من ذاكرة حابس باشا
بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي
.........
كلنا يعرف المشير حابس رفيفان المجاليه كبير العسكر والشاعر والفارس الذي قاد الحرب في ال 1948 وخاض معارك باب الواد واللطرون وحافظ على القدس والضفة الغربية ومنع اليهود من احتلالها ، كما انه كان الحاكم العسكري العام بإحداث الأمن الداخلي بالسبعينات وحافظ على الأردن من الفتن وانهيار الدولة .
حابس باشا له ماضي مشرف يتغنى به الاردنيون ، ولكنه رفض ان يوثقه بمذكرات تصدر بإسمه ، وكان يقول لكل من يطلب منه ان يوثق مذكراته بأن مذكراته اذا كتبها يجب ان يكون صادقا بها ، وان هناك أشخاص في مواقع المسؤولية في حياته سوف يتضررون من كتابة مذكراته لأن بعضاً منهم لا أساس له ولا تأريخ ،ولا يمتلكون أيضا شجاعة الرجال في المواقف الصعبة .
يوجد عندي الكثير من قصص من ذاكرة الناس عن حابس باشا والتي سوف أسرد في مقالاتي ، وهذه إحداها والتي ستكون الحلقة الأولى من ذاكرته التي رواها الناس عنه وكانوا شهود عيان عليها ....
في مطلع السبعينات ونهاية الثمانينات عندما كانت الوزارت لا تتشكل إلا من خلال دولة زيد الرفاعي ودولة مضر بدران ، قام أحد اقرباءنا الذي وصل لمكانة مرموقة بالإعلام بكتابة مقالا حول رسومات ظهرت على إحدى الإصدارات الورقية للدينار الأردني ،مما سبب ارباكا للدولة وكاد ان يخربط كيانها ، وعلى ضوء هذا المقال الذي نشرته مجلة القبس الكويتيه والتي كانت قد منعت من النشر في الأردن ، عندها قام مضر بدران باعتقال الكاتب وفرضت عليه الإقامة الجبرية .
توجه بعض الإقرباء وعلى رأسهم شقيقه الأكبر دميثان باشا (ابو زيد) الى منزل حابس باشا وطلبوا منه التوسط لدى دولة مضر بدران لإطلاق سراح كاتب المقال والعفو عنه ، في البداية تردد حابس باشا كون عقيدته دائما هي الإخلاص للدولة بكل مكوناتها ، ولكن شقيقة ابو زيد كان قد استفزه وتحداه اذا كان يستطيع ان يطلق سراحه ، مما جعل حابس باشا يقبل التحدي ويتصل هاتفيا مع مضر بدران ويقول له بالحرف الواحد يا باشا أن على الدولة ان توسع صدرها وأن تستوعب أبناءها حتى وإن اخطئوا بحقها ، فهي الأم الرؤوم وهؤلاء أولادها الذين سيكونون معها بأيام الشدائد ، فكان رد مضر بدران على حابس باشا أن عليه أن يتكفله بإسمه ، عندها غضب حابس باشا غضبا شديدا ورد على مضر بدران مصرخا بالقول التالي ،،، يا مضر انا اكفل بلد وكفلت شعب وانقذت بلد ولن اكفل صحفي امام صعلوك ،، وقام باغلاق الهاتف بوجهه ، عندها قام مضر بدران بالتظلم لجلالة الملك المرحوم الحسين بن طلال بصيغة الشكوى وإثارة حفيضة الملك حسين على حابس باشا ، فما كان من الحسين بن طلال عليه رحمة الله تعالى ، الا ان قال لمضر بدران ، ،،صدق ابوسطام ولا تفشل ابا سطام يا مضر واخرج الكاتب وارسله الى منزل حابس باشا ،، عندها تم الإفراج عن كاتب المقال وعاد مضر بدران يجر اذيال الخيبة لمحاولته الإيقاع بين حابس باشا والمرحوم الملك حسين بن طلال ..
هؤلاء الرجال امثال حابس باشا في العهد الذي مضى ،كفلوا الأردن والشعب والنظام الملكي ، وكانوا مخلصين بكل معاني والإخلاص ، وكان النظام والدولة والشعب يقدرهم ويوقرهم ولا يطنشهم او يفشلهم او يتجنبهم ويجنبهم ،،،فكانوا كفلاء وفى ودفى للوطن والشعب والقيادة .
والى حلقة أخرى من ذاكرة حابس باشا.