خيمة "سبيل معان" تحافظ على إرثها الخيري متحدية كورونا
الشريط الإخباري :
من ساعات الصباح الرمضاني الباكر ينطلق الشاب العشريني عبد الرحمن المغايظة إلى خيمة سبيل معان الرمضانية متسلحا بعدة الطبخ من سكاكين وأوان خاصة بإعداد الوجبات الغذائية.
يقطع الدجاج أو اللحم مما وفره المحسنون لطبخه وتوزيعه على محتاجيه، ثم يجهز الأرز ويقطع البصل يغسل الأواني يحضر الماء، أينما نظرت في خيمة السبيل ترى الشاب المغايظة جاهزا لتلبية أي طلبات، يدفعه في ذلك حبه لفعل الخير.
ويقول المغايظة للجزيرة نت إن خيمة سبيل معان قائمة منذ 18 عاما مضت، ومستمرة بالعطاء لن يوقفها كورونا، قدم القائمون على مبادرة "سبيل معان" خلال هذه السنوات طعام الإفطار وموائد الرحمن طوال شهر رمضان المبارك للعابرين من مدينة معان وسالكي الطريق الصحراوي الرابط بين جنوب المملكة وشمالها.
ودأب القائمون على السبيل تجهيز الطعام لحافلات المعتمرين العابرين لمدينة معان القادمين من الأراضي الفلسطينية أو العراق أو سوريا وغيرهم، ويطعم السبيل سائقي الشاحنات وطلبة الجامعات ومن تقطعت بهم السبل من عابري السبيل، إضافة إلى العائلات الفقيرة والمحتاجة واللاجئين السوريين المقيمين في مدينة معان الجنوبية الحدودية مع السعودية، والبعيد عن العاصمة عمان بنحو 230 كيلومترا جنوب الأردن.
كورونا والسبيل
وبمجيء كورونا تغير حال السبيل، فأغلق المقر المخصص لعمل الفريق التطوعي، وأزيلت خيام استقبال حافلات المعتمرين وعابري الطريق الصحراوي، ومنع التجمع في الأماكن العامة استجابة للشروط والضوابط الصحية.
وغيبت جائحة كورونا الطقوس والعادات الرمضانية المتوارثة من عشرات السنين في مدينة معان، إلا أن خيمة سبيل معان الرمضانية أبت إلا أن تصمد في وجه كورونا محافظة على إرث خيري عريق.
وأصرت لجنة سبيل معان على تنفيذ مبادرتها التطوعية بالتفرغ لإطعام فقراء ومحتاجي مدينة معان، واستأنفت عملها بعدما أنشأت خيمة جديدة للعمل في إحدى ضواحي المدينة.
وأخذت اللجنة بكل أسباب الوقاية الصحية مخافة انتشار الفيروس في المدينة، ويحرص العاملون في الخيمة على اتخاذ كافة التدابير الوقائية وتطبيق الشروط الصحية في العمل، فيرتدون الكمامات والقفازات لذلك، ويحرصون على تقليل الاختلاط فيما بينهم
وخلال حملات التوزيع المسائية للوجبات يحرص الموزعون على لبس الكمامات والواقيات واستخدام المعقمات، والتباعد الاجتماعي بينهم وبين العائلات المستقبلة لوجبات الإفطار الرمضانية.
مظهر إيماني رمضاني
ويقوم العمل في "سبيل معان" على الهبات والتبرعات العينية والمالية المقدمة من أهل الخير، بحيث تقوم لجنة متطوعة مكونة من 15 شخصا للعمل في سبيل معان بجمع تلك التبرعات، وتصريفها في إعداد وتجهيز وتوزيع الطعام لمحتاجيه داخل المدينة.
وكل ذلك يتم خلال ساعات السماح للمواطنين بالتجول من الثامنة صباحا وحتى السادسة مساء، وقبل إعلان حظر التجول المسائي في المملكة.
"خيمة السبيل أحد مظاهر شهر مضان الإيمانية الخاصة بمدينة معان، بدأت منذ 16 عاما وستستمر بعمل الخير كل عام، ولن يقف في طريق عملنا فيروس كورونا" يقول رئيس لجنة "سبيل معان" ماهر قريشة للجزيرة نت.
ويضيف قريشة أن أسلوب عمل خيمة السبيل تغير في هذا العام استجابة للشروط الصحية والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة في مواجهاتها لجائحة كورونا، و"مع توقف حافلات المعتمرين وإغلاق الجامعات انصب عملنا في الخيمة على تجهيز الطعام وتوزيعه على فقراء ومحتاجي المدينة"
عمال المياومة
وفي هذا الموسم الرمضاني خصصت لجنة السبيل كمية من طعام الإفطار لعائلات عمال المياومة وأصحاب المهن الحرة من الذين توقفت مصادر دخلهم، بسبب حالة حظر التجول وإغلاق أماكن عملهم ومؤسساتهم الخاصة.
وتقدم اللجنة من 400 إلى 500 وجبة إفطار يوميا للعائلات المستورة في مدينة معان، وتعتمد كمية الوجبات الموزعة على قيمة التبرعات المقدمة للجنة السبيل، فكلما زادت التبرعات زاد عدد الوجبات، و"الخير كثير عند أهل معان" وفق قريشة.
ويضيف أن عادة أبناء معان التي اعتادوا عليها خلال السنوات الماضي في اعتراض المركبات وحافلات الركاب السائرة على الطريق الصحراوي والوقوف في منتصف الشارع ملوحين بأيديهم لتناول طعام الإفطار في خيمة السبيل الرمضانية لم تندثر، لكنها مؤجلة للعام المقبل بعدما تنقشع غمة كورونا.
(الجزيرة)