخوض مغامرات في عوالم "لعبة الحبار" (Squid Game) و"سترينجر ثينغز"، ليشعروا كأنهم داخل المشاهد فعليا.

"نتفليكس" تدخل سباق الواقع

تقول رئيسة قسم التسويق في "نتفليكس" ماريان لي، إن المنصة التي تقترب من بلوغ مليار مشاهد عالميا تخوض منافسة مستمرة على "الوقت والانتباه" مع منصات مثل "يوتيوب" و"تيك توك" وألعاب الفيديو.

وتضيف أن الهدف من إنشاء "نتفليكس هاوس" هو ربط المشاهد بالعالم الواقعي، بحيث يمكن لعشاق المسلسلات اختبارها بأنفسهم، بينما قد يتحول الزوار الفضوليون إلى مشاهدين جدد بعد زيارتهم للمكان.

تقول لي "نحن لا ننافس فقط في عدد الساعات التي يقضيها الناس أمام الشاشة، بل في مدى حضورنا في ثقافتهم اليومية".

ولتحقيق ذلك، أعلنت "نتفليكس" بالفعل عن مركزين ترفيهيين إضافيين قيد التطوير في الولايات المتحدة، ضمن خطة توسع أوسع لجعل "نتفليكس هاوس" جسرا بين الشاشة والواقع.

دروس من "ديزني لاند"

تستلهم "نتفليكس" إستراتيجيتها من تجربة "ديزني" التي أثبتت جدوى الدمج بين الترفيه والإيرادات التجارية.

فقد حققت حدائق ديزني الترفيهية ورحلاتها البحرية أكثر من 27 مليار دولار من العائدات خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الحالية، مع أرباح تشغيلية بلغت 8 مليارات دولار، ما يجعلها مصدر الدخل الأكبر للشركة.

وبالمقارنة، تبدأ "نتفليكس" مشروعها بخطوات أكثر تواضعا، عبارة عن مركز صغير في ضاحية بعيدة، داخل مجمع تسوّق، وليس في قلب مدينة كبرى. لكن الفكرة -كما تقول لي- ليست الحجم، بل الابتكار والتجربة.

لا تذاكر دخول شاملة

على خلاف مدن الملاهي التقليدية، لا تقدم "نتفليكس" تذكرة دخول شاملة، بل تباع التجارب بشكل منفصل؛ فتجربة الغولف المصغّر تكلّف 15 دولارا للجولة، أما تجارب الواقع الافتراضي فتكلّف 25 دولارا.

من جانبها، تبلغ تكلفة دخول غرف الهروب وساحة "وينزداي" التفاعلية 39 دولارا للتجربة الواحدة، تستغرق نحو ساعة.

وتوضح لي أن اختيار المسلسلات التي تُبنى عليها التجارب يعتمد على شعبية المحتوى ومعدلات المشاهدة في كل منطقة، مع إمكانية تعديل المساحات وإعادة تصميمها إذا لم تحقق التفاعل المطلوب.

التوسع الدولي "قريبا"

حتى الآن، لم تُعلن "نتفليكس" عن مواقع دولية جديدة، لكن ماريان لي ألمحت إلى أن التوسع العالمي "مسألة وقت، فإذا نجحت المراكز الأولى، فسنأخذ التجربة إلى مدن أخرى حول العالم. هناك جمهور متعطش لتجربة عوالم ‘نتفليكس’ بشكل مباشر".

وبينما تمثل "نتفليكس هاوس" خطوة أولى متواضعة مقارنة بإمبراطورية "ديزني"، إلا أنها تفتح فصلا جديدا في مفهوم الترفيه المعاصر؛ حيث تختفي الحدود بين الشاشة والواقع، ويصبح المشاهد جزءا من القصة التي كان يشاهدها بالأمس فقط.