الملف الصحي على صفيح ساخن والمطاعيم على الطريق واستئجار مستشفيات

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

محمود الطراونة

عمان – ما يزال الملف الصحي على صفيح ساخن، رغم التطورات التي شهدها، من زيادة أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا المستجد، وقرب إسدال الستار على حادثة مستشفى السلط الحكومي الجديد، وإقالة وزير الصحة نذير عبيدات، وتوقيف 13 شخصًا، على إثر الحادثة.
إن تبدل الشخوص لن يغير من الواقع شيئا اذا لم ترافقه اجراءات على أرض الواقع، لأن ازمة القطاع الصحي الحكومي كبيرة لجهة قدرة الطاقة الاستيعابية على استقبال مصابي "كورونا”، وما رافقها من ازمات تم تجاهلها، بقصد او بدون قصد، من بينها جاهزية مستشفيات القطاع العام ونقص الكوادر الصحية، فضلا عن الشح العالمي في اللقاحات ضد "كورونا”، ما يستوجب مواجهة الأزمة بخطة وطنية صحية مرتبطة بجدول زمني، يمكنها ان تستوعب الازمات المتلاحقة التي يمر بها القطاع الصحي، منذ أعوام.
إن القطاع الصحي كان وما يزال يحتاج الى جراحات عميقة، فكل الجراحات التجميلية التي اجراها وزراء الصحة السابقون، خلال الأعوام الماضية، لم تغير من الواقع شيئا، الأمر الذي يؤكد الحاجة الى اعادة النظر في فلسفة عمل الوزارة لمواجهة التحديات والمعيقات.
الأرقام التي كشفت عنها وزارة الصحة، للمصابين بالوباء، ليست كبيرة اذ لم تتجاوز بعد حاجز 10 آلاف إصابة، فيما يمكن للقطاع الطبي بكل مكوناته ان يستوعب أي ازمة اذا ما عمل بمفهوم الشراكة والتنسيق والتعاون.
كما ان تأخر وصول المطاعيم رغم وعود وزراء الصحة منذ تموز (يوليو) الماضي، ساهم في تعميق ازمة القطاع الطبي وأضعف قدرته على مواجهة استيعاب اكبر عدد من الاصابات، ودق ناقوس الخطر خشية ارتفاع عدد الإصابات، كما ترك الباب مفتوحا لكثير من الاحتمالات قد تلجأ الدولة لها من بينها استخدام المدارس لاستقبال مرضى كورونا لعزل الحالات أو تطبيبها.
غير ان وزير الدولة لشؤون الاعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة، صخر دودين، أشار الى ان الحكومة "لن تتخذ مثل هذا القرار رغم مناقشته في جلسة لمجلس الوزراء لأن حاجة المرضى الداخلين للمستشفيات هي بالدرجة الاولى للأكسجين، ما يجعل الاعتماد على المدارس لهذه الحالات صعبا”.
وتابع "يمكن ان ينظر في استخدام المدارس وغيرها من المرافق الحكومية والخاصة والاهلية لغايات التطعيم اذا ما توسعت وزارة الصحة في ذلك وصولا الى 50 او 60 الف شخص يوميا”.
وفي الوقت الذي تعمل فيه وزارة الصحة على ابرام اتفاقيات لاستئجار ثلاثة مستشفيات خاصة بسعة استيعابية تصل الى 170 سريرا، بعد ان شارفت الطاقة الاستيعابية لعدد من المستشفيات الوصول الى نسبة 100 % من حجم الدخولات، الا أن إشراك القطاع الخاص في هذه المهمة باتت حاجة ملحة، فضلا عن ضرورة ايجاد بدائل يمكن للحكومة استخدامها اذا ما اقتضت الضرورة.
وكانت "الصحة” اعلنت عن اتفاقية مع 30 مستشفى خاصا لاستقبال حالات كورونا، إلا أن مصدر رسمي، طلب عدم نشر اسمه، قال "إن وزارة المالية رفضت المصادقة على هذه الاتفاقيات، فيما صادقت فقط على استئجار مستشفى الجاردنز بعمان”.
وأوضحت مصادر في وزارة الصحة أن الطاقة الاستيعابية لمستشفى عمان الميداني تصل إلى 400 مريض، غير ان ما يتواجد به حاليا لا يزيد على 200، بينما تبلغ نسبة إشغال مستشفى معان الميداني 14 % ومستشفى محمد بن زايد الميداني في العقبة 10 %.
إلى ذلك، قال عضو في اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة إن "المنحنى الوبائي الآن في ذروته، وان ارتفاع معدل الاصابات قد يستمر حتى نهاية الشهر الحالي أو الأسبوع الأول من الشهر المقبل، ما يستدعي مضاعفة الجهود لتطعيم أكبر عدد من المواطنين وخاصة كبار السن”.
واعتبر أن ارتفاع النسبة الايجابية، والتي تتراوح ما بين 19 % و20 %، "مؤشر مقلق وخطير”، مشيرًا إلى أن الأصعب هو زيادة عدد المصابين الذين يحتاجون للرعاية الطبية ولأجهزة تنفس أو غرف عناية حثيثة.
وفي السياق، أكد مصدر مطلع أن مستشفيات القطاع الخاص "لم يسمح لها باستيراد المطاعيم، غير ان ما جرى هو تكليف وكلاء مستودعات الادوية للشركات الكبيرة الحصول على المطاعيم لصالح وزارة الصحة”.
وكانت رئاسة الوزراء، اعلنت نهاية الاسبوع الماضي، عن أن الحكومة تعاقدت للحصول على 10.2 مليون جرعة لقاح كورونا تكفي لتطعيم 5.1 مليون شخص.
وتتوقع الحكومة وصول 6.5 مليون منها خلال الربعين المقبلين من العام الحالي، بيد ان ما توفر من مطاعيم هو 440 ألف جرعة منذ بدء برنامج التطعيم.
وفي المحصلة، فإن ازمة كورونا تحتاج الآن واكثر من اي وقت مضى الى خطة واضحة المعالم تنظم سير العمل في هذا الملف وتبعث ارتياحا بين المواطنين، وتثبت ان الحكومة تسيطر بشكل واضح عليه، بما يعطي الأمل بتجاوز الازمة من خلال اجراءات حقيقية على الارض تعيد تنظيم جاهزية القطاع الطبي الحكومي وتسرع في الحصول على المطاعيم خاصة مع ارتفاع الاعداد المسجلة على المنصة الوطنية للتطعيم.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences