قرن على وصول الملك المؤسس عبداللـه بن الحسين إلى معان
الشريط الإخباري :
عمان - آمن أحرار الأمة العربية بأن راية الثورة العربية الكبرى ستبقى خفاقة، وستستمر معها حركة النهضة العربية مع وصول الملك المؤسس عبدالله بن الحسين (الأمير آنذاك) إلى معان في 21 تشرين الثاني 1920، بعدما شد رحاله بالقطار إلى شرقي الى مدينة لتلبية نداء القوميين العرب بعد تداعيات معركة ميسلون.
وأعلن الأمير عبدالله بن الحسين أنه جاء إلى معان لإحياء الثورة التي خمدت في حوران، ووكيلا ونائبا للأمير فيصل، إذ أوفده الشريف الحسين بن علي ملك العرب ليتزعم الحركة الوطنية المناوئة للفرنسيين تلبية لنداء الوطنيين العرب في شرقي الأردن من السوريين والأردنيين والعراقيين، ما حدا بالفرنسيين إلى الاستنفار وإعلان وصوله مهددا لوجودهم في سورية.
مؤرخون قالوا في أحاديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن وصول الأمير عبدالله بن الحسين إلى مدينة معان الذي تصادف ذكراه المئوية اليوم السبت، الخطوة الأولى لوضع مداميك الدولة الاردنية، وانقاذها من حالة الفراغ الاداري والاستهداف الفرنسي.
وبينوا أن الملك المؤسس عبدالله بن الحسين اتخذ عند وصوله إلى معان، أحد أبنية السكة الحديدية الحجازية التي بنيت عام 1904 ميلادي، مقرا للدفاع الوطني، وقصرا للقيادة والإدارة، وكان القصر مصدر إشعاع فكري وتنويري لأحرار الأمة العربية، وانبثقت منه القرارات السياسية، وأول جريدة في شرق الأردن حملت اسم «الحق يعلو»، ومنه غادر إلى عمان في 28 شباط 1921 ميلادي.
وأمضى الملك المؤسس في معان قرابة 3 أشهر وغادرها إلى عمان، ورغم قصر هذه المدة، إلا أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق الدكتور عادل الطويسي يؤكد أنها كانت ملأى بأحداث مهمة أسست لظهور تيار قومي عربي، وإنشاء الدولة الأردنية المعاصرة.
وأسبغ الملك المؤسس عبدالله بن الحسين على مقر الدفاع الوطني حيث يقيم في معان أنذاك صفة عسكرية تتوافق مع طبيعة الأوضاع السائدة في أعقاب الحرب العالمية الأولى وما تبعها من نقض دول التحالف لوعودها للشريف الحسين بن علي والد الملك المؤسس ومفجر الثورة العربية الكبرى في مساعدته لإنشاء المملكة العربية في بلدان المشرق العربي، يضيف الطويسي.
ويبين الطويسي أن معان شهدت منذ وصول الملك المؤسس إليها انعقاد أول مؤتمر قومي عربي في مقر الدفاع الوطني، تداعى لحضوره قادة وشيوخ العرب في بلدان بلاد الشام كافة، وصدر عنه بيان أكد على تمسك أبناء الأمة العربية بحقوقهم التي حرمهم الأتراك منها وأهمها انشاء دولة عربية في المشرق العربي.
ويتابع أن أبناء شرق الأردن توافدوا إلى مقر الملك المؤسس بشكل مستمر للتأكيد على مناصرتهم له في تحقيق أهداف الثورة العربية الكبرى، وكان من بينهم بطبيعة الحال أبناء مناطق معان وجنوبي الأردن المختلفة.
ويشير الى انه صدرت في معان بعد وصول الملك المؤسس، أول صحيفة أردنية أطلق عليها اسم (الحق يعلو) التي صدر منها ستة أعداد، وتوقفت عن الصدور بعد انتقال الملك المؤسس إلى عمان، وأسست بذلك لانطلاق حركة صحفية للدولة الأردنية المعاصرة.
ويقول الطويسي إن معان تمثل بوابة المد الهاشمي لإنشاء أول دولة عربية بعد الحكم العثماني الذي دام لحوالي 400 عام، كما هي بوابة الفتح الإسلامي إلى شمال الجزيرة العربية وآسيا وأوروبا.
ويقول أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في الجامعة الأردنية المؤرخ الدكتور علي محافظة لـ(بترا) إن القادة السياسيين العرب طلبوا من الشريف الحسين بن علي قبل 100 عام، إرسال أحد أنجاله لقيادة الثورة واسترجاع عرش سورية من الفرنسيين، بعدما اندلعت الثورات ضد الفرنسيين في مختلف أنحاء سورية وفي جنوب لبنان، حيث كانت الفوضى والاضطرابات في بلاد الشام في أعقاب إنهيار المملكة السورية، وبعد هزيمة الجيش العربي في معركة ميسلون أمام القوات الفرنسية التي تقدمت إلى دمشق فاحتلتها في 24 آذار 1920.
ويضيف أن شرقي الأردن شهد في ذلك الوقت تكون حكومات محلية في شمالي البلاد ووسطها وجنوبها للحفاظ على الأمن والاستقرار في انتظار وصول الأمير الهاشمي.
ويتابع ان الامير(انذاك) عبدالله بن الحسين وصل إلى المدينة المنورة، واستقل قطارا وصل به إلى معان في 21 تشرين الثاني 1920، ليتوافد بوصوله القادة السياسيون والعسكريون من رجالات الملك فيصل بن الحسين وأنصاره إلى معان معلنين بيعتهم للأمير.
ويشير إلى أن الملك المؤسس درس الوضع السياسي في المنطقة انذاك، وكان الفرنسيون في سورية ولبنان قد احتلوا البلاد وتعاونوا مع شيوخها وتجارها وزعاماتها التقليدية، واخمدوا الثورات التي اندلعت في جهات إدلب وجبال العلويين وحوران والجولان وجنوبي لبنان، وتمكنت القوات البريطانية في فلسطين من إخماد انتفاضات شعبها عام 1920، وأرسلت ضباطا سياسيين إلى شرقي الأردن للتعاون مع الحكومات المحلية التي تشكلت فيها .
ويتابع الدكتور محافظة أن الملك المؤسس استغل وجوده في معان لاستيعاب ما كان يجري في المنطقة، وكانت مدة إقامته فيها كافية لمعرفة الناس والقيادات السياسية وشيوخ القبائل.
ويقول المؤرخ الدكتور بكر خاز المجالي إن قدوم الأمير عبدالله بن الحسين إلى معان يعد نقطة تحول في تاريخ النهضة العربية بعد انتهاء المملكة العربية السورية في دمشق إثر معركة ميسلون في 24 تموز 1920، فكانت منطقة بلاد الشام تعيش حالة من الفراغ الإداري وغياب القيادة العربية، وكان وصول الأمير عبدالله بن الحسين إلى معان يمثل أملا عربيا في استمرار رفع راية الثورة العربية الكبرى واستمرار حركة النهضة العربية.
ويضيف أن القادة السياسيين والمتنورين العرب هرعوا إلى لقاء الأمير(انذاك) عبدالله بن الحسين في معان بعد وصوله إليها، وبحثوا معه مستقبل المنطقة على قاعدة أن تبقى جذوة المقاومة العربية وحركة التحرر العربي هي العنوان الذي أراد العرب الالتزام به والسير مع القائد الأمير عبدالله بن الحسين، فتحولت معان إلى عاصمة عربية كمنطلق لوجه عربي جديد، وقاعدة سياسية وإدارية وعسكرية، وتسمى قصر الملك المؤسس الذي اتخذه الأمير عبدالله مقرا له باسم مقر الدفاع الوطني، ومن معان كانت البداية.
ويبين أن الفترة التي أعقبت نهاية الحكومة العربية في دمشق، وفي الوقت الذي كان يتولى عبدالرحمن اليوسف منصب رئيس الوزراء في دمشق ويتبع للانتداب الفرنسي، شهدت إصداره في شهر آب 1920 تعليمات إلى كل من قائم مقام الكرك، وقائم مقام معان، بضرورة الالتزام بتعليمات حكومة دمشق، واستخدام العملة التي كانت متداولة لديها آنذاك، ليبادر حينها متصرف معان عبدالسلام كمال برفع العلم الفرنسي على دار الحكومة في معان فما كان من الشيخ عودة أبو تايه ومعه جموع من رجالات معان إلا أن هبوا وعملوا على إنزال العلم الفرنسي ورفع العلم العربي بديلا عنه، وزج عبدالسلام كمال في السجن.
ويذكر المؤرخ المجالي بدايات ثلاث تمخضت عن وصول الأمير عبدالله بن الحسين إلى معان وهي البداية السياسية التي تمثلت في البحث بمخرجات الثورة العربية الكبرى، والحرص على استمرارية هذه الثورة، والبداية الثقافية التي جاءت من خلال الاهتمام بالإعلام، واصدار جريدة الحق يعلو لتكون ناطقة باسم الحركة العربية التي تسعى إلى إرساء الدولة العربية، والتواصل مع العرب، وكانت البداية الثالثة هي البداية التأسيسية بإعلان الأمير عبدالله نفسه نائبا لاخيه الملك فيصل الأول على عرش سوريا، وأن معان ستكون منطلق التحرير باتجاه دمشق.
ويقول إن الموقف تحول باتجاه التفاوض السياسي بعدما تدخلت فرنسا وهددت بالهجوم على معان، وطلبت من بريطانيا كف يد العرب عن التفكير بالزحف نحو دمشق، مبينا أن وزير المستعمرات في الحكومة البريطانية ونستون تشرشل يرغب بمقابلة الأمير عبدالله في معان حين زيارته إلى البترا، وهو أورده الشريف الحسين بن علي في رسالته إلى الأمير عبدالله.
ويلفت الى أن هذه تعتبر أول مفاوضات ولقاء سياسي على درب تأسيس الدولة الأردنية، ثم كانت وفود شرقي الاردن إلى الأمير عبدالله يدعونه للقدوم إلى عمان، مبينا أن الترتيبات جرت على هذا الأساس، فيما بدأت تعد مسيرة الرحلة التي انطلقت يوم 28 شباط 1921 لتسير على مدى 3 أيام، وتصل إلى عمان ظهيرة يوم الأربعاء الموافق 2 آذار عام 1921، وتكون هذه هي البداية للدولة الاردنية.
ويذكر المجالي ان الملك المؤسس خطب بالجموع في محطة سكة حديد عمان حال وصوله آنذاك قائلا «ترحيبكم بنا واجتماعكم علينا أمر لا يستغرب، فانتم لنا ونحن لكم، وانني لم اغفل كلمة مما جاء به خطباؤكم، فوطنيتكم أمر لا يخفى وضالتكم المنشودة هي حقكم الذي تطلبون، وإذا جاء الوقت لاستعمال ما تستعمله الامم من القوة ووجدنا انفسنا ضعفاء في العدد والعدة فلن يضيرنا ان نموت في سبيل شرف الوطن والامة، فأنا لا اريد منكم الا السمع والطاعة وما جاء بي الى هنا الا حميتي وما تحمله والدي من العبء الثقيل، ولو كان لي سبعون نفسا وبذلتها في سبيل الامة لما عددت نفسي فعلت شيئاً».
ويقول المؤرخ محمد عطاالله المعاني إن الشريف الحسين بن علي أرسل رسالة سرية لرئيس بلدية معان الشيخ ابراهيم الرواد جاء فيها تفاصيل مهمة تمحورت في طلب العون والوقوف إلى جانب الثورة (أبنائي قادمون أوصيكم بهم خيرا)، مشيرا إلى أن هذه الرسالة مثلت أول مداميك التأسيس القائمة على القوة والتفاهم.
ويضيف أن المعانيين استقبلوا الأمير الهاشمي عبدالله بن الحسين بحضور غير مسبوق فزغردت أسنة الرماح والسيوف والبنادق في سماء معان، وتولدت ثقة وطمأنينة بين قبائل معان، واتخذ الأمير عبدالله خطوات جريئة قوامها البناء والحزم.
ويقول المعاني إن وصول الأمير عبدالله بن الحسين إلى معان خلق ارتباكا سياسيا، لمختلف القوى المحلية والدولية في المنطقة، ما أعطى حركة الأمير عبدالله دفعة إلى الأمام، وأوراقا رابحة إضافية.
ويضيف إن الأمير عبدالله بن الحسين أصدر بيانا سياسيا في جريدة الحق يعلو جاء فيه «إلى كافة إخواننا السوريين» وأعلن فيه عزمه على (تحرير سورية) مـن الاحتلال الفرنسي، واستعادة عرشها المغتصب، ودعا قادة الحركة الوطنية العربية في سورية، وأعضاء المؤتمر السوري العام، وضباط وجنود الجيش العربي السوري، للالتحاق به في معان، التي اعتزم جعلها مركزا لحكومة سورية في المنفى، من أجل رسم الخطط السياسية والعسكرية لاستردادها وإعادة الحكم العربي اليها.
ويشير المعاني ان الامير عبدالله بن الحسين قال بأنه أتى «مع أول من لباكم، يشارككم في شرف دفاعكم لطرد المعتدين عن أوطانكم»، وأخذ يستثير حمية أهالي البلاد عندما تساءل في البيان:
«كيف ترضون بأن تكون العاصمة الأموية مستعمرة فرنسية، إن رضيتم بذلك فالجزيرة (الحجاز) لا ترضى وستأتيكم غضبى وإن غايتنا الوحيدة هي كما يعلم ألله نصرتكم وإجلاء المعتدين عنكم»، وأكد في بيانه أنه أتى «...
لبذل المهج دونكم لا تخريب البلاد كما يفترى علينا».
ويبين المعاني أن الأمير عبدالله بن الحسين دعا أعضاء المؤتمر السوري للحضور إلى معان، وأرسل الشريف علي الحارثي ممثلا له في عمان، ومن مبنى مقر الدفاع الوطني، الذي سمي فيما بعد قصر الملك المؤسس، بدأ الأمير عبدالله بن الحسين ممارسة نشاطاته واتخاذ قراراته السياسية، نائبا عن أخيه فيصل ملك سوريا الشرعي.
ويلفت المعاني إلى أن للملك المؤسس عبدالله بن الحسين بعد تأسيس كان يتابع عن كثب احوال معان وأهلها ويؤسس لمسارات تنموية عكست الروح الطموحة للملك المؤسس إذ وضع مداميك القوة للسياحة الأردنية عندما حول مطار معان المدني لتقلع منه طائرة كل ثلاثاء لبيروت لتوفير سبل الراحة للسياح ومكن لهم التنقل بين والبتراء ومعان عبر سيارات نقل علاوة على إنشاء مضمار للسباق الخيل والهجن كان يرمي من ذلك توطيد علاقة أبناء معان بالبدو علاوة على إيجاد تفاعل مجتمعي رسم معالمه حيث كان يتنقل بين بيوت معان ويطلع على احوالهم ويشاركهم في كل مناسباتهم، مشيرا إلى انه عندما الم مرض عضال برئيس بلدية معان الشيخ حامد الشراري احضر طبيبه الخاص ليمكث الى جواره