مستقبل الصحف الورقية .. بقلم / د. ماجد الخضري
الشريط الإخباري :
الدكتور ماجد الخضري
دراسات عديدة تنبأت بانتهاء عهد الصحف الورقية التي انتشرت في العالم في القرن السادس عشر في اعقاب اختراع الطابعة حيث بقيت الصحف وسيلة رئيسه من وسائل الاعلام في العالم الى ان صعد نجم الانترنت في نهاية القرن الماضي وبالتحديد بعد عام 1990م حيث بدا نجم الصحف الورقية بالافوال .
ومنذ ثلاثين عاما والصحف الورقية تتلاشي ويتراجع انتشارها وتوقعت كثير من الدراسات ان تنتهي هذه الصحف ما بين عامي 2030 / 2040م حيث شهد القرن الحالي اغلاق ما يزيد عن اربعة الاف صحيفة ورقية حول العالم اضافة الى تحول عدد كبير من الصحف الورقية الى الكترونية ، وكان الالكتروني اصبح هو التطور الطبيعي للصحف الورقية .
ورعم ذلك فان العديد من دول العالم ومنها بعض دول أوربا حافظت على الصحف الورقية وقاتلت من اجل عدم اندثارها على اعتبار انها اداة من الادوات الاعلامية للدوله وانها تتميز بانها بيوت للخبرة والمهنية وانها الحاضنة الاساسية للاعلام المهني والمحاربة للانتشار الاشاعات ، فالاعلام الالكتروني عكس الورقي ولا يقوم على اسس قوية ويقوم عليه افراد بعكس الاعلام الورقي الذي يقوم عليه مؤسسات راسخة وقوية .
وفي الاردن تعتبر الصحف الورقية اليومية بيوت خبرة في العمل المهني الصحفي والخط الاول في الدفاع عن الدولة في ظل انتشار الاخبار الكاذبة و الزائفة وفي ضوء الاعتماد المتزايد على وسائل التواصل الاجتماعي في الحصول على الاخبار .
وفي الوقت الذي ما زالت العشرات من الدول خاصة في اوروبا تقدم الدعم المادي للصحف الورقية لتبقى قائمة وتستمر في مسيرة البذل والعطاء مثل فرنسا والسويد والدنمارك على اعتبار ان الصحف الورقية خاصة اليومية منها تنشر اخبار مشغولة بشكل مهني واخبار صحيحة مئة بالمئة نلاحظ ان الاعلام الورقي قد بدا بالانهيار في العديد من الدول العربية ومنها الاردن ونلاحظ ان العديد من الدول العربية لم تقدم الدعم المناسب للاعلام الورقي .
وقد أدركت الدول التي تدعم الاعلام الورقي ان انهيار الصحف الورقية سيفتح الباب واسعا لمواقع التواصل الاجتماعي لتحل محل هذه الصحف وتأخذ دورها مما يعني ان الاخبار الزائقة ستواصل التقدم وستاخذ مكانها في المجتمع.
فمواقع التواصل الاجتماعي تعج بالإخبار الكاذبة ومن يتولى نشر الاخبار في معظم هذه المواقع هم الهواة غير المحترفين في صناعة الاخبار و من الذين لا يملكون الخبرة الكافية في اعداد الخبر وكتابته بالطريقة الفنية كما ان معظم ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي لا يستند الى مصدر مختص فالاخبار تنشر دون الاشارة الى مصدر ودون التأكد من صحتها من خلال القنوات الرسمية المتخصصة وفي الغالب لا تكتب بالطريقة الفنية المتبعة في الصحف الورقية العريقة حيث تكتب الاخبار بطريقة الهرم المقلوب وبالطريقة الفنية القائمة على وجود مصدر مختص ينقل المعلومة ويتحدث بها .
لذلك حافظت الكثير من الدول على الصحف الورقية وقدمت الدعم القوي لها خوفا من انهيارها وخوفا من ان يكون البديل عنها مواقع التواصل الاجتماعي فقد عانت عشرات الدول كما عاني الاردن من الاخبار الزائفة التي يتم تداولها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وكانت الصحف الورقية هي الاداة المهمة في محاربة الاعلام الزائف والكاذب.
وفي الاردن كغيره من دول العالم توقفت الصحف الورقية عن الصدور خلال ازمة كورونا و على اعتبار ان الورق ناقل جيد لفيروس كورونا وبدات الصحف تعتمد على النسخة الالكترونية في ظل غياب النسخة الورقية التي كانت تعج بالاعلانات التي تؤمن مصدر دخلا مناسب ورئيس للصحفية ولكن في ظل غياب النسخة الورقية عجزت الصحف عن دفع رواتب موظفيها وتعثرت ماليا ليس بسبب عدم قدرتها على تامين الدخل المناسب للاستمرار ولكن بسبب قرار حكومي لذلك وجب دعم هذه الصحف لتستمر في مسيرة البذل والعطاء ولتكون اليد اليمنى للدولة ومساعدا لها في تنفيذ وتطبيق سياساتها .
فالصحف الورقية تمر بفترة مصيرية من تاريخها ووجب على الدولة مساعدتها وحمايتها لتخرج من ازمتها ووجب على الجسم الصحفي التكاثف في ظل هذه الازمة وتوحيد الجهود .
كما وجب على الصحف الورقية تطوير نفسها من خلال البحث عن مصادر دخل اضافية غير المصادر التقليدية فتجربة العديد من الصحف الورقية التي تحولت الى الكترونية في الغرب كانت ناجحة حيث عززت تلك الصحف مسيرتها من خلال التواجد في العالم الافتراضي وبناء اعلام متعدد الوسائط لا يعتمد على الخبر السريع وانما على رسائل الفيديو والتحقيقات الصحفية والتقارير الخاصة .