الرد الإيراني الهزيل

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

عمر حلمي الغول 

ردت جمهورية إيران الإسلامية على عملية مقتل قاسم سليماني فجر الأربعاء، أمس (8/1/2020) بعدما شيعته. ووفق المصادر العسكرية والإعلامية الإيرانية، فإن القوات الصاروخية أطلقت (40) صاروخا باليستيا على قاعدتين اميركيتين في غرب وشمال العراق، الأولى عين أسد في الأنبار، والثانية "حرير" في اربيل، أقليم كردستان في محيط المطار. وحسب تلك المصادر تم قتل (80) جنديا وضابطا أميركيا. وعلى إثر ذلك هلل وكبر قادة إيران من المستويين الديني السياسي والعسكري فرحا وإبتهاجا بالرد وبالنتائج، وب"غسل العار" الإيراني من الجريمة الأميركية! 
لكن المراقبون الإعلاميون والسياسيون والخبراء العسكريون في العالم اجمع، بإستثناء إيران ومن والاها، أكدوا ان الرد الإيراني هش وهزيل ومحسوب بالدقة، للإعتبارات التالية، اولا الضربة الإيرانية إستهدفت وإستباحت إسوة بأميركا أرض وسيادة العراق. وحصرها للمعركة على الأراضي العراقية مقصود، حيث لم تشأ قصف اية قواعد اميركية خارج حدود العراق لخشيتها من فقدان الدقة، والتداعيات الناجمة عن ذلك بإستهدافها سيادات الدول، مما يعرضها للمساءلة الأممية. أما العراق فهو من وجهة نظر طرفي الصراع الشكلي ساحة مأمونة العواقب؛ ثانيا الصواريخ الإيرانية لم تزد عن (12) صاروخا، وليس (40) كما ذكرت، وفي هذا الجانب مالت المؤسسات الإيرانية للتضخيم لغاية في نفس يعقوب الإيراني، همها الأول خداع الجماهير الإيرانية؛ ثالثا وفق المصادر الأميركية الرسمية وعلى اعلى مستوى، ومن المصادر الدولية الأخرى لم يصب أي جندي أميركي من الصواريخ المذكورة، وهذا ما اكده الرئيس ترامب أمس. وتم سقوطها في مناطق محسوبة بحيث لا تؤدي لوقوع خسائر من اي مستوى في الجانب الأميركي؛ رابعا الرد جاء متوافقا وفق السقف المسموح به اميركيا، وايضا لذر الرماد في العيون، ولتهدئة خواطر أركان المؤسسة الأمنية والجماهير الإيرانية عموما وعائلة سليماني خصوصا؛ خامسا كشف الرد عدم جاهزية إيران للذهاب بعيدا في الرد على إغتيال الشخصية الثانية في مؤسسة النظام الإيراني، وبالتالي تم بلع الموس مع ضجيج إعلامي وهمي وتضليلي؛ سادسا من السيناريوهات العلمية المنطقية والإفتراضية، أن تكون التشويشات اللاسلكية الأميركية والإيرانية السابقة للقصف وما تلاها قد ادت إلى سقوط الطائرة الأوكرانية. 
رغم كل ما تقدم، يمكن تقديم إستنتاج علمي، ليس جديدا، ولا يشكل إسهاما خاصا بي، بقدر ما هو تأكيد على تجارب الدول والقوى المتصارعة، ان الصراعات والتناقضات المحتدمة ليس بالضرورة أن تقود لحروب فيما بينها. بل يمكن الإتفاق الضمني على الرد المحدود والمحسوب عبر الوسطاء العلنيين والسريين، او حتى القنوات الخفية بين الأجهزة الأمنية ذات الصلة في البلدين، او بين قوتين متنافرتين.
 وهذا ما حصل في العلاقة التبادلية بين إدارة ترامب وحكم الملالي. لا سيما وان الطرفين لا يريدان ان يخسرا بعضهما البعض حتى الآن. 
ومازال بينهما قواسم وأهداف مشتركة في الإقليم. بالإضافة لعدم جاهزيتهما لدفع ثمن حرب مدمرة. رغم ان الخاسر الأكبر فيها الشعوب والبلاد العربية. لإنها ميدان تصفية الحساب بين المتصارعين، وكونها هدف لكل الأقطاب والدول المتصارعة على تقاسم النفوذ في المنطقة، مازال مطلوبا تفتيت وحدتها، وإستنزاف طاقاتها البشرية والإقتصادية المالية، وتقسيم شعوبها ودولها، وتركها في ذيل الأمم والشعوب. 

غير ان القراءة العلمية تؤكد ايضا، ان الولايات المتحدة تعمل بشكل حثيث على إضعاف جمهورية الملالي، وإعادتها إلى مربع التبعية الكاملة، أو إسقاط نظامها في حال لم يستجب للمعادلة الأميركية، التي تستهدف إعادة بناء الشرق الأوسط الكبير تحت القيادة الإسرائيلية.
 وهذا يتطلب تفكيك أدوات إيران غير المنضبطة، التي لم تتعلم من خبرتها، وبقيت أسيرة نزعاتها. 
النتيجة الماثلة تؤكد، ان إيران إستسلمت لمشيئة القرار والسقف الأميركي. وجاءت برد هزيل ومكشوف وباهت. وستدفع الثمن غاليا لاحقا. لإن أميركا تاريخيا لا تحمي حليف مهما كانت وظيفته، ومهما قدم من خدمات. لإن كل حلفائها، هم مجرد أدوات لفترات زمنية محددة، ثم تنتهي ادوراهم، ويتم تغييرهم وفق الأجندة والرؤية الأميركية. 

oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences