جبهة اردنية من التضامن الشعبي والرسمي تقتل الاشاعة في وكرها ..
الشريط الإخباري :
بترا : إخلاص القاضي-
أحرزت حالة التضامن الشعبي والرسمي في مواجهة معركة فيروس كورونا المستجد أهدافا نظيفة في مرمى الاشاعات والاخبار الكاذبة والمضللة، محققة نصرا عزز الجبهة الداخلية التي عكست قدرة الاردنيين على تدعيم التلاحم الوطني في زمن الأزمات، وترجمت ثقة كبيرة بالحكومة التي تدير"ملف كورونا" بحكمة واقتدار ومسؤولية و"حزم ناعم"، جعلت من الاردن نموذجا عالميا يحتذى به في التصدي لهذا العدو المختلف شكلا ومضمونا وتأثيرا، وفقا لما أكدته فعاليات صحفية واعلامية لوكالة الانباء الاردنية (بترا).
وان اللافت في التصدي للاشاعة في زمن الكورونا لم يقتصر على الجهات الرسمية والمراصد المتخصصة بهذا الشأن، بل شمل غالبية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والناشطين عليها، ممن شكلوا ما يشبه "مراصد شعبية تلقائية" قتلت الكثير من الاشاعات في مهدها، وتصدت للاخبار والفيديوهات والمعلومات الكاذبة التي يطلقها البعض في سياق تعامل الدولة مع ملف كورونا، اذ سرعان ما يتسابقون في بث ما يدحضها من مصادرها الموثوقة، مشكلين بهذا العمل الوطني ذراعا قويا يشد من أزر الدولة ومؤسساتها واجهزتها وجاهزيتها المطلقة للتعامل بكل مسؤولية، من اجل هزيمة هذا العدو "الفيروس المستجد".
وأكدت هذه الفعاليات الصحفية والاعلامية ان الخطاب الاعلامي الرسمي الاردني تمكن من تعزيز ثقة المواطنين به، والذي توازى أيضا مع المشهد الاعلامي المحلي المحترف، في مشهد من التضامن والوحدة والمحاربة التلقائية للاشاعة، مشددين على أهمية ما ذهبت اليه الحكومة حين نوهت الى ضرورة التفريق بين الحقّ المصان للتعبير عن الرأي، وبين نشر الإشاعات والافتراءات والأخبار الكاذبة، التي من شأنها بثّ حالة الهلع، ومتفقين في الوقت عينه على أهمية دورها في التعامل بحزم مع مطلقي الاشاعات.
وفي جولة عبر الشبكة العنكبوتية على عدد من ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي، وفي ردودهم على سؤال عبر منصة "فيسبوك" حول مدى تأثير الاشاعة في زمن الكورونا، أجمعواعلى رفض الدور الخطير الذي تلعبه الاشاعة في الاوقات العادية من حياة الافراد والمجتمعات، فكيف باوقات الأزمات أو الامراض على حد تعبيرهم، حيث تشير الزميلة رانيا تادرس الى ان البعض ينشرون الاشاعات في ظل غياب لمعرفة استقاء الاخبار الصحيحة من مصادرها الرسمية، مستدركة، ودون تبرير لهم "احيانا تأخر المعلومة الصادرة عن تلك المصادر يسمح للبعض بتعبئة الفضاء الالكتروني بما يحلو لهم، دون أدنى شعور بالمسؤولية".
فيما تشير الزميلة كوثر صوالحة، المتخصصة بتغطية قطاع الصحة، الى "ضرورة عدم الاستخفاف بأثر الاشاعة على الناس خاصة في زمن الكورونا، الامر الذي يصعد من الخوف والنيل من المعنويات، وهذا ما هو مرفوض تماما"، مشددة على أهمية العودة فقط للمصادر الرسمية للاخبار.
بدوره يؤكد نذير الصمادي، موظف قطاع عام، انه ورغم التقدير المطلق للاجراءات الحكومية وقدرتها البارعة في ادارة "ملف كورونا"، الا اننا لا ننكر كيف تلعب الاشاعة في التأثير على معنويات الناس، وخاصة لجهة الاخبار المفبركة العارية عن الصحة تماما، مشددا على ان المسؤولية هذه الايام تحديدا لا تقع حصرا على الجهات الرسمية بل على نشطاء "السوشال ميديا"، وعلى كل فرد من افراد المجتمع، فالتضامن المعنوي هو اساس تجاوز اي أزمة، على حد قوله.
وتذهب فيروز غبرة، ربة بيت، الى ان الاشاعة تكاد ان تتسبب بامراض اضافية لمن يعانون اصلا من امراض مزمنة، مناشدة من يطلق الاشاعات، ان يتقي الله في وطنه واهله وكل من هم بحاجة لدعم معنوي، حتى من المصابين بالكورونا، مضيفة: المطلوب اليوم هو تعزيز حالة التضامن الشعبي وعلى اعلى المستويات مع الجهات الرسمية، وعدم السماح مطلقا بتداول المعلومات ليس فقط حصرا بـ "السوشال ميديا" بل بالاحاديث بين الناس سواء مباشرة او عبر تطبيقات التلفونات الذكية، مؤكدة على ان "تلك التطبيقات وخاصة الواتساب يعد تربة خصبة لانتشار الاشاعة كالنار في الهشيم".
عامر الكساسبة/ مزارع، يشدد في هذا السياق على اهمية دور الاسرة في التوعية لجهة أهمية محاربة الاشاعة، وحتى مراقبتهم في طريقة وكيفية تعاملهم مع "السوشال ميديا"، على ان تسهم الاسرة ايضا في رفع وعي افرادها، وحثهم على التعبئة الوطنية للارتقاء بمستوى الخطاب الشعبي عبر مواقع التواصل، فالمطلوب، كما يضيف "حالة قصوى من التكامل مع الخطاب الرسمي الذي اثبت نجاعته وقدرته الفذة على طمأنة المواطنين والتعامل بكل شفافية مع ملف الكورونا".
ويرى ابراهيم، الموظف في القطاع العام، انه وبمعزل عن مستوى الاشاعة في الاردن، فان اثرها اذا لم تكافح وبحزم، يشبه اثر الرصاص الذي يجرح ويقتل، مشددا على أهمية دور الحكومة في التصدي للاشاعات وخاصة في هذا الظرف الاستثنائي الذي يعيشه الاردن كجزء من عالم يكافح هذا الفيروس العابر للقارات والناس والفئات.
من جانبه، يقول نقيب الصحفيين الزميل راكان السعايدة إن الإشاعة وسيلة هدم للدول والمجتمعات، ومحاربتها واجب على الجميع، وخصوصا الصحفيين والإعلاميين الذين هم حراس الحقيقية، مضيفا "نحن في النقابة نشدد على ضرورة استقاء المعلومات من مصادرها الصحيحة، ونقلها بكل موضوعية ومصداقية".
تتطلب الاشاعات التي نواجهها حيال هذه الازمة، عدة أمور، التدفق السريع للمعلومات من مصادرها، ونقل هذه المعلومات بالسرعة الكافية للجمهور، ويتطلب ذلك أيضا السرعة في رصد الإشاعات والرد عليها خلال زمن قياسي، كي لا تتوسع هذه الإشاعات وتحدث فوضى وارباكا.
وفي ذات السياق يدعو الزميل السعايدة المواطنين إلى عدم الالتفات للاشاعات ولعدم تداولها، ولضرورة استقاء المعلومات من مصادرها الصحيحة، وعدم منح من يطلقون الشائعات اي فرصة للتلاعب بالوعي والمواقف.
ويشدد على ضرورة وقوف وسائل الإعلام جميعها امام مسؤولياتها في نقل الحقائق للمواطنين، وان تواصل العمل بحرفية ومهنية لدحض الإشاعات وعدم تناقلها، مذكرا "ان الالتزام بالمعايير المهنية وشروطها واخلاقياتها مسألة في جوهر العمل الصحفي المهني".
ويختم بتشديده على ضرورة ان تقدم الحكومة والجهات ذات الصلة المعلومات بكل سرعة وشفافية، لأن هذا حق للمجتمع بان يكون على اطلاع اولا باول حول كل المستجدات والتطورات.
رئيس تحرير صحيفة الدستور الزميل مصطفى ريالات يقول، إن "ازمة كورونا" الحالية، وللاسف، مثال لمدى انتشار الاشاعات والاخبار المضللة في اوقات الحروب والكوارث، مذكرا "رصدنا في مرصد الدستور من اول الشهر الحالي وحتى يوم امس، 39 اشاعة مؤثرة جدا أربكت المشهد العام في التعاطي معها، منها معلومات طبية كاذبة ومضللة، احداها نسب لمنظمة الصحة العالمية زورا وتضليلا، اضافة لرصدنا مواقع لــ "هكرز" كان هدفها الاول والاخير بث الاشاعة والرعب في صفوف المواطنين.
ويشير الى تضاعف سرعة وكمية بث المعلومات عبر الشبكة العنكبوتية ووسائل المعلومات التكنولوجية حيال أزمة كورونا، ومنها، واستنادا لاحصاءات عالمية، فان عدد الرسائل عبر تطبيق "واتساب" كان قبل "انتشار الكورونا" 29 مليون رسالة في الدقيقة الواحدة، فيما تضاعف الرقم بعد انتشار المرض، وكذلك الحال بالنسبة للمنشورات التي تبث عبر "فيسبوك" فقد تضاعف العدد الذي كان اصلا ثلاثة ملايين منشور للدقيقة الواحدة، مضيفا: وقس على ذلك العدد الضخم، كمية وحجم الاشاعات والاخبار والفيديوهات بين الكاذبة والصادقة.
وعلى صعيد متصل يثمن الزميل الريالات دور الحكومة في التعامل الشفاف مع المواطنين وتوفيرها للمعلومة الصادقة التي ساهمت في التخفيف من الاشاعات ومحاصرتها، معربا عن غبطته من "دور مميز" للاعلام الاردني المسؤول في زمن الكورونا والذي كان له ابلغ الاثر في محاصرة الاشاعة المتزامن مع وعي كبير للمواطن المراسل القادر على التمييز بين الصدق والكذب.
من جهته يقول الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور، إن الاعلام المحترف يجب ان يكون مصدرا للمعلومات الموثوقة، وفي زمن انتشار الاوبئة تتضاعف المسؤولية الاعلامية بما يدحض الاشاعة ولا يثير الهلع وبما يحفظ السلم الاهلي، ما يقودنا لتعزيز مفهوم الصحافة الاخلاقية وترسيخ قيمها وتعزيز التدقيق في المحتوى، وتطور المساءلة والمراقبة، الأمر الذي يدّعم حالة الثقة بالخطاب الاعلامي.
بدوره يؤكد رئيس تحرير صحيفة الغد الزميل مكرم الطراونة ان محاربة "ازمة الكورونا" لم ولا تقتصر على الدولة الاردنية بل انها حرب كونية، لا تتصدى لها الحكومات فقط، بل على المواطنين المسؤولية الكبيرة ايضا في مساندة الدولة للتصدي لكل ما من شأنه تخفيف وطأة ونتائج المرض على المجتمع بأسره تحت عنوان "حماية الامن الصحي"، مشيرا الى ان تداعيات ازمة كورونا وكيفية تعامل الدولة الاردنية معها، يسجلان خطوة تاريخية وسابقة في استعادة الثقة بين المواطن والحكومة، التي بذلت بدورها وتبذل الجهد الكبير في الحفاظ على الامن الصحي، ما انعكس ايجابيا على المواطن وطمأنينته، ورتب عنده الوعي المطلوب لتقصي المعلومة من مصادرها الاكيدة، تزامنا مع ضخ مسؤول وشفاف للمعلومات الرسمية، الامر الذي اسهم بشكل كبير في دحض الاشاعات.
ويتابع الزميل الطراونه، ان ذلك لم يدحض الاشاعات فحسب، بل اسهم في انتاج حالة رائعة من التضامن الشعبي الذي ساعد، وبجهود لمواطنين وناشطين، في بث الفيديوهات والاخبار التي كانت تكذب اي شائعة هدفها النيل من الروح المعنوية للناس والتقليل من شان الجهود الحكومية الكبيرة التي تبذل وظاهرة للعيان وللعالم بأسره.
ويضيف: الايجابية والتضامن وروح الفريق الواحد، من متطلبات المرحلة، والاعلام بكل مؤسساته واشكاله الذراع المساند للجهود الحكومية التي كرست كل أجهزتها لبث السكينة لدى المواطنين، وعلى رأسها مشهد انتشار الجيش العربي على مداخل المحافظات الامر الذي قوبل بترحيب وفرح كرسا من حالة الطمأنينة التي قتلت الاشاعات بوكرها.
بدوره يقول رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين الزميل يحيى شقير، إن الدستور الاردني تعامل مع "وباء كورونا" ككارثة، والمطلوب من المواطن ان يتخيل نفسه انه في حالة حرب مع عدو، وفي حالة الحرب في مختلف دول العالم ليس الاردن فقط، تختفي مشاهد الاختلاف في وجهات النظر مع الحكومات، لمصلحة الانتصار على العدو الاول، لانه لا يجوز فتح عدة جبهات في آن معا، فمنطق الاولويات يقتضي ان يكون الجميع في قارب واحد وهدفهم النجاة والنصر.
وفيما يتعلق بالتصدي للشائعات في زمن الكورونا، يضيف، يجب ان نفرق بين الصحفيين ونشطاء السوشال، اذ ان الصحفيين يلتزمون بضوابط المهنة وقوانينها والدقة والنزاهة والموضوعية واخلاقيات الصحافة، فيما يعبر النشطاء بطريقتهم دون التقيد بالضرورة بقواعد صحفية مدروسة.
ويستفيض: في الوقت الذي تعتبر فيه حرية التعبير مصانة بالمواثيق الدولية، وخاصة المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي تشير الى حق كل انسان في استقاء او التماس وتلقي وبث المعلومات، الا ان هذه الحرية متبوعة ووفقا لذات المادة بواجبات ومسؤوليات، في الحفاظ على خصوصية الاخرين واحترام الامن القومي والصحة العامة، مفسرا، اي ان حرية التعبير لا تتيح مطلقا نشر معلومات تضر بالصحة العامة، وعلى الجميع الالتزام بتطبيق بنود هذه المادة، لاسيما وان الاردن طرف في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
ويعرج على اهمية دور الصحافة في التصدي للاشاعات، مشيرا الى ان سلاح التوعية المقرون بصدق المعلومة وشفافيتها وسرعتها هو الامثل في زمن الكورونا، ومن شأنه دحض كل الشائعات التي يمكن ان تطلق من البعض عبر "السوشال ميديا" والتطبيقات الذكية، مشددا على اهمية الالتزام بقوانين الصحافة والمطبوعات والنشر والاعلام المرئي والمسموع، وخاصة في بث المعلومات ومنها ضرورة احترام خصوصية الافراد وكراماتهم، فلا يجوز مثلا، وفقا لشقير نشر صورة واسم ولقب ومنصب اي من المحجور عليهم او من المعزولين دون علمهم او موافقتهم.
ويستطرد، ولا يجوز نشر اخبار كاذبة او مبالغ بها، منوها الى ان قانون الجرائم الالكترونية ينطبق على منصات التواصل الاجتماعي خاصة المادة 11 منه والتي تعاقب على ذم وقدح المؤسسات الرسمية، فضلا عن الاجراءات الرادعة في قانون الاعلام المرئي والمسموع، ولا ننسى في هذا السياق ايضا قانون الدفاع الذي يتيح للحكومة فرض رقابة محدودة على وسائل الاعلام، حماية للوطن والمواطن اولا واخيرا، وليس تقييدا للحريات مطلقا.
وكانت هيئة الاعلام قد حذرت في بيان نشر أمس، وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، من نشر او بث او تداول، الاشاعات والاخبار المكذوبة والمغلوطة او المشكوك في مصداقيتها، كون تداعياتها تؤثر على الامن الوطني الاردني، داعية مختلف وسائل الاعلام، إلى الاعتماد على المصادر الرسمية الموثوقة للاخبار، وتحت طائلة المسؤولية القانونية.
واكدت انها وفي ضوء تطورات ازمة فيروس كورونا، كثفت متابعتها للمحتوى الاعلامي المقروء والمرئي والمسموع، وانها ستتخذ الاجراءات القانونية الفورية، بحق اية وسيلة اعلام، تنشر او تبث، اشاعات او اخبار او تقارير، او فيديوهات، من شأنها بث الرعب والخوف والهلع، في اوساط المواطنين، او تؤثر بأي شكل كان، على أمن واستقرار المجتمع.
ويبين ان الاعلام لم يعد مقتصرا على التقليدي منه، اذ ان "السوشال ميديا" هي ادارة مجتمعية لنشر المعلومات ولرقابة المجتمع وقد تستخدم بشكل ايجابي او سلبي، ولكن الآن وفي زمن الكورونا مثلا، من الضروري جدا توخي الدقة بكل ما يبث عبر منصات التواصل الاجتماعي لانها الاكثر سرعة في نقل الخبر او المعلومة او الاشاعة.
ويستدرك: ان ما يلفت النظر في سياق ازمة كورونا حالة التلاحم الشعبي الالكتروني - اذا صح التعبير-، ووجود مراصد شعبية تصدت للاشاعة وهزمتها، بالدليل القاطع، مشاطرة الدولة واجهزتها المختلفة في محاربة الاشاعة من منظور وطني ومسؤولية اخلاقية مجتمعية، مردها ان الجميع شريك في مواجهة ما وصفه بــ "اخطر عدو في القرن الحادي والعشرين".