كورونا سيذهب ومرض الاقتصاد سيبقى .. بقلم / الدكتور فايز ابو حميدان

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

الدكتور فايز ابو حميدان

الأمل والتفاؤل شيئان جميلان والإنسانية استطاعت تجاوز كل الأزمات الصحية والعسكرية والاقتصادية لغاية الان واستطاعت النهوض والانتعاش من جديد ولكن التقييم الصادق والواقعي للأوضاع الاقتصادية مهم للغاية ويضع الناس والحكومات بصورة حقيقية للوضع ويفسح مجالا للتفاهم بين عوامل الإنتاج وبين الناس والدول وينظم العلاقات الاجتماعية والدبلوماسية والسياسية والاقتصادية بصورة أفضل.

لقد مر العالم في أزمتين اقتصاديتين عام 1929 وعام 2008 كان سببها أخطاء اقتصادية كانت تتمثل في ارتفاع الأسعار غير الحقيقي والمضاربة وعدم وجود رقابة مالية على السوق المالي وقد بدأتا في بورصة نيويورك.

ازمة كورونا الاقتصادية لم تكن نتيجة أخطاء اقتصادية بل انها عرض صحي مفاجئ أصاب كل العالم وبسرعة البرق مدة تعطيل الإنتاج والانكماش الاقتصادي ستكون كبيرة وطويلة لذلك يصعب التنبؤ بالعواقب والنتائج وما نكتبه هو سيناريوهات قد تحدث منها المتشائم ومنها المتفائل ولكنها تلتقي جميعها في نقطة واحدة وهي ان العالم سوف يتغير من الناحية الاقتصادية والتعافي سيحتاج الى مدة زمنية طويلة. السبب في ذلك ازمة كورونا الاقتصادية هي القاتل الأقوى للوظائف مما سيرفع أعداد العاطلين عن العمل الى أرقام مهولة لم يشهدها التاريخ. كما ان المجيء المفاجئ لهذه الازمة قد وضع الحكومات والمؤسسات الاقتصادية امام معضلة تاريخية لم يكن لها مثيل في تاريخ البشرية. ان انحدار ارقام الناتج المحلي الى 25% او أكثر وانخفاض السوق المالي الى 20% سيدخل العالم في ازمة اقتصادية يلاحقها ازمة مالية خانقة فمحاولات حكومات العالم دعم السوق المالي بالألوف من المليارات (أمريكا 5-6 ترليون، الوحدة الأوروبية 0.5 ترليون، المانيا والصين ما يقارب الترليون) ما هي الا نقاط ماء على حجر ساخن.

إن إيجاد حلول للازمات الاقتصادية للدول تعتمد على عوامل متعددة فالدول التي تواجه حروبا او أزمات اقتصادية كما هو الحال في سوريا، اليمن، ليبيا العراق ولبنان ودول في أمريكا اللاتينية مثل فنزويلا ودول افريقية ستكون إمكانية إيجاد حلول لها صعبة وخاصة ان عوامل الإنتاج من مصانع وشركات  تعاني من أزمة اقتصادية قبل مجيء فيروس الكورونا وإمكانية الاستثمار هنا ضعيفة فصاحب المال جبان في الدخول الى هذه الدول كما ان إمكانيات المساعدات من دول أخرى أصبحت ضئيلة لان الدول الغنية نفسها تعاني من الازمة الاقتصادية فالسعودية مثلا  قامت بتخفيض الرواتب للموظفين وشركات عظمى مثل شركات الطيران قامت بتسريح العاملين وأمريكا تعاني من أعلى ارتفاع للعاطلين عن العمل بلغ 17 مليون عاطل عن العمل خلال أسبوعين فالدول الغنية ستركز اهتمامها على أوضاعها المحلية او التحالفات الاقتصادية المفروضة عليها.كما ان دول العالم منهمكة في حل أزماتها الداخلية في أمور الحجر الصحي للحد من انتشار المرض الى إيجاد حلول لتأمين المواطنين بالمتطلبات اليومية اثناء الحجر المنزلي والعناية بالنظام الصحي الذي يتهاوى في كثير من الدول أي ان التركيز اصبح وطني وداخلي حتى وصل الى اغلاق حدود الدول والحد من إمكانية التنقل.

المطلوب الان هو إيجاد ميزان عادل لتقسيم المسؤوليات والواجبات بين عناصر الإنتاج من عمال وارباب عمل بما يضمن حقوق العاملين ونجاة المؤسسات الاقتصادية وهذا يتطلب تعاون ورقابة حكومية ويتطلب أيضا مرونة وحسن التصرف من المسؤولين وتفهم وتعاون من النقابات العمالية ورغم تفهمنا لحرصها على مصالح أعضائها الا انه يتوجب عليها مراعاة مصالح ارباب العمل والمحافظة على استمرارية الإنتاج دون انانية او محاولة فرض مطالب غير واقعية وصعبة المنال فالوقت الحاضر هو زمن إيجاد حلول وسط ومراعاة مصالح الجميع.

كما ان على الدولة تخفيض الضرائب وتشجيع الاستثمار من خلال حوافز متعددة بجلب المستثمرين ومحاربة الفساد والمحسوبيات، كما يجب المحافظة على التحالفات الاقتصادية والإقليمية كإنقاذ الوحدة الأوروبية ومجلس التعاون الخليجي وتحالفات إقليمية واقتصادية أخرى. كما ان المطلوب أيضا شد الاحزمة بالنفقات الحكومية ورواتب المسؤولين وإيجاد معادلة جديدة للرواتب بشكل عام تتناغم مع الوضع الاقتصادي الحالي ومراقبة الأسعار والسوق المحلي

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences