لماذا يتم “حجر” نشاطات “اللجنة الثلاثية لشؤون العمل” في اللحظة الراهنة؟!

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
مع نهاية شهر آذار (مارس) طغى ملف دفع الأجور لمستحقيها في القطاع الخاص على الساحة الأردنية بكل أطيافها، في ظل شكاوى من طرفي العمل، فهناك عاملون لم يتقاضوا أجورهم، فيما أصحاب عمل يشتكون من عدم تمكنهم من الالتزام بدفع الأجور، في حين غابت بشكل تام اللجنة الثلاثية لشؤون العمل عن المشهد رغم انه يفترض ان تحض بقوة للمساهمة باقتراح حلول تنصف كافة الأطراف من عمال وأصحاب عمل.
اللجنة الثلاثية لشؤون العمل، التي يرأسها وزير العمل وتضم تسعة أعضاء ثلاثة من وزارة العمل احدهم الأمين العام، وثلاثة أعضاء يمثلون أصحاب العمل وهم رئيس غرفة صناعة الأردن، ورئيس غرفة تجارة الأردن وممثل عن قطاع الزرعة، في حين يمثل العمال ثلاثة أعضاء احدهم رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، واثنين من رؤساء النقابات العمالية، يفترض ان تجتمع، في الظروف العادية، مرة كل ثلاثة اشهر سنويا بحسب نظامها، وبدعوة من وزير العمل، لكن على ارض الواقع، اخر اجتماع للجنة كان الشهر قبل الماضي، والذي جاء بعد شهور طويلة من الغياب، قررت فيه رفع الحد الأدنى للأجور.
وفي ظل اعتقاد سائد ان دور اللجنة ينحصر فقط في اخذ قرارات تخص الحد الأدنى للأجور، يشير نظام اللجنة الثلاثية لشؤون العمل لسنة 2010 الى ان اللجنة تضطلع بعد مهام منها الاجتماع عند حدوث أي قضية في سوق العمل تتطلب تدخلا من كافة اطراف سوق العمل سواء عمال او أصحاب عمل او حكومة.
مصدر يمثل القطاع التجاري في الأردن، فضل عدم ذكر اسمه، اكد لـ”الغد” انه في ظل عدم استطاعة اللجنة، قانونيا، عقد اجتماع الا بدعوة من وزير العمل، حاولوا الاتصال به لطلب ذلك الا انه لم يجب على اتصالاتهم ورسائلهم، مؤكدا ان اللجنة الثلاثية يجب ان تجتمع في اسرع وقت نظرا لأهمية وصول اطرافها لاتفاقات تناسب جميع اطراف سوق العمل.
"الغد” حاولت الاتصال بوزير العمل نضال البطاينة، الا انه لم يجب، وبدوره لا يعلم رئيس اتحاد نقابات عمال الأردن مازن المعايطة سبب عدم دعوة اللجنة الثلاثية للاجتماع حتى الان لكنه يعتقد انه من الممكن ان يكون السبب الانشغال الشديد لوزير العمل حاليا كونه رئيس لجنة الازمات، ومع ذلك يرى المعايطة انه من الضروري جدا ان يتم دعوة اللجنة للاجتماع بأسرع وقت ممكن.
ويستغرب رئيس النقابة العامة للعاملين في الكهرباء، علي الحديد، من عدم انعقاد أي اجتماع للجنة الثلاثية حتى الان، مؤكدا ان انعقادها ضرورة ملحة نظرا خاصة في ظل خروج أصوات لأصحاب العمل تهدد بفصل العمال، واخرون اخبروا عمالهم نيتهم عدم دفع اجورهم، ليعلق الحديد على هذه النقطة بالقول "شيء مؤسف ان كل من اراد ان يحقق مصالحه الخاصة ويريد الضغط على الحكومة يهدد بقطع رواتب العمال، ليس من اللائق ومخالف للقوانين ان يتم تهديد العمال في رزقهم”.

الحديد، الذي اثنى على أداء الحكومة فيما يخص محاولاتها تقديم معونات عينية لعمال المياومة، من خلال مؤسسة الضمان الاجتماعي، لكنه يؤكد ضرورة ان تثبت جديتها في اشراك اطراف الحوار الاجتماعي بإيجاد حلول لمشاكل طرأت او تفاقمت في سوق العمل، وهذا لا يتم الا بتفعيل دور اللجنة الثلاثية، التي عليها الاجتماع بأسرع وقت ممكن ووضع حد لأصحاب العمل الذين يهددون عمالهم بالفصل، ما من شأنه ارسال رسائل مطمئنة للعمال وعائلاتهم.

مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة يؤكد ان موضوع الاستقرار الوظيفي للعاملين في القطاع الخاص واستمرار حصولهم على الأجور في ظل أزمة الكورونا يشكل الهاجس الرئيسي الذي يسبب قلقا للغالبية العظمى من الأسر الأردنية في هذه المرحلة و لا يقل عن هاجس الخوف من العدوى بالمرض، في ظل توقف أعمال المؤسسات وعدم قدرة بعضها على الوفاء بحقوق العمال، وفي ظل توقعات استمرار الأزمة لمدة أطول مما كان متوقعا، وتزداد حالة القلق أكثر لدى الأسر التي يعيلها أفراد يعملون بصورة غير منتظمة كعمال المياومة وأصحاب المهن الحرة وسائر الأعمال في القطاع غير المنظم الذين يشكلون أكثر من 48% من العاملين في المملكة، والذين توقفت أعمال الغالبية العظمى منهم وأصبحوا بلا دخل بصورة مفاجئة.
ويرى أبو نجمة انه لا يمكن الوصول إلى معالجات عملية لهذه المعضلة إلا بتعاون وثيق وتشاور وحوار مباشر بين الأطراف الممثلة للفئات المتأثرة، "وهو أمر يعتبر من صلب عمل اللجنة الثلاثية لشؤون العمل التي تم تشكيلها عام 2008 بناء على تعديل تم على قانون العمل لهذه الغاية، وصدر بموجبه نظام اللجنة الثلاثية عام 2010 لينظم طريقة عملها ومهامها وصلاحياتها، التي تتمثل إضافة إلى وضع الحد الأدنى للأجور، وتصنيف المهن والصناعات التي يجوز فيها تأسيس نقابات، في المهام التي تتعلق بسياسات العمل، وشروط العمل وظروفه، ومدى انسجام سياسات وتشريعات العمل مع احتياجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية ومعايير العمل الدولية خاصة في مجالات التشغيل والحد من البطالة، وتفتيش العمل، والتفاوض العمالي الجماعي، والنزاعات العمالية، والأجور، والتدريب المهني”.
أبو نجمة يؤكد ان هذا الحجم الكبير من المهام الملقاة على عاتق اللجنة لا يجد له طريقا إلى العمل والتنفيذ على أرض الواقع، فاللجنة لا تجتمع إلا نادرا،” وفي قضايا مجتزأة تطرح بصورة سطحية ولا تأخذ حقها في الدراسة والحوار كما يفترض في مثل هذه القضايا الحساسة”..

ويؤكد أبو نجمة ان هذه المرحلة بالتحديد تفرض ضرورة ملحة لأطراف العمل للجلوس على مائدة واحدة وتحمل مسؤولياتهم بصورة مشتركة، لمواجهة الأخطار الجسيمة التي تواجه قطاع العمل ومؤسسات القطاع الخاص بكافة أشكالها وأحجامها، وفرص العمل وديمومتها، وحقوق العاملين وبيئة العمل، وهي قضايا لا يمكن للحكومة وحدها أن تتصدى لها منفردة ولا يجوز لها ذلك، بالنظر إلى تعقيدات وتفاصيل العمل وخصوصياته في كل قطاع مهني والتي لا يمكن التعامل معها إلا من خلال تعاون مشترك مع ممثليه من طرفي العمال وأصحاب العمل.

وقال "لا يكفي للتصدي لمشاكل سوق العمل القائمة والمتوقعة في المرحلة القادمة العمل على تقديم المساعدات العينية والحث على صرف الرواتب وتيسير الوصول إليها، أو منح مهل للمؤسسات لسداد القروض الصغيرة، فمثل هذه الإجراءات على أهميتها لا تعتبر كافية لمساعدة العمالة الفقيرة ومتوسطة الدخل، خاصة في ظل غياب شبكة حماية خاصة لأصحاب الأعمال المعرضون للإفلاس في هذه الأزمة”.

دور الأطراف الثلاثة واللجنة الثلاثية يجب أن يرقى إلى مستوى الحدث، ويراجع سياسات العمل في إطار واقع تأثيرات الأزمة ومضاعفاتها الإجتماعية والإقتصادية، والإتفاق على حزمة من المساعدات لدعم الإقتصاد والشركات وقطاع الأعمال، بعد رصد القطاعات والمؤسسات والعاملين الأكثر تأثرا في القطاعين المنظم وغير المنظم، والسبل اللازمة لضمان شروط العمل اللائق وحماية حقوق العمال وأجورهم واستقرارهم في العمل، والحد من التفشي المتوقع للبطالة، وتعزيز التفاوض العمالي الجماعي وطرق حل النزاعات العمالية المتوقع أن تزداد في مرحلة ما بعد انحسار الوباء بحسب أبو نجمة.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences