سفير السعودية الأمير «قد يغادر» إذا ما حضر «شيخ قطري» إلى عمان
الشريط الإخباري :
عمان- «القدس العربي»: القراءة اليتيمة في العمق الأردني لأزمة «تأشيرات الحج»، التي حصلت قبل عطلة عيد الأضحى المبارك بين السفارة السعودية في عمان ومجلس الوزراء، لها علاقة – كما تبين لاحقاً لـ «القدس العربي»- بما هو أبعد من تجاهل بروتوكول الضيافة و«تأخير» تأشيرات لوفد وزاري أردني.
يطلق أحد الوزراء الأردنيين «نكتة سياسية» وهو يتحدث عن قرار وفد وزاري كامل بمقاطعة موسم الحج بعد الاستعداد للمغادرة مع الحرص على «إرسال عضو واحد فقط في مجلس الوزراء لأداء الفريضة». فعلاً، قاطعت الحكومة الأردنية برمتها موسم الحج، وحظيت وزيرة التنمية الاجتماعية الدكتورة بسمة إسحاقات بضوء أخضر من رئيسها الدكتور عمر الرزاز عندما توجهت إليه برغبتها الشديدة في المغادرة للحج.
سفير السعودية الأمير «قد يغادر» إذا ما حضر «شيخ قطري» إلى عمان
كانت إسحاقات، بهذا المعنى، العضو الوحيد – ولأسباب شخصية وعائلية – الذي غرد في مسألة تأشيرات الحج خارج السرب الحكومي. ومن باب التسلية والتورية، حرص وزراء خلال العيد على تبادل نكتة سياسية تقول بأن الحكومة قررت إرسال الوزيرة إسحاقات وهي «محجبة ومتدينة» وحدها في الصف الأنثوي الوزاري بهدف «الحفاظ على خيط مع الشقيق السعودي».
طبعاً، حتى في حال وجود «خيط» بمنسوب وزارة التنمية الاجتماعية مع الحليف السعودي «السابق الآن» بوضوح، لا يمكن القول بأن العلاقات في محور عمان- الرياض بأفضل أحوالها في الجانب السياسي من المسألة. وكانت تستعد لموسم الحج أيضاً الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزيرة جمانة غنيمات، وأبلغت «القدس العربي» بأن التراجع عن توجه وفد وزاري كان له علاقة بتقديرات رئيس الوزراء الظرفية وليس السياسية، ورغبة في عدم تعطيل عمل وزراء أساسيين خلال أزمة العيد. طبعاً، تلك مجرد «تفسيرات» تؤكد بأن حكومة الأردن تخطط جيداً لعدم التعليق على مجريات «الفوضى» التي تحيط بالعلاقات الأردنية السعودية، ومن الطبيعي القول بأن الوزيرة إسحاقات لا يمكنها لعب أي دور في أي اتجاه وسط «المواجهة المكتومة» بين البلدين في إطار «الخيارات السياسية» الصعبة والمعقدة، وفي سياق «الحصار السعودي» المساهم في الأزمة الاقتصادية والمالية الأردنية.
الأهم بالتالي هنا هو حسابات المؤسسات الأردنية خلف الستارة التي ترجح بأن توجه السفارة السعودية في تأجيل التأشيرات لوفد وزاري كبير تقرر أن يؤدي فريضة الحج- كان «رسالة سياسية» تلفت النظر إلى استياء الرياض الكبير والمكتوم أيضاً من قرار الأردن «إعادة السفير القطري» وإرسال سفير برتبة رفيعة إلى الدوحة.
عمان كانت قد قررت دعوة السفير القطري مجدداً لمهامه في الأردن بعد عامين من مطالبته بالمغادرة، وفي المقابل عينت الأمين العام لوزارة الخارجية سفيراً للأردن في قطر.
الاستنتاج سياسياً هنا في مكانه بصورة مرجحة للغاية؛ لأن السفير السعودي النشط في عمان، الأمير خالد بن فيصل، بدأ يعبر علناً على موائد الأردنيين عن «تذمره» الشديد من التحول نحو قطر دبلوماسياً في الأردن، ونقلت عنه رواية تلوح ولأول مرة عشية العيد بأنه «قد لا يستطيع البقاء في موقعه في عمان» إذا حضر سفير الدوحة لها.
تلك أيضاً – إن صدقت الرواية – رسالة موازية تعزز القناعة بأن المؤسسة السعودية ليست ميالة للتفهم أو التسامح إزاء مسألة من وزن عودة سفير من العائلة الحاكمة في قطر إلى الأردن وإرسال دبلوماسي رفيع سفيراً لعمان في الدوحة.
والسبب.. أن السفير بن فيصل هو الوحيد بين سفراء الدول الخليجية في عمان الذي يحمل لقب «أمير» ويعتبر من الأسرة الحاكمة خلافاً لأن المؤسسة السعودية «قد لا تغفر» للأردن وهي تراقب ما يتردد حول نوايا عقد لقاء مع الأمير تميم والرئيس اردوغان بعد حل معضلة اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا واستئناف العلاقات مع قطر.
طبعاً، يحصل كل ذلك وسط تسريبات وأنباء بعنوان «لقاء ثلاثي» وقمة تركية – أردنية – قطرية يجري الترتيب لها على نار هادئة. ويحصل بصورة تعزز قناعة غرفة القرار الأردني بأن مسألة عودة العلاقات الدبلوماسية مع قطر «لم تعجب» الشقيق السعودي، واعتبرها تصعيداً غير مبرر استوجب لاحقاً توجيه رسالة المماطلة في إصدار «تأشيرات الحج» لوفد وزاري كان يستعد للسفر مع عدم إرسال ما يفيد بتقديم «واجب الضيافة».
تلك حسابات تزيد من مستوى الحساسية في العلاقة بين البلدين وتؤشر على أن أزمة الثقة والجفاء تزداد نمواً، خصوصاً مع احتجاب تلقائي لكل القنوات التي كانت تجيد التعاطي والتفاعل ونقل الرسائل في الاتجاهين ومن الطرفين.
بسام البدارين