استقالة وزراء الأردن: “تعديل” دون “نكهة أمنية” والخصاونة “يتمدد”
عمان- "القدس العربي”: صدر الدخان الأبيض والضوء الأخضر لإقرار التعديل الوزاري في الأردن على حكومة الدكتور بشر الخصاونة مع أن الألوان السياسية بقيت مختلطة.
بعد ظهر الأربعاء طلب الخصاونة من طاقمه الوزاري بجميع الأعضاء تقديم استقالاتهم بصورة جماعية.
الإجراء من هذا النوع اعتيادي ومألوف عندما يتعلق الأمر بقرب التنسيب للملك بتعديل وزاري سيكون الأول على حكومة الخصاونة بعد سلسلة من الأزمات المتراكمة.
ومثل هذه الاستقالة لا تبرز أو يتم الإعلان عنها دون نضوج خطوتين خلف الستارة والكواليس.
الأولى ضوء أخضر مرجعي يسمح بتمرير التعديل الوزاري، والثانية إنضاج حالة تشاور بين رئيس الوزراء ومراكز قوى أساسية والعديد من الشخصيات بمعنى أن الخصاونة قرر ما يريده من تعديلات وزارية وحسم الأمر وأجرى المشاورات اللازمة.
يمكن هنا ملاحظة أن الخصاونة يفعل ذلك وهو في حالة قوة وصلابة فقد خطف للتو حضورا بارزا على المستوى الشعبي والمؤسسي عندما أقال قبل أربعة أيام بقرار جريء وخشن وزيرين بارزين في الحكومة أصبحا الآن سابقين وهما وزيرا الداخلية والعدل سمير مبيضين وبسام التلهوني.
بما أن الخصاونة طلب من جميع الوزراء التقدم باستقالاتهم فهو مستعد لتغييرات أعمق في طاقمه الوزاري تتجاوز على الأرجح استبدال الوزيرين المستقيلين
بسبب ذلك القرار الصلب والجريء توفرت في أحضان الخصاونة فرصة الضغط و”التمدد” باتجاه التعديل الوزاري وبما أنه طلب من جميع الوزراء التقدم باستقالاتهم فهو مستعد لتغييرات أعمق في طاقمه الوزاري تتجاوز على الأرجح استبدال الوزيرين المستقيلين لصالح هندسة جديدة للطاقم قد تدخل فيها الكثير من الاعتبارات.
ثمة عنصر إضافي في المشهد يساعد الخصاونة فرسالة الملك عبد الله الثاني بعنوان "العودة إلى الاختصاص” والموجهة لمدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني لا تزال طازجة للتو والخصاونة كرئيس حكومة يستطيع الانفراد الآن بدون زحام من المؤسسة الأمنية في ترتيباته الداخلية، الأمر الذي استبقه الرجل أصلا بتوجيهات مباشرة صدرت قبل أيام منه لجميع الوزراء تقضي بالالتزام بمنطوق ومضمون رسالة الملك للجنرال حسني.
ترجمة ذلك بسيطة فالمستوى الأمني يعود إلى الاختصاص بأمر ملكي والمؤسسات الدستورية وعلى رأسها بل أهمها الحكومة تقوم بواجباتها بمعزل عن التدخل الأمني وبعد هيكلية جديدة تحت عنوان الاختصاص وبدون نكهات التدخل.
التقط الخصاونة هنا مضمون الرسالة الملكية وبالتالي تفسير توجيهاته قبل الاستقالة والتعديل للوزراء له معنى واضح ومباشر قد يكون عنوانه استعادة الولاية العامة وهي عملية يمكن أن تبدأ فعلا على أكتاف القرار الجريء بإقالة وزيرين بارزين بسبب مخالفتهما لأوامر الدفاع.
والمعنى الأبعد والأعمق أن الرسالة الملكية للمؤسسة الأمنية تشمل أيضا الوزراء مما يعيد إنتاج آليات العلاقة البيروقراطية ويوقف اجتهادات الوزراء في الاتصال والتشاور مع الأمن خصوصا بتفاصيل الواجبات الدستورية.
تعلن الخطوة الأولى في تعديل وزاري مهم وحكومة الخصاونة تتموقع في وضعية استراتيجية أفضل.
والرئيس يبدو مرتاحا لمنسوب الكيمياء مع مؤسسة القصر الملكي لكن الأزمات كبيرة.
وفي المعطى المعلوماتي حتى اللحظة ودون قرارات حاسمة بعد يتردد أن التعديل الوزاري سيعالج ثغرتين أساسيتين الأولى هي النقص الحاد وغير المسبوق في حصة مكونات اجتماعية كبيرة أهمها المكون الأردني الفلسطيني.
والثانية هي إخراج المناكفين من الوزراء أو الذين أخفقوا في التقييم.
هنا تؤشر معلومات على أن نائب رئيس الوزراء الدكتور أمية طوقان قد يكون أبرز المغادرين وقد ينضم له وزير النقل الحالي في الحكومة مروان خيطان ووزير التنمية الاجتماعية أيمن المفلح وقد يرافق الراحلين أو تسحب منه حقيبة من اثنتين وزير العمل والاستثمار الدكتور معن القطامين.
تبقى قوائم من سيغادر أو يدخل الحكومة قابلة للسحب والإضافة خلال الساعات القليلة المقبلة.