البترا تواجه تحديي انخفاض سياح المبيت
رغم النجاحات التي تحققت وساهمت في وصول أعداد زوار مدينة البترا الوردية الى رقم غير مسبوق في تاريخها بمليون سائح العام الحالي، إلا أن هناك تحديات قائمة تواجه القطاع السياحي في البترا، وتتمثل في انخفاض أعداد سياح المبيت، وموسمية السياحة.
وأكد عاملون ومستثمرون في القطاع السياحي والفندقي، أن الإنجاز التاريخي غير المسبوق في استقبال السائح رقم مليون، وضع مدينة البترا، والتي يعتمد سكانها بشكل رئيس على السياحة، أمام تحديات كبيرة، منها ضعف الطاقة الاستيعابية للمنشآت الفندقية القادرة على استيعاب ارتفاع حركة السياحة، بالإضافة إلى المحافظة على النظافة وإقامة المرافق العامة الصحية داخل المواقع الأثرية، وفقا لتقرير نشرته يومية الغد.
وأشاروا الى أن عملية تدافع وتزاحم السياح في منطقة السيق كانت سلبية واستثنائية ومؤشرا خطيرا يجب حلها، لا سيما وانه لا يتسنى للدليل السياحي القيام بمهامه، لافتين أنه لا بد من وجود آلية وبرنامج مناسب لدخول السياح بطريقة آمنة ومريحة، لكي يستمتع الزائر بالبترا، وهذا لا يتم الا من خلال الإسراع بفتح مشروع الطريق الخلفي الذي طال انتظاره لإنهاء المشكلة.
وقالوا أن الأعين ما تزال تراقب ما بعد رقم المليون زائر دخلوا البترا على مليون آخر متوقع دخولهم خلال العام المقبل، مع تحديات تحسين واقع البنى التحتية والمرافق العامة والخدمات وتقديم خدمة مميزة ومنافسة للزوار، من خلال إعادة هندسة العملية السياحية بمختلف عناصرها ومكوناتها.
وتوقع رئيس جمعية المكاتب السياحية في إقليم البترا سليمان الحسنات، دخول مليون و 800 ألف سائح إلى البترا في العام القادم ، قائلا "نطمح بزيادة العدد بشكل أكبر في السنوات المقبلة، ما يعني استدامة الرقم وتطويره، ما يضع المدينة أمام تحديات لإعادة النظر في كل الأمور من كافة جوانبها من حيث تقديم الخدمات والمنافسة العالمية.
وأشار إلى ضرورة حل مشكلة التزاحم عند تفويج السياح في الموقع الأثري، وتخفيف الضغط عليه من خلال تفعيل الطريق الخلفي وتحديد أوقات زيارة الأفواج السياحية ومضاعفة وبذل كافة الجهود من قبل الشركاء سواء كانت رسمية أو هيئات القطاع الخاص، وبما يخدم مصلحة القطاع باعتباره من روافد الاقتصاد الوطني وبالشكل الذي يوفر الراحة والطمأنينة للسياح ويشجعهم على زيارة البترا.
ويرى الحسنات، أن هناك جهودا حكومية ملموسة ممثلة في إدارة سلطة الإقليم وتوجيه كامل الدعم لمشاريع وبرامج وخطط السلطة لمواجهة التحديات القائمة في كافة المجالات وبخاصة قطاع السياحة، بهدف تحقيق النهضة الاقتصادية للمجتمعات المحلية في البترا، وبما يوفره من موارد مالية للاقتصاد الوطني وللسوق السياحي الأردني بشكل عام.
وكشف رئيس جمعية أصحاب الفنادق السياحية في البترا طارق الطويسي، أن منطقة اللواء تواجه تحديات مائية وتدنيا في مصادر المياه وقلة إنتاجية الآبار، ما يجعل المنطقة عرضة لانقطاعات متكررة في المياه، وخاصة قطاع الفنادق، الأمر الذي يؤثر على هذه الاستثمارات السياحية.
وبين الطويسي أن نسب الإشغال والحجوزات خلال الفترة الحالية وصلت ما يقارب 75 %، مبينا أن سياح اليوم الواحد للمدينة الأثرية يشكلون أكثر من 55 % من إجمالي السياح، فيما يشكل سياح المبيت أقل من 45 %، لافتا أن المليون زائر للبترا بات منهم حوالي 400 ألف سائح والباقي غادر مساء، مؤكدا على أهمية التوسع في ترويج البترا واستحداث برامج سياحية للرحلات داخل المدينة لأكثر من يوم، لضمان مبيت السياح مع تقديم تحفيزات ومميزات تشجع سياح المبيت، في ضوء منافسة على مستوى الإقليم، خصوصا وأن المدينة تزخر بالعديد من مواقع الجذب السياحي والجمالي التي تحتاج زيارتها عدة أيام.
ويرى تاجر التحف شادي الحمادين، أن المعاناة مع الموسمية، مشيرا الى ان أشهر الصيف تشهد أعداد سياح اقل، ما ينعكس على تدني نسب وحجم المبيعات
ونسب الاشغال في الفنادق والمنشآت السياحية، لافتا أن رغبة الزوار في هذا الوقت باستبدال البترا بمناطق أخرى بحرية يتواجد فيها شواطئ ما يشكل خطرا على الاستثمار.
وقال إن هذا الأمر يتطلب بذل جهود من قبل الجهات الرسمية والجهات المعنية بتنشيط السياحة لاستدامة السياحة.
ويطالب عبدالله النوافلة التوسع في المنشآت السياحية، خصوصا في ضوء حاجة المنطقة للغرف الفندقية وتطوير المنتج السياحي لتحفيز السياح وإعادة التخطيط لمجمل الطرق للحد من الاختناقات المرورية، إلى جانب تطوير قطاع النقل من خلال العمل على إخراج باصات النقل السياحي القديمة من الخدمة، واستبدالها بحافلات نقل سياحية حديثة.
ويشير هارون الفلاحات، إلى أهمية تنظيم العمل داخل الموقع الأثري في البترا، وحماية الإرث الحضري في المنطقة من التحديات الطبيعية والبشرية، إلى جانب النهوض بالبنية السياحية المجهزة خدميا لاستقبال ملايين الزائرين المتوقع دخولهم خلال السنوات المقبلة، فضلا عن مضاعفة أعداد مهنة الدلالة السياحية المدربة على معظم جميع لغات العالم لمواكبة أعداد السياح، من أجل تطوير الرؤية نحو صناعة السياحة بما يحافظ على وضع البترا كوجهة عالمية.
ودعا محمود المشاعلة إلى معالجة ازدياد الضغط على الموقع الأثري والبنية التحتية، لما له من انعكاسات على الواقع الخدمي ومستوى تقديم الخدمات العامة في المنطقة، إضافه إلى أهمية المحافظة على نظافة الأماكن الأثرية، وإيجاد الدورات الصحية فيها، وحل قضية سوء معاملة الحيوانات والتعدي عليها داخل المواقع الأثرية، من خلال إطلاق مبادرات توعوية وثقافية مجتمعية للتخلص من جميع السلوكيات السلبية داخل المحمية الأثرية، بهدف رفع الوعي لدى المواطنين بأهمية البترا كسوق عالمي في السياحة وسبل المحافظة على الموقع الأثري وتطوير المعاملة مع السائح.
إلى ذلك، أكد رئيس سلطة إقليم البترا الدكتور سليمان الفرجات، أن البترا دخلت مرحلة جديدة تتطلب إعادة النظر في الأولويات والاستعدادات، والتعامل مع مختلف التحديات.
وأشار الفرجات، أن جهودا تشاركية أثمرت في تحقيق زيادة كبيرة وغير مسبوقة في الإقبال على زيارة البترا، سواء من القطاع الحكومي والخاص والمجتمع المدني، لافتا أن ذلك يعد مؤشرا ايجابيا إلى أبعد الحدود.
وقال إن تحديات تواجه عملية إدارة المحمية الأثرية، وتوفير الحماية والرقابة والخدمات اللوجستية وفق أعلى المستويات، لامتدادها على مساحة 264 كم مربع في منطقة ذات تضاريس معقدة غنية بالواجهات الأثرية، لافتا أنه ومنذ عام ونصف العام عملت السلطة على تنفيذ خطة إدارية وأمنية مع الجهات المختصة للمحافظة على موقع المحمية الأثرية.
وأضاف أن السلطة ستعمل على تنفيذ العديد من الإجراءات المدروسة لتعزيز الجاذبية السياحية في الأعوام المقبلة، بهدف الارتقاء برفع سوية الخدمات والنهوض بالبنية التحتية، مضيفا أن البترا ستشهد استثمارات في العام المقبل، خاصة في قطاع الفنادق لوجود طلب على هذه الاستثمارات ذات تصنيفات الفئة 5 نجوم، مبينا أنه سيتم البدء في إعادة تأهيل وترميم فندق (كراون بلازا) المتوقف عن العمل منذ سنوات، متوقعا تشغيله قبل نهاية العام المقبل، من أجل زيادة عدد الغرف الفندقية لمواكبة هذا التطور، متوقعا إيجاد 500 غرفة في بداية العام المقبل و500 غرفة في عام 2021، حتى وصول ألفين غرفة فندقية.
وبين الفرجات أن العمل جار حاليا على إنشاء فندق من فئة 5 نجوم و6 فنادق من فئة 4 – 5 نجوم من أصحاب استثمارات من قبل أبناء المجتمع المحلي ، مبينا أن عدد الغرف لا يتلاءم والطموح بقدر ما نحن نعمل على زيادة الغرف الفندقية تباعا، واهتمام المستثمرين في البترا في هذا الجانب، لافتا أنه في نهاية التسعينيات وحتى العام 2017 فان عدد الغرف الفندقية لم يتغير، حيث أغلقت نحو 10 فنادق بسبب الأزمة السياحية ، لكنه وفي العام الماضي أعيد فتح أبوابها جميعا، وأدى إلى زيادة الغرف الفندقية هذا العام بمعدل 500 غرفة فندقية.
وأوضح أن السلطة تعمل ضمن ثلاثة محاور رئيسية، هي الارتقاء بالخدمات المقدمة في الموقع الأثري والمحافظة علية وحمايته والمجتمع المحلي والحرص على تنميته، إلى جانب النهوض بواقع البنية التحتية والخدمية والسياحية، من خلال أبرز المشروعات التي يتم تنفيذها حاليا، كمشروع وسط البلد وإنشاء طرق بديلة ومواقف للسيارات للحد من الأزمات والمتحف الأثري والقرية التراثية، وتنفيذ مشروع طريق النقل الخلفي من البترا المتوقع الانتهاء منه مع بداية العام المقبل، بهدف إعادة نظام عمليات التفويج للسياح من الطريق الخلفي، لان مكان السيق ضيق ومنعا للازدحام والتدافع، ومرورا عبر نظام باصات لإكمال رحلة السائح باتجاه القرية التراثية والتي تساهم في زيادة مدة إقامته، وتخفيف الضغط على الموقع الأثري، وإقامة منتج سياحي جديد.
وأشار الى أن المحور الثالث يتضمن تنويع سياحة المنتج والعمل على تطوير منتج ملائم للسائح العربي، والبدء في إنشاء مركز وقصر المؤتمرات، وذلك بهدف القضاء على موسمية السياحة، واستمرارية السياحة على طول أشهر السنة.
كما أكد ، الفرجات أن موسمية السياحة مرتبطة بالاستثمار وبالأداء الوظيفي وطبيعة الزائر، إذ شهدت البترا زيادة كبيرة في سياحة البواخر بمعنى أن 10 % من سياح البترا العام الماضي من سياحة البواخر، لافتا أنه تم رصد وملاحظة أشهر الصيف العام الحالي مقارنة مع العام الماضي 2018، حيث كانت نسبة الزيادة في سياحة الأجانب 50 % وبالتالي هذا مؤشر على انحسار موسمية السياحة، وهذه جهود الترويج والتسويق التي بذلت للبترا على أنها ملائمة في أشهر الصيف، مشيرا في الوقت ذاته الى عدم الاستفادة من سياحة اليوم الواحد وهي استفادة نسبية، والعمل على زيادة مدة الإقامة مع كافة الشركاء.
ولفت أن السلطة عملت مسارات داخل الموقع الأثري لفصل الدواب عن السياح، والعمل على إعادة تأهيل وترميم المرافق الصحية بشكل عام، رغم المحددات الموجودة من (اليونسكو ) لبناء حمامات عامة، إلا أن السلطة لديها مشروع متكامل لإعادة تأهيل الحمامات داخل الموقع الأثري، قائلا إن السلطة تطرح عطاء سنويا لنظافة الموقع الأثري بقيمة مليون دينار، والسلطة بصدد عمل مشروع لتدوير النفايات البلاستيكية بالمشاركة مع أحد المؤسسات الألمانية.
وبالنسبة لمنطقة وادي موسى مركز الإقليم، أوضح أن السلطة تعمل على تطوير منتج جديد للسائح العربي وبالتنسيق مع المجتمع المحلي، وربط الشارع السياحي بوسط البلد ومنطقة الدارة بالتوافق مع المجتمعات المحلية.
ولفت أن تحديات الضغط ليس على الموقع الأثري فقط، بل الضغط على المنشآت السياحية والباصات والفنادق ما ولد مشكلة في ارتفاع أسعار الفنادق ومحاولات بعض الجهات للاستغلال برفع أسعار المطاعم والغرف الفندقية من 200 الى 300 و400 دينار.
وأشار الى أن السلطة تسعى للوصول إلى المنافسة عالميا وليس على المستوى المحلي أو الإقليمي، كون درة التسويق في الأردن جذب البترا أكثر ليعم الخير على الوطن، من حيث المعلومات والخدمات والمرافق والإدلاء السياحيين.
وتشهد مدينة البترا الوردية، التي تعد من عجائب الدنيا السبع، نهضة سياحية واعدة، وارتفاعا غير مسبوق في زوارها ، بعد توافد مليون و200 ألف سائح لمشاهدة آثارها النفيسة العام الحالي.