اللغة العربية
الشريط الإخباري :
فارس الحباشنة - اللغة العربية في يومها العالمي. كل احتفال بالعربية اشعر بالغبطة والحسرة واليتم لفرط ما يصيب العربية في مسقط رأسها. العربية صارت مشيتها عرجاء على ألسنة ابنائها. لغة لم تعد صالحة بنظر كثيرين ممن يدعون الحداثة والمنغمسين في الاستغراب.
و أكثر المسيئين للعربية المحتفلون بها. مذيعة على شاشة تلفزيون في يوم اللغة العربية في تقريرها خمس كلمات اجنبية، وبين كلمة واخرى تردد «اوكي». ولم اتحمل ما سمعت على محطة اذاعية غنوجة وتكسير للحروف، وتكسير لقواعد اللغة، وكلمات اجنبية مما هب ودب، وتستعمل بمناسبة ودون مناسبة.
و الكارثة الكبرى أن هناك مخبولين موهومين بأن عدم احترام اللغة العربية يعني تحضرا وتقدما وتمييزا اجتماعيا وطبقيا. كم كلمة انجليزية وفرنسية مكسرات وتدبيجهم في الكلام العامي، ونكون هنا وصلنا الى المثقف والاعلامي المتفرنج. الامثلة كثيرة ويصعب حصرها من كثرة ما يطارد مسامعك من ملوثات لغوية.
ما تحتاجه اللغة العربية ليس احتفالا، ولا وقوفا على الاطلال واستعادة معلقات الشعر الجاهلي واللغة الكلاسيكية التراثية في النص الديني والشعر والمقامات الادبية في العصور اللاحقة، وانما ثورة في النحو وتجديد المعجم العربي، وحركة الترجمة، والبحث اللغوي العلمي واللغات.
اللغة وتطورها من صميم الاسئلة الثقافية والسياسية بأي هوية لغوية في العالم. فلو سألنا كم كتابا ترجم مجمع اللغة العربية الاردني وكليات الاداب واللغات، وكم مفردة اجنبية تم تعريبها؟ وكم اطروحة وبحثا قدم في النحو العربي والمقارن؟
اللغة العربية مولدة وحافلة بالطاقة التوليدية نحوا ومعجما وبيانا وبلاغة. واستوعبت في مراحل تاريخية ابداعات علمية وفلسفية وشعرية ونثرية، وفي العهد العباسي كانت على مدى قرنين لغة أممية ولغة العلم والعالم.
عالم اللغة المغربي الفاسي الفهري يقدم اطروحة في تاريخية اللغة العربية تقول إن مشكلة افلاسنا ثقافيا وسياسيا وحتى اقتصاديا تكمن في لغتنا. الحديث عن اللغة يمتد، وثمة زوايا كثيرة في العقل العربي معطلة وجافة وجامدة بسبب ما يصيب اللغة العربية، وأي دعوة الى الاصلاح والتطور والتغيير في السياسة والثقافة لابد ان تخرج من رحم اللغة اولا.
في اليوم العالمي للغة العربية اذوب خجلا عندما يصدع سياسي وشاعر وصحفي ووزير على منبر ويحولون لغة السماء الى لغة حارات وازقة ودواوير. كم أني حزين على لغتي! حزن العربية يذكرني بمصائب عربية اخرى بمناسبة ودون مناسبة.