تجدد الجدل في الأردن حول قانون إلغاء حبس المدين بعد شهور من إقراره

بعد مرور حوالي ستة أشهر على تطبيقه، بدت ردود الفعل لدى أعضاء في مجلس النوابالأردني ومختصون بالشأن الاقتصادي عكسية علىتعديلات قانون التنفيذ القضائي التي تضمنت منعحبس المدين، والتي جاءت بدورها بعد سنوات منالجدل والمعارضة قبل إقرارها، فيما يرى مراقبون أن انخفاضاً واضحاً طرأ على الشيكات المعادة لعدم كفاية الرصيد خلال العام الحالي.

ووفقاً للتعديلات القانونية التي بدأ سريانها بالكامل منذ يونيو/حزيران الماضي، فان غالبية المخالفات المالية التي تجرى فيها الإدانة مشمولة بالحبس باستثناء القضايا الناشئة عن عقود إيجار العقار، وعقود العمل، والقضايا الشرعية والكنسية/تنفيذ، إضافة إلى قضايا خزينة الدولة التي تزيد قيمتها عن 5آلاف دينار، والتعويضات الناتجة عن الفعل الضار أو المسؤولية التقصيرية أو الجرم الجزائي، والادعاء بالحق الشخصي عن جرم جزائي بشرط أن تزيد قيمته على 5 آلاف دينار.

وقال عضو مجلس النواب النائب أندريه حواري إن قرار عدم حبس المدين شكّل خطأً كبيراً انعكس سلباً على الحركة الاقتصادية في البلاد، وأن الأسواق تعاني ركوداً واضحاً منذ الإعلان عن وقف الحبس. الهدف كان مراعاة أصحاب الظروف المالية الصعبة، لكن النتيجة كانت الإضرار بقطاع كامل، ما يتطلب إعادة تقييم القرار بصورة عاجلة.

وأضاف في كلمته في مناقشات مجلس النواب للموازنة العامة التي صودق عليها أمس أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى مزيد من التراجع الاقتصادي، في وقت تحتاج فيه السوق إلى حماية حقوق الدائنين وتحريك عجلة الاستثمار.

وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إن إلغاء حبس المدين بحاجة على دراسة أثر بعد فترة لتحديد مدى تحقيقه الأهداف التي اتخذ من أجلها والوقوف على انعكاساته سلباً أو إيجاباً على الوضع الاقتصادي والتجاري بشكل عام في الأردن، والاستماع إلى آراء القطاعات الاقتصادية المختلفة.

وأضاف أن التعديلات من الناحيتين الإنسانية والاجتماعية مهمة لمعالجة المشكلات التي يعاني منها المدينيين، خاصة المتعثرين منهم عن السداد، فيما فئة بسيطة تمتهن عمليات غير مشروعة للحصول على أموال الغير بطرق مختلفة وعدم تسديدها، وفي الوقت نفسه، ضرورة مراعاة مصالح الدائنين والقطاعات الاقتصادية التي تتعاملبالشيكات والكمبيالات واعتبارها ضمانة للسداد علىغرار ما كان يعمل به سابقاً.

وبين عايش أن انخفاض أعداد الشيكات المعادة، وغالبيتها لعدم توفر أو كفاية الرصيد، جاء نتيجة لبدء تطبيق التعديلات القاضية بعدم حبس المدين ولم يعد للدائنين ضمان لتحصيل حقوقهم، وأن إجراءات التقاضي تأخذ وقتاً طويلاً، وعلى الأغلب لا يمكنهم تحصيلها بالحجز على أموال الطرف الآخر.

الشيكات المرتجعة

وانخفضت قيمة الشيكات المرتجعة في الأردن للأحد عشر شهراً الأولى من العام الحالي بنحو 17%، مقارنة بالفترة نفسها من 2024، وفقاً لبيانات صادرة عن الشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص التي تعمل تحت مظلة البنك المركزي الأردني.

وتراجعت القيمة المالية للشيكات المرتجعة إلى 1129مليون دينار مقابل 1356 مليون دينار للفترة نفسها من العام الماضي (11 شهراً).

وأصبح القانون الجديد يفرض على الدائن إثبات القدرة المالية للمدين قبل المطالبة بحبسه في حال لم تكن القضية من الحالات المستثناة. كما يمنح المدين الحق في تقديم عرض تسوية مالية تتضمن دفعة أولى عادلة. وفي هذه الحالة، تدعو المحكمة الطرفين إلى النظر في العرض قبل إصدار أي قرار.

وفي حال رفض المدين التسوية من دون مبرر، أو تهرب من السداد رغم قدرته، يمكن للمحكمة المضي في إجراءات الحبس وفق شروط مشددة. ومع ذلك، هناك حالات يحق فيها للدائن طلب حبس المدين من دون الحاجة لإثبات اقتداره.

وقال عضو غرفة تجارة عمّان علاء ديرانية لـ"العربي الجديد" إن إلغاء حبس المدين كانت له انعكاسات على النشاط التجاري، حيث تجرى معظم المعاملات من خلال إصدار الصكوك مثل الشيكات والكمبيالات والسندات، ما كان يشكل ضماناً للسداد، وخاصة مع عدم توفر السيولة الكافية لدى كثير من التجار وحاجتهم لمثل تلك التعاملات.

وأضاف أن المخاوف ارتفعت لدى البعض من عدم القدرة على تحصيل حقوقهم المالية بعد إلغاء حبس المدين، الذي ترى الجهات المعنية فيه ضرورة لمعالجة قضايا إنسانية واجتماعية مع وضع ضوابط تتيح للدائن التحري عن المدين مسبقاً والتعرف على ملاءته المالية.