*عن "الدولة" و"اللا-دولاتيين"... بعض الحق الذي يُراد به باطلاً*
عريب الرنتاوي
16 كانون الأول/ ديسمبر 2025
قادتني إحدى الشاشات العربية، لحوار ساخن، حول مستقبل ما أسمته المحطة، المليشيات والفصائل المسلحة، وما إذا كان الإقليم، على وشك أن يدلف عتبات مرحلة "الدولة"، بعد أن تغيب الميليشيات عن المشهد، ودعّمت أسئلتها بمجريات أزيد من عامين من الحروب والجبهات المفتوحة، في غزة ولبنان واليمن، مروراً بسوريا والعراق.
وكان واضحاً من سياق الحلقة والنقاش، أن المقصود حصراً بالفصائل، هي حماس وحزب الله والحشد الشعبي وأنصار الله اليمنيين، إذ تركزت معظم الأسئلة، إن لم نقل جميعها، على هذه الأطراف، لكأن المنطقة على امتدادها، باتت خالية من المليشيات والفصائل المسلحة، وأن ما يعيق انبلاج عصر الدولة المستقلة العادلة والسيّدة، هو اختفاء هذه الفصائل حصراً عن المسرح، الأمر الذي أوحت الأسئلة بأنه قيد التنفيذ، وجارٍ العمل عليه من قبل واشنطن وتل أبيب.
في الإجابة على هذه الأسئلة والتساؤلات، انصرفت مداخلاتي للحديث عن وجوب عدم وضع جميع هذه الأطراف في سلّة واحدة، فهي نشأت في دول ومجتمعات مختلفة، وفي سياقات تاريخية متباينة، وتتفاوت من حيث ماهية علاقتها ببيئتها الاجتماعية، ونظرة الرأي العام العربي إليها، كما أن بعضها نشأ في مراحل زمنية تباعد ما بينها، سنوات وعقود عدة...وضع الجميع تحت تصنيف واحدٍ، فيه ظلم وافتئات من جهة، وغير علمي من جهة ثانية، ويخفي عند البعض، نوايا غير حسنة من جهة ثالثة.
ومضيت في الحديث للتمييز بين عدة "أنماط" يتوزع عليها اللاعبون "اللا-دولاتيون – Non-State Actors" في الإقليم، بناء على ما سبق قوله، وذهبت إلى ذكر ثلاثة منها:
أولها؛ فصائل وقوى نشأت في مواجهة الاحتلالات الأجنبية، وبالأخص الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وأطراف من الدول المحيطة، تلكم نشأت تاريخياً قبل ستة عقود من السنين على أقل تقدير، وليست وليدة اليوم، وهي حركات تحرر وطني بامتياز، ولا يمكن القبول بأي تصنيف آخر لها، حتى وإن قارفت بعض الأعمال والممارسات، داخل بلدانها أو في "البلدان المضيفة" لها، أو ضد "الآخر"، تنتمي إلى عوالم ميليشياوية، وأحياناً من قماشة عنفية-إرهابية.
ثانيها؛ تلك التي نشأت وتطورت على جذع الفشل المتطاول والمتمادي للدولة الوطنية العربية، دولة ما بعد الاستقلالات العربية، سيما في بلدان ومجتمعات تتميز بتنوع قومي وعرقي ومذهبي وجهوي ومناطقي وعشائري، فشل الأنظمة العربية المتعاقبة في بناء "دولة المواطنة"، السيدة العادلة، دولة جميع أبنائها وبناتها، جميع كياناتها ومكوناتها، أفضى إلى تعميق "مظلومية" بعض المكونات، ولجوئها إلى السلاح وتحصنها بهوياتها الفرعية "القاتلة"، بل وميلها لطلب التدخل الأجنبي، وتورطها في مقامرات انفصالية، ستزيد لاحقاً من عمق الاضطرابات المجتمعية، من دون أن تجلب حقوقاً أو تسترد أمناً واستقراراً.
ثالثها؛ نشأ في مواجهة موجة تطرف ديني، عاتية وعارمة خلال العقدين الفائتين، بلغت ذروتها في الإعلان عن ولادة "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، داعش لم تكن تفصيلاً عارضاً في "التاريخ الجاري" لهذه المنطقة "، و"دولتها" جاوزت فرنسا في اتساعها، وكانت تقف على مشارف عاصمتين تاريخيتين للعرب والمسلمين، صادف أنهما عاصمة الخلافة الأموية وعاصمة الخلافة العباسية...ذلك ليس تفصلاً يمكن القفز من فوقه بخفة.
في مطلق الأحوال، وفي مختلف الأنماط سالفة الذكر، ما كان لهذه القوى "اللا-دولاتية"، أن تنمو ويتعزز دورها، من دون تدخلات خارجية، ستأخذ أشكالاً مختلفة، باختلاف الظروف والسياقات...بعض هذ التدخل، كان إيجابياً عموماً كما في حالات دعم المقاومة، وبعضه كان وبالاً على الحركات والمنطقة وأحياناً على "الداعمين" أنفسهم..... *للاطلاع على النص الكامل للمقال، يمكنكم زيارة صفحة مركز القدس على فيسبوك على الرابط التالي:*
https://www.facebook.com/share/p/1FFygxToQe/