الملك يولي ملف مكافحة الفساد أهمية قصوى
الشريط الإخباري :
في ظل احتفالات المملكة بعيد استقلالها الرابع والسبعين والذي يأتي في فترة تمر خلالها البلاد بظروفٍ استثنائية بسبب تفشي وباء فيروس كورونا المستجد، وكعادتها في مشاركة الأردنيين الاحتفال بهذه المناسبة تسلّط الدستور الضوء على إحدى مؤسسات الدولة التي تلعب دورا أساسيا في تحقيق النزاهة ومكافحة أشكال الفساد المختلفة وهي هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
كانت مهمة مكافحة الفساد منوطة بالأجهزة الأمنية، ونظراً للحاجة لوجود مؤسسة متخصصة بهذا الشأن تتمتع بالاستقلالية التامة وتماشياً مع التوجه الدولي فقد تم إنشاء هيئة مكافحة الفساد بموجب قانون رقم (62) لسنة 2006 وذلك امتثالاً للأمر الملكي السامي الموجه للحكومة والداعي إلى إنشاء هيئة مكافحة الفساد، والتي باشرت عملها في 19/3/2007، وفي عام 2008 أنشئ ديوان المظالم بموجب قانون رقم (11) لعام 2008 بهدف ضمان سلامة قرارات وإجراءات وممارسات الإدارة العامة من خلال تلقي التظلمات والقيام بالمبادرات الذاتية، وقد باشر عمله بتلقي الشكاوى في 1 شباط 2009.
واستكمالاً لمسيرة الإصلاح الشامل ولإيمان القيادة الهاشمية الرشيدة بأن مكافحة الفساد وترسيخ أسس النزاهة والشفافية والعدل والمساواة تشكل القواعد الأساسية لمفهوم الحُكم الرشيد، وهي أسس نابعة أصلاً من منظومة القيم والأخلاق المجتمعية والدينية في الأردن، وبهدف تنسيق الجهد الوطني لتحقيق هذه الأهداف دون تضارب أو تباطؤ أو ازدواجية، أمر جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم بتشكيل لجنة لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية وذلك في نهاية عام 2012 بهدف تحديث وتطوير منظومة النزاهة الوطنية قائمة على ما تراكم من إنجازات، بحيث تقوم اللجنة بصياغة ميثاق وطني للنزاهة، وإعداد خطة تنفيذية مرتبطة ببرنامج زمني محدد لتعزيز منظومة النزاهة، وفي نهاية عام 2013 قامت اللجنة بنشر الميثاق الوطني للنزاهة والخطة التنفيذية له، وفي شهر شباط 2014 أمر جلالة الملك المعظم بتشكيل اللجنة الملكية لتقييم العمل ومتابعة إنجاز تطبيق الخطة التنفيذية المرتبطة بالميثاق الوطني. وكان من ضمن مهام هذه اللجنة دراسة دور مؤسسات الرقابة الوطنية في هذا المجال وإمكانية توحيد جهودها لتضطلع بدور أكثر فاعلية وتأثيراً، وقد استلهمت اللجنة الملكية رؤى وتطلعات القيادة الهاشمية وتمخض عن ذلك إقرار قانون لمؤسسة رقابة وطنية جديدة تحت اسم (هيئة النزاهة ومكافحة الفساد) لتحل محل هيئة مكافحة الفساد وديوان المظالم. وقد حمل هذا القانون الرقم (13) لعام 2016. وقد باشرت الهيئة الجديدة عملها في 16/6/2016.
وتهدف الهيئة إلى ضمان الالتزام بمبادئ النزاهة الوطنية ومكافحة الفساد من خلال تفعيل منظومة القيم السلوكية في الإدارة العامة وضمان تكاملها، والتأكد من أن الإدارة العامة تقدم الخدمة للمواطن بجودة عالية وبشفافية وعدالة. بالإضافة إلى التأكد من التزام الإدارة العامة بمبادئ الحوكمة الرشيدة ومعايير المساواة والجدارة والاستحقاق وتكافؤ الفرص و التزام السلطة التنفيذية بالشفافية عند وضع السياسات واتخاذ القرارات وضمان حق المواطن في الاطلاع على المعلومات وفقاً للتشريعات. والتأكد من تطبيق الإدارة العامة للتشريعات بشفافية وبما يحقق مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ووجود إطار قانوني ينظم مساءلة المسؤولين ومتخذي القرار في الإدارة العامة ومحاسبتهم.
كما تهدف إلى تلقي شكاوى المتضررين وتظلماتهم وفقاً لأحكام القانون والتعاون في تقديم وطلب المساعدة القانونية الدولية في مجال مكافحة الفساد حال توافر شروط تقديمها من خلال القنوات الرسمية. وتعمل الهيئة على التحري عن الفساد المالي والإداري بكل أشكاله، والكشف عن المخالفات والتجاوزات وجمع الأدلة والمعلومات الخاصة بذلك ومباشرة التحقيقات والسير في الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة لذلك وملاحقة كل من يرتكب أياً من أفعال الفساد وحجز أمواله المنقولة وغير المنقولة ومنعه من السفر بقرار مستعجل من الجهة القضائية المختصة وطلب كف يده عن العمل من الجهات المعنية ووقف راتبه وعلاواته وسائر استحقاقاته من تلك القرارات أو إلغائها وفق التشريعات السارية المفعول.
فضلا عن مكافحة اغتيال الشخصية والتأكد من قيام مؤسسات الرقابة على القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني بوضع معايير الحوكمة الرشيدة وسلامة تطبيقها بالإضافة إلى تلقي حالات التظلمات التي تحدث في الإدارة العامة وتصويبها سواء فيما يتعلق بتقديم الخدمة للمواطن على أسس من العدالة والمساواة أو فيما يتعلق بحالات الظلم التي تقع على العاملين في الإدارة العامة أو أولئك الذين يرغبون بالالتحاق بالعمل فيها.
وإيماناً من المشرع بأن الفساد ما هو إلا نتيجة وليس سبباً فقد أولى اهتماماً كبيراً لأسس النزاهة والشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون والتي إن تحققت بوتيرةٍ عاليةٍ ستؤدي بالضرورة إلى خلق مجتمعٍ يخلو من الفساد أو الهبوط به إلى أدنى مستوياته.
وتنفيذا للرؤى الملكية السامية فقد سعى رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الحالي الدكتور مهند حجازي منذ توليه زمام القيادة للتأكيد أن محاربة آفة الفساد مسؤولية تشاركية تقع على عاتق الجميع , إيمانا بالدور التكاملي لمؤسسات الدولة ودورها في مكافحة الفساد ، إلى جانب الجهود الكبيرة التي يبذلها والمجلس الحالي الذي يُشهد له بالكفاءة والخبرات للتأكيد على ضرورة تكاتف الجهد الوطني لتعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد لتمكين التشاركية بين سلطات الدولة وقطاعاتها لتحقيق المسؤولية المجتمعية.
شهدت هيئة النزاهة نقلة نوعية في تعزيز مفاهيم النزاهة ومكافحة آفة الفساد من خلال السعي الدائم والملحوظ في التقدم والتطوير في أساليب التحقيق والمختبرات الرقمية ، والشفافية والانفتاح على الإعلام
ان الرسالة الكبرى التي تحملها الهيئة تتمثل بتحقيق المصالح الوطنية العليا في عدة جوانب وهي: منع التطاول على المال العام أو الكسب غير المشروع الذي من شأنه أن يهدد إيرادات الخزينة ويضعف دور الدولة في توفير الخدمات الأساسية وتدني مستوى العدالة في توزيع مكتسبات التنمية والمساهمة في تحقيق الأمن بمفهومه الشامل. بالإضافة إلى تعزيز ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها وتجذير روح المواطنة والانتماء.و المساهمة في رفد التنمية المستدامة من خلال تعزيز ثقة المستثمرين بنزاهة مؤسسات الدولة بحيث تكون الهيئة ملاذاً آمناً لمن يشعر بالظلم والابتزاز وتعزيز سمعة الدولة على المستوى الخارجي، وإظهار الوجه المشرق للأردن ونزاهة واستقامة مواطنيها، بالإضافة إلى خلق بيئة وظيفية آمنة تدفع نحو التميز والإبداع والإخلاص و تأكيد حق المواطن في الحصانة القانونية التلقائية من الأضرار المحتملة الناجمة عن قرارات وإجراءات وممارسات الإدارة العامة وسياساتها.
وأن جلالة الملك عبدالله الثاني يولي ملف مكافحة الفساد أهمية قصوى حيث يعتبره أولوية للحكومة وله ولجميع المؤسسات، وهو الداعم الأساس لكافة من يحارب الفساد ويعرب دوما عن رغبته بالقضاء على الفساد بغض النظر عن الفاسدين. و انسجاما مع رغبة جلالته فقد أظهر الاردن تقدّما ملحوظا في المؤشرات الدولية لمكافحة الفساد، وتمكنت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد من استرداد ما يزيد عن 350 مليون دينار وتعاملت خلال عام 2019 مع ما مجموعه 3534 بين إخبار وشكوى ومعلومات وتظلّم،بالإضافة إلى التقدم الواضح في آليات الابلاغ عن المخالفات والشكاوى، عن طريق التطبيق الذي توفره هيئة مكافحة الفساد.
و تعتبر جهود هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بالتعاون مع أجهزة الدولة المختلفة نتيجة حتمية عن إرادة سياسية صارمة تقضي بمكافحة الفساد، وتعاقب الفاسدين، تنفيذا للرؤى الملكية السامية وتركيزها على نهج مكافحة الفساد .
إن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تقوم بواجباتها من خلال منظومة استراتيجية لتحقيق الغايات المنشودة في القضاء على الفساد، وهي في جانب كبير منها تعتمد على إجراءات وقائية واستباقية كان لها الأثر الكبير في إحباط عمليات الفساد قبل وقوعها ، إلى جانب ما تم تحقيقه في مجالات التوعية بمخاطر الفساد ، ونشر ثقافة النزاهة والشفافية والمساءلة ، إلى جانب استرداد الأموال المتحصلة من أفعال الفساد.