البترول بدل المياه في الجزائر و«طارق بن زياد»: مسلسل يطرق أبواب الفتنة
الشريط الإخباري :
صدقت تنبؤات الفلكية ليلى عبد اللطيف عن الزلزال الذي سيضرب الجزائر. من تتبع تصريحاتها كان يضع يده على قلبه.
قد يقال إنها مجرد تكهنات لا تصدق، لكن الأرض اهتزت من ثقل أحمالها وربت مشاكل البشر عليها وزلزال «رأس كاربون» في سواحل مدينة بجاية الذي وصل إلى 12 ولاية لم يكن بالهين، ولكنه ليس بالأشد وقعا على حياة الناس أيضا.
هناك الاهتزازات الأخرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحتى إن اعتبر نشاطا زلزاليا عاديا، لن يسفر عنه تسونامي «طبيعي» لأن مركز الهزات على السواحل، إلا أن حالات الهلع التي خلفها الزلزال وهزاته الارتدادية كانت كبيرة، وتذكر بما حدث في عام 2003 في بومرداس الساحلية شرق العاصمة الجزائر.
الهزات الطبيعية المدبرة من خالق الأرض لا يمكن لبشر أن يوقفوها أو يتدخلون فيها، مثلما هو الحال لحالات الجفاف التي شهدتها البلاد، والتي انتهت بتهاطل أمطار استبشر الناس بها خيرا، وتناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي على أنها أمطار خير وبركة، يحدث أن تتغير مسارات الإنسان بين ليلة وضحاها مثل حال المواطن في «أولاد رحمون» في قسنطينة، الذي أراد حفر بئر لحل أزمة المياه في أرضه الزراعية فعوض صعود المياه صعد البترول الخام.
ليست المرة الأولى التي يكتشف فيها المواطن الجزائري البترول بدل الماء. حدث هذا في منطقة المدية جنوب العاصمة في 2015.
يضيف المواطن ثروة لبلد لا تنضب خيراته، لكنه لا ينتفع بهذه الخيرات المواطن، الذي لجأ للمقاطعة طمعا في أن تتغير أحواله وأحوال قدرته الشرائية التي تتدهور يوما بعد يوم. وتبقى الهزات التي يتسبب فيها الإنسان أقوى وأشد إيلاما. الله يستر من تسونامي الغضب الاجتماعي!
حملة تضامن مع البسطاء
هل غطى التضامن مع الفنانة بشرى عقبي على التضامن مع المواطن البسيط، الذي سيدفع فواتير الغلاء الباهضة للسلع الضرورية والكمالية التي يحتاجها لشهر رمضان، الذي يقف على الأبواب؟ وهل ستوقف حملة المقاطعة وتتم الاستجابة لها بسرعة مثل مقاطعة حفل «الشاب» ماميدو» من طرف سكان ولاية الوادي، بعد حملة على «فيسبوك» باعتبارها حفلة «مائعة» للمثليين والمدمنين، أم أن استنزاف جيوب المواطنين وزيادة حيرتهم وقلة حيلتهم أمام جشع الأسواق وأرباب الصناعات لا يهم، ولا يهم إن أكلوا اللحم الأبيض أو الأحمر، وحتى وإن «أكلوا لحومهم» واستكثروه في المواطنين؟!
اللحوم تبقى دائما بعيدة عن موائد الكثيرين، إلا في المناسبات والأعياد. وهل سينجح الشعب في حملته لمقاطعة الزيت، الذي أصبح نادرا في المحلات التجارية واختفت الماركات والأسماء الأقل سعرا، وبقي الزيت الذي شبهه بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي بقارورات العطور الغالية الثمن. وهل سيبقى المضاربون بأسعار الزيوت وحدهم من يستطيعون قلي ما يريدون من أكلات. إذن «خليهم يقلوا وحدهم» وبالناقص زيوتهم؟
هل فعلا ستتحقق أمنية المواطنين في حملتهم لمقاطعة الدجاج بعد أن فاقت أسعاره 450 دينارا للكيلوغرام الواحد؟
حملة شعبية لمقاطعة الدجاج تحت شعار «خليه يربي الريش» أو «خليه بريشو». دعوات لمقاطعة الزيت والدجاج على منصات التواصل الاجتماعي. وقد باركت منظمة حماية المستهلك الخطوة، حيث أكد رئيس المنظمة مصطفى زبدي في تصريحاته لمختلف وسائل الإعلام أن مصالحه حذرت منذ أسبوعين من ارتفاع الأسعار في ظل بقاء الأزمة، وأن المنظمة حذرت من النفور في تربية الدواجن نظرا لغلاء الأعلاف. واستبعد زبدي، حسب ما نقلته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ونقلا عن «منابربريس» أن يكون ارتفاع الأسعار بسبب المضاربة، لأن الأمر كان متوقعا منذ البداية. كما أشار إلى أن صغار الدجاج (الصيصان) يتم استيرادها من الخارج، وكذلك اللقاح الخاص بالكتاكيت والأعلاف. وما توفره الجزائر في كل العملية المياه فقط. كما استبعد السيد زبدي التكهنات التي تقول بانخفاض الأسعار مع بداية شهر رمضان وتمنى أن تكون صحيحة.
وربما مخزون الدواجن المجمدة لدى ديوان الحبوب واخراجها لأجل عرضها قد تخفض الأسعار. من أين سيتحصل المواطن على بروتينات رمضان أمام غلاء اللحوم البيضاء والحمراء. وحتى البطاطا المقلية قد تختفي من الموائد، والتي كانت تحل أزمات ربات البيوت مع «رغبات» الأطفال العنيدة حيث تربت أجيال كثيرة على نمط استهلاك «الفريت»؟!
من يفتح باب الصراعات؟
تختلف ظروف مسلسل «الطارق» لمخرجه المصري أحمد صقر ومؤلفه يسري الجندي، الذي شاهده الجمهور العربي في 2004. المسلسل كان يرغب في نقل ازدهار الحضارات والانفتاح بين الثقافات والتقارب بين الأديان في المجتمع الأندلسي المتنوع الذي بقي في أفضل حالات التسامح مدة ثمانية قرون منذ فتح طارق بن زياد للأندلس. المسلسل الذي كان انتاجا مصريا أردنيا، تناول حياة طارق بن زياد منذ مولده في إحدى القبائل البربرية شمال افريقيا، صور في عدة دول عربية، منها المغرب ومصر والأردن. وشارك فيه مجموعة من الفنانين من مصر والأردن والمغرب وسوريا، لكن ماذا عن مسلسل «فتح الأندلس» بينما وصل طارق بن زياد إلى فتح اسبانيا؟
نعود عودة نكوصية إلى «حروب قبلية» في ثوب جديد والسبب أصل طارق بن زياد. كل الأسباب والطرق مفتوحة ليحتدم الجدال بين الجزائريين والمغاربة، من الكسكسي إلى موسيقى الراي إلى طارق والآتي لا نعلمه بعد!
المسلسل هذه المرة من انتاج كويتي يتناول شخصية طارق بن زياد دون ذكر نسبه؟ والعمل في طور الانجاز والتصوير، لكن ناشطين جزائريين اتهموا منتجي المسلسل بسرقة تاريخ الجزائر واستعانوا بمقاطع من بعض الكتب التاريخية: «طارق بن زياد قائد عسكري جزائري من قبيلة ورفجومة النفزية في جبال الأوراس بالدلائل القاطعة من المصادر والمراجع التاريخية» مثلما علق أحد النشطاء على «فيسبوك». كما جاء في قناة «أوراس» ونقلته كذلك جريدة «الشروق». وذهب المغردون (حسب الشروق) لحد مطالبة الوزيرة بن دودة بالتدخل وحسم الجدل.
وهناك من نسب الرجل إلى قبيلة «لواتة» الليبية، مثل ما صرح به محمد الأمين بلغيث لموقع «سكاي نيوز عربية» حسب «الشروق».
بينما يرى المؤرخ المغربي محمد عبد الوهاب رفيقي أن «الجدل المثار حول هوية طارق بن زياد في مسلسل «فتح الأندلس» يتضمن كثيرا من المزايدة وكثيرا من التعصب المذموم»! ويرد مخرج المسلسل محمد العنزي بهاشتاغ «طارق بن زباد مسلم فقط لا غير».
واعتبر «ما يكتب وما يقال حاليا عن المسلسل قبل عرضه محاولة لتكسير العمل وتشويه سمعة الفاتح ومحاولات البعض تحجيم قادة إسلاميين مثل طارق بن زياد في أقاليم حددها لنا اتفاق «سايكس بيكو» لن تفيد. إن طارق وغيره من قادتنا هم إرث لأمة المليار ونصف المليار مسلم لا يتبعون دولة معينة أو إقليما».
ورد المغاربة في مقطع فيديو نشر على «فيسبوك» يوضحون فيه معالم تبين وجود طارق بن زياد «كنسخة مغربية» وبينوا القلعة المغربية الموجودة على سفح جبل طارق. وأقدم المساجد الأفريقية في منطقة شفشاون وهو مسجد «طارق بن زياد» الذي بني في القرن الهجري الأول. وكذلك تمثاله في مدينة المضيق في المغرب.
نشر المقطع على صفحة أحد النشطاء على «فيسبوك» والذي قال: «هذا الفيديو سينهي الجدل القائم حول هوية الفاتح الكبير طارق بن زياد وسيفند اتهامات الجزائريين للمغاربة ولمخرج المسلسل «فتح الأندلس» بتزوير الحقائق. لو فكر طارق بن زياد بعقلية القبيلة والجهة والإقليم لما خطا خطوة واحدة. ولما اعتبر فاتحا عظيما يتنافس على امتلاكه الأشقاء، بل سيكون شخصا عاديا لا يذكره التاريخ ولا تحتفظ بذكراه الجغرافيا.
رغم المشاركة الفنية المغربية في مسلسل «الطارق» ومسلسل «فتح الأندلس» الذي سيعرض في رمضان المقبل وحميّة المغاربة والجزائريين ورغبتهم في امتلاك الأفراد والثقافات والفنون والأكلات، لكن لا أحد فكر في إنتاج مسلسل حول «طارق بن زياد» ليعطي بدائله التاريخية والفنية. فقط الكل يترصد للكل ويتربص هؤلاء لأولئك. وهنا لا يمكن للثقافة أن تحل هذه الإشكالات، لأن أصل هذه الصراعات «الوهمية» سياسية بحتة وغير منطقية!
مريم بوزيد
كاتبة من الجزائر