الكف والمخرز
الشريط الإخباري : الكاتب:نسيم عنيزات
ان من اصعب الامور وقعا على النفس بان يستغبيك محدثك، محاولا ان يقلب الحقائق ويغير الواقع او ان يزور التاريخ، والاكثر غرابة في الامر انك تعلم يقبنا بان كل ما يقوله ليس صحيحا، لان جميع المعطيات وسيرها يؤكدان بعده عن الصدق والحقيقة. فلم يعد هناك شيء مخفي او مستور لان كل الامور قد تعرت امامك واصبح كل شيء مكشوفا وواضحا بشكل كبير لا يحتاج الى مجهر للتدقيق او النظر بل على العكس يتطلب اغماض عيوننا حتى لا نرى فضائحنا وزلاتنا، واغلاق اذاننا لان كل ما نسمعه اصبح ملوثا. تطالعنا كل يوم احاديث عن العدالة والمساوة وفي المقابل لا نجدها أحيانا الا عند الطبقة المسحوقة التي يتنافس ابناؤها على فتات و لم يعد لديها طاقة للحديث او البوح عن التظلم، لتعود بك الى ايام السخرة والكف والمخرز، وخدمة البعض الذين خدمتهم الظروف والعلاقات والمصالح، وتم تقسيم المكتسبات بينها بعدالة ومساواة خوفا من اكتشاف المستور. كل يوم نعيش بأمل ونحاول ان نبعد ابصارنا عن واقعنا المؤلم الذي اصبح يؤرق نومنا الذي نهرب اليه ليخرج الينا باحلامنا فنصحا معه فزعين خائفين. الا ان المخرز يصر على ان تغادر غفوتك ولحظات الطمأنينة، لانه ليس من حقك، فقد دقت ساعة العمل وان هذا الوقت الذي تهدره سيدمر الدنيا، لان الواجب والعدالة تتطلب منك اليقظة والحراسة الشديدة، وبعكس ذلك فعليك ان تغادر المشهد وان تتحمل ما سيفرض عليك من عقوبة صارمة. فموقعك في الميدان لتكون دائما على اهبة الاستعداد للتضحية والعطاء، و لا يسمح لك بالمغادرة ابدا، لان غيرك ايضا يحتاج الى الحماية والمساعدة و لديهم اعمالهم وواجباتهم، اليس الاقامة بالفنادق للبعض ذات الرفاهية لا يحتاج الى جهد؟ ام ان عد رواتبهم الشهرية الضخمة امر سهل؟ ام ان حمل حقائب سفرهم وتواجدهم الدائم في المطارات الاوروبية لا يحتاجان الى التركيز؟ فالمطلوب منا ان نستمتع بالنظر اليهم شاكرين حامدين وان نفرح لفرحهم وتخرج ابناءهم من الجامعات مبتعثين، لانهم كما يقولون هم المنقذون. لم يعد هناك ما يحتاج الى البحث او الشك فكل شيء اصبح واضحا وازيلت الاقنعة، وكشفت الوجوه على حقيقتها دون اضافات، فاحترموا عقول الناس وصبرها، قبل ان ينفذ ليتحول الى بركان غضب لا يمكن ايقافه.