إسقاطات قرآنية على حال الأمة
إسقاطات قرآنية على حال الأمة
ان ما تعاني منه الأمة اليوم لا يعود إلى ظلم من احد، وليس نتاج مؤامرة ناجحة من عدو، مع عدم إغفال عنصر المؤامرة، ولكن المؤامرة على أي أمة ستكون حتما ناجحة ان وجدت منافذ للولوج منها إلى جسد الأمة، والتمكن من تحقيق أهدافها في تمزيق هذا الجسد، والفوز بخيرات الأمة وتدمير مقدراتها وتعطيل مسيرتها نحو التنمية الشاملة والحرية لكي تظل مرتعا خصبا لرفاهية شعوب الجهات المتآمرة عليها
ولا غرابة من معاناة شعوب الأمة وعذاباتها من نقص في الأموال وشح في الموارد وفقر وبطالة وفقدان للأمن والأمان على الرغم من انها تجثم على كنز من الخيرات والموارد ومصادر الطاقة المتنوعة، حالها كمن تاه في صحراء قاحلة ولديه الثروة ولا يستطيع استخراج هذه الثروة للنجاة من العطش والجوع وحتى من الهلاك
إذن ما السر في هذه الحالة المستعصية التي تمر بها الأمة؟
الجواب في قوله تعالى في كتابه الكريم
وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا، صدق الله العظيم
وهل الأمة العربية بامتدادها الجغرافي في القارات وتنوع تضاريسها وسكانها قرية؟
كلا، ولكن ما وجه الشبه بين الأمة بكياناتها السياسية المتعددة وبين القرية في المفهوم القراني؟
تلازم واقترن الهلاك والعذاب في القران الكريم بالقرى ولم يتلازم بالمدن تلك الكلمة التي تتصف بالمدنية أي التطور والتحضر وأعمال العقل والتفكر والاختراع والإبداع والاكتشاف لما فيه خير الناس الذين استخلفهم الله على الأرض ليعمروها، ومصداقا لذلك ما قام به سيدنا محمد من تغيير اسم يثرب من (الثرب) - أي الفساد - الذي كانت تسمى به المدينة المنورة قبل الهجرة الى اسم (المدينة) أو طيبة والتي أرسى فيها نظام حكم يقوم على التنوع في العرق والعقيدة في ظل كيان وطني يعترف بالتنوع وحقوق المواطنة وواجباتهابالتساوي للجميع تحت خيمة من التعايش الذي يحفظ الحقوق ومعاملتهم سواسية بدون تمييز بغض النظر عن التنوع في العرق واللون والمعتقد
وكيف كان حال القرى التي أهلكها الله من بعد قوم نوح مرورا بعاد وثمود ومدين وقوم لوط وقوم فرعون إلى اخره من القرى التي أهلكها الله قبل يوم القيامة؟
تلك القرى التي أهلكها الله كانت أحادية الطابع شمولية الحكم ومتعددة الآلهة وهذا ما يتنافى مع القانون الذي أراده الله من استخلافه للإنسان على الأرض علما بانه هو وحده من تفرد بالأحادية وليس كمثله شيء في مخلوقاته التي تميزت بالازدواجية حيث خلق الله من كل جنس أو نوع زوجين اثنين،
ولقد أرسل الله الرسل والأنبياء إلى تلك القرى ومع كل رسول أو نبي معجزة ببراهين دامغة لا تحتمل ذرة من الشك بوحدانيته وقدرته المطلقة التي يعجز عنها البشر ولكن أهل القرى أصروا على شركهم بالله وغيهم وإنكارهم مكابرة منهم وحفاظا على ما هم فيه وما هم عليه وتمسكهم بما كان يعبد آباؤهم وبما ورثوا عنهم من معتقدات ونظام حياة ونظام حكم استبدادي شمولي لا يعترف بالتغيير ولا يتقبل الرأي الآخر حتى لو كان ظاهرا على صواب
إذن أهل القرى التي أهلكها الله كما ورد ذكرهم في القران الكريم خالفوا القوانين الإلهية لهذا الكون المبنية على
أحادية الخالق وعلى تنوع المخلوقات وعلى ضرورة التغيير بأعمال العقل والتفكر والانتقال إلى ما هو أفضل لخير البشرية وعلى تقبل الرأي الآخر الذي جاء به الأنبياء والرسل مدعما بالمعجزات الدامغة على قدرة الخالق والتي يعجز عنها المخلوق
ولم يهلك الله قرية الا بعد ان يرسل اليها من أهلها نبيا أو رسولا يدعوهم إلى وحدانية الخالق والى الانتقال من حالة الكبر والنكران والسكون والديمومة على الحال دون تغييروالشرك بالله إلى حالة الإيمان وأعمال العقل والفكر والعمل إلى ما فيه خير البشرية واحقاق الحق والعدل
ركزت الرسالات السماوية في بداياتها على التوحيد وعدم الشرك بالله الخالق وذلك للخلاص من عبودية الإنسان للإنسان وعبوديته للظواهر الطبيعية والأصنام والجمادات، وإطلاق العنان لعقله دون قيود من أية مؤثرات ومعوقات من عبوديته لغير الله، ولما لم تنفع دعوات الرسل مع القرى والأقوام الغابرة رغم المعجزات التي خص الله بها الرسل أهلكها الله كما اخبرنا في القران الكريم وذلك قبل يوم القيامة، وعند اكتمال نزول الرسالات السماوية وتعميم ظاهرة التوحيد بين اتباعها انتقل العقاب من الهلاك إلى العذاب الشديد للأمم التي تنحرف عن تعاليم الرسالات السماوية وأخلاقها ونظرياتها وبالأخص خاتمة الرسالات السماوية، وحيث ان الحساب يوم القيامة فردي وشخصي فان الحساب والعقاب للأمم يكون في الحياة الدنيا اتساقا مع القانون الرباني في الكتاب المسطور
وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا
ولكن كيف يتحقق هذا القانون الرباني على حال الأمة اليوم؟
أولا
تتسم أنظمة الحكم العربية بالشمولية أي ان السلطة القائمة هي نفسها الحاكم والقاضي والجلاد،
ثانيا
لا تتقبل هذه الأنظمة التغيير ولا تعترف بالرأي الآخر فهي أنظمة ذات لون واحد لا تفبل التنوع الذي هو من سمات الفطرة التي فطر الله مخلوقاته عليها
ثالثا
بالرغم من غالبية الأمة موحدة وتصلي وتصوم الا انها لا تطبق مباديء الإسلام من العدل والمساواة والأمانة واحترام حرية الفكر والعبير وأعمال العقل ليقوم بوظيفته في التفكر والابتكار والتطوير ومراعاة حقوق الإنسان الذي كرمه الله
رابعا
تطبق معظم أنظمة الحكم النظام الاقتصادي الحر أو النظام الاشتراكي الشمولي والذي يمثل الوجه الآخر للنظام الحر حيث أتاحت هذه الأنظمة الاقتصادية البائسة لشريحة صغيرة من المجتمع التحكم باقتصاديات البلاد وتحالفت تلك الشريحة الجشعة الفاسدة مع السلطة الحاكمة الظالمة المستبدة وانتشر الفقر والفساد والبطالة مصداقا لقوله تعالى
وإذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فحق عليهم القول فدمرناها تدميرا
ولا ينتشر الفساد ويستشري في أمة الا إذا كان لدى تلك الأمة قابلية للفساد من راس الهرم مرورا الى القاعدة لذا فهي أمة بمجملها تستحق العقاب
وها هي القرى العربية اليوم وبمفهوم القران للقرى تعيش تدميرا من كل حدب وصوب كما هو جليي في العراق ولبنان واليمن وليبيا والسودان والحبل على الجرار
وتلك هي سمات القرى التي أهلكها الله باستثناء سمة الشرك بالله التي كانت سمة سائدة في القرى الهالكة لذلك حق العذاب على القرى العربية الحالية الموحدة في غالبيتها والظالمة والفاسدة في إدارة حياتها
بقلم احمد إبراهيم الحاج
التاريخ 8/12/2019م
ان ما تعاني منه الأمة اليوم لا يعود إلى ظلم من احد، وليس نتاج مؤامرة ناجحة من عدو، مع عدم إغفال عنصر المؤامرة، ولكن المؤامرة على أي أمة ستكون حتما ناجحة ان وجدت منافذ للولوج منها إلى جسد الأمة، والتمكن من تحقيق أهدافها في تمزيق هذا الجسد، والفوز بخيرات الأمة وتدمير مقدراتها وتعطيل مسيرتها نحو التنمية الشاملة والحرية لكي تظل مرتعا خصبا لرفاهية شعوب الجهات المتآمرة عليها
ولا غرابة من معاناة شعوب الأمة وعذاباتها من نقص في الأموال وشح في الموارد وفقر وبطالة وفقدان للأمن والأمان على الرغم من انها تجثم على كنز من الخيرات والموارد ومصادر الطاقة المتنوعة، حالها كمن تاه في صحراء قاحلة ولديه الثروة ولا يستطيع استخراج هذه الثروة للنجاة من العطش والجوع وحتى من الهلاك
إذن ما السر في هذه الحالة المستعصية التي تمر بها الأمة؟
الجواب في قوله تعالى في كتابه الكريم
وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا، صدق الله العظيم
وهل الأمة العربية بامتدادها الجغرافي في القارات وتنوع تضاريسها وسكانها قرية؟
كلا، ولكن ما وجه الشبه بين الأمة بكياناتها السياسية المتعددة وبين القرية في المفهوم القراني؟
تلازم واقترن الهلاك والعذاب في القران الكريم بالقرى ولم يتلازم بالمدن تلك الكلمة التي تتصف بالمدنية أي التطور والتحضر وأعمال العقل والتفكر والاختراع والإبداع والاكتشاف لما فيه خير الناس الذين استخلفهم الله على الأرض ليعمروها، ومصداقا لذلك ما قام به سيدنا محمد من تغيير اسم يثرب من (الثرب) - أي الفساد - الذي كانت تسمى به المدينة المنورة قبل الهجرة الى اسم (المدينة) أو طيبة والتي أرسى فيها نظام حكم يقوم على التنوع في العرق والعقيدة في ظل كيان وطني يعترف بالتنوع وحقوق المواطنة وواجباتهابالتساوي للجميع تحت خيمة من التعايش الذي يحفظ الحقوق ومعاملتهم سواسية بدون تمييز بغض النظر عن التنوع في العرق واللون والمعتقد
وكيف كان حال القرى التي أهلكها الله من بعد قوم نوح مرورا بعاد وثمود ومدين وقوم لوط وقوم فرعون إلى اخره من القرى التي أهلكها الله قبل يوم القيامة؟
تلك القرى التي أهلكها الله كانت أحادية الطابع شمولية الحكم ومتعددة الآلهة وهذا ما يتنافى مع القانون الذي أراده الله من استخلافه للإنسان على الأرض علما بانه هو وحده من تفرد بالأحادية وليس كمثله شيء في مخلوقاته التي تميزت بالازدواجية حيث خلق الله من كل جنس أو نوع زوجين اثنين،
ولقد أرسل الله الرسل والأنبياء إلى تلك القرى ومع كل رسول أو نبي معجزة ببراهين دامغة لا تحتمل ذرة من الشك بوحدانيته وقدرته المطلقة التي يعجز عنها البشر ولكن أهل القرى أصروا على شركهم بالله وغيهم وإنكارهم مكابرة منهم وحفاظا على ما هم فيه وما هم عليه وتمسكهم بما كان يعبد آباؤهم وبما ورثوا عنهم من معتقدات ونظام حياة ونظام حكم استبدادي شمولي لا يعترف بالتغيير ولا يتقبل الرأي الآخر حتى لو كان ظاهرا على صواب
إذن أهل القرى التي أهلكها الله كما ورد ذكرهم في القران الكريم خالفوا القوانين الإلهية لهذا الكون المبنية على
أحادية الخالق وعلى تنوع المخلوقات وعلى ضرورة التغيير بأعمال العقل والتفكر والانتقال إلى ما هو أفضل لخير البشرية وعلى تقبل الرأي الآخر الذي جاء به الأنبياء والرسل مدعما بالمعجزات الدامغة على قدرة الخالق والتي يعجز عنها المخلوق
ولم يهلك الله قرية الا بعد ان يرسل اليها من أهلها نبيا أو رسولا يدعوهم إلى وحدانية الخالق والى الانتقال من حالة الكبر والنكران والسكون والديمومة على الحال دون تغييروالشرك بالله إلى حالة الإيمان وأعمال العقل والفكر والعمل إلى ما فيه خير البشرية واحقاق الحق والعدل
ركزت الرسالات السماوية في بداياتها على التوحيد وعدم الشرك بالله الخالق وذلك للخلاص من عبودية الإنسان للإنسان وعبوديته للظواهر الطبيعية والأصنام والجمادات، وإطلاق العنان لعقله دون قيود من أية مؤثرات ومعوقات من عبوديته لغير الله، ولما لم تنفع دعوات الرسل مع القرى والأقوام الغابرة رغم المعجزات التي خص الله بها الرسل أهلكها الله كما اخبرنا في القران الكريم وذلك قبل يوم القيامة، وعند اكتمال نزول الرسالات السماوية وتعميم ظاهرة التوحيد بين اتباعها انتقل العقاب من الهلاك إلى العذاب الشديد للأمم التي تنحرف عن تعاليم الرسالات السماوية وأخلاقها ونظرياتها وبالأخص خاتمة الرسالات السماوية، وحيث ان الحساب يوم القيامة فردي وشخصي فان الحساب والعقاب للأمم يكون في الحياة الدنيا اتساقا مع القانون الرباني في الكتاب المسطور
وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا
ولكن كيف يتحقق هذا القانون الرباني على حال الأمة اليوم؟
أولا
تتسم أنظمة الحكم العربية بالشمولية أي ان السلطة القائمة هي نفسها الحاكم والقاضي والجلاد،
ثانيا
لا تتقبل هذه الأنظمة التغيير ولا تعترف بالرأي الآخر فهي أنظمة ذات لون واحد لا تفبل التنوع الذي هو من سمات الفطرة التي فطر الله مخلوقاته عليها
ثالثا
بالرغم من غالبية الأمة موحدة وتصلي وتصوم الا انها لا تطبق مباديء الإسلام من العدل والمساواة والأمانة واحترام حرية الفكر والعبير وأعمال العقل ليقوم بوظيفته في التفكر والابتكار والتطوير ومراعاة حقوق الإنسان الذي كرمه الله
رابعا
تطبق معظم أنظمة الحكم النظام الاقتصادي الحر أو النظام الاشتراكي الشمولي والذي يمثل الوجه الآخر للنظام الحر حيث أتاحت هذه الأنظمة الاقتصادية البائسة لشريحة صغيرة من المجتمع التحكم باقتصاديات البلاد وتحالفت تلك الشريحة الجشعة الفاسدة مع السلطة الحاكمة الظالمة المستبدة وانتشر الفقر والفساد والبطالة مصداقا لقوله تعالى
وإذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فحق عليهم القول فدمرناها تدميرا
ولا ينتشر الفساد ويستشري في أمة الا إذا كان لدى تلك الأمة قابلية للفساد من راس الهرم مرورا الى القاعدة لذا فهي أمة بمجملها تستحق العقاب
وها هي القرى العربية اليوم وبمفهوم القران للقرى تعيش تدميرا من كل حدب وصوب كما هو جليي في العراق ولبنان واليمن وليبيا والسودان والحبل على الجرار
وتلك هي سمات القرى التي أهلكها الله باستثناء سمة الشرك بالله التي كانت سمة سائدة في القرى الهالكة لذلك حق العذاب على القرى العربية الحالية الموحدة في غالبيتها والظالمة والفاسدة في إدارة حياتها
بقلم احمد إبراهيم الحاج
التاريخ 8/12/2019م