صحيفة عبرية: كيف تقرأ إسرائيل قرار البيت الأبيض بيع “أف35” المتطورة للإمارات؟

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
في نهاية الشهر تنتهي المئة يوم الأولى للرئيس بايدن في البيت الأبيض، والتي تميزت بمبادرات حثيثة وخارقة للطريق على المستوى الداخلي.  ومع تمتعه بريح إسناد من الرأي العام ويستند إلى أغلبية ديمقراطية في مجلسي الكونغرس، فقد أرسى الرئيس الـ 46 البنية التحتية لـ "صفقة جديدة” أخرى، تخرج الإجراءات الدراماتيكية للرئيس فرانكلن دلانو روزفيلت من غياهب النسيان، بتغيير الأنماط والطابع الاجتماعي والاقتصادي لأمريكا في مواجهة الانهيار الكبير.  في بؤرة نشاط الرئيس الحالي رزمة إعادة بناء عظمى، بحجم نحو 2 تريليون دولار، تستهدف مساعدة ملايين العاطلين عن العمل ومتضرري كورونا، ورفع الاقتصاد الأمريكي إلى مسار من النمو المتجدد. ويضاف إلى هذه الرزمة مؤخراً أيضاً خطة طموحة وبعيدة المدى بحجم نحو 2.3 تريليون دولار بهدف تجديد وجه أمريكا من خلال التوسيع ورفع مستوى البنى التحتية المادية الأساسية، والتي تستهدف الجسر والربط بين المحيط المهمل في هوامش الطريق والمركز الغني بالقوة السياسية والاقتصادية والتكنولوجية. هذه المبادرات الدراماتيكية كانت درة تاج مئة يوم مليئة بالنشاط تضمنت أيضاً إصدار خمسين مرسوماً رئاسياً، وتسريع حملة التطعيم القطرية، وتغيير سياسة الهجرة والعودة إلى اتفاق المناخ. وإلى جانب تبني خط كدي صريح في مواجهة سلوك الكرملين الاستفزازي، وصلت ذروته في الأيام الأخيرة إلى طرد عشرة دبلوماسيين روس من العاصمة الأمريكية.  التكتيك المنهاجي لواشنطن  كما أن هدف فك الارتباط عن مراكز الاحتكاك والأزمة، والذي وجه خطى إدارة ترامب أيضاً، تلقى مؤخرًا زخماً إضافياً مع الإعلان عن إخراج كل القوات الأمريكية من أفغانستان حتى أيلول، وعن تخفيف الوجود العسكري في ساحة الخليج. وبالفعل، تبدو في منطقة الشرق الأوسط واضحة جيداً بوادر التحول الذي أجراه بايدن في أثناء المئة يوم الأولى في البيت الأبيض. يتبين في مركز هذه الصورة سياسته تجاه إيران، التي غيرت بضربة واحدة استراتيجيتها الحازمة بلا هوادة من مدرسة ترامب القائمة على أساس العقوبات المتصاعدة ضد طهران.  وهكذا، يحتل مكان عصا الإنفاذ والعقاب الآن خطاً معتدلاً ومتصالحاً، يسعى إلى إطلاق حوار رسمي ومباشر مع إيران. وذلك لإعادة الإدارة إلى الاتفاق النووي من خلال تكتيك منهاجي يقوم على أساس تحريم متدرج للعقوبات مقابل تخصيب متقلص لليورانيوم في المشروع النووي الإيراني (دون التناول لمواصلة التآمر الإيراني، في هذه المرحلة على الأقل).  في هذا التوقيت من اجتماع المشاركين في الاتفاق النووي في فيينا، حين بدأ ممثلو الإدارة في حوار غير مباشر مع الوفد الإيراني في صيغة محادثات رواق، بينما يبثون حماسة لفتح صفحة جديدة وودية مع نظام آية الله، تبين لهم في ظل خيبة أملهم بأنه لا يعملون في فراغ.  وفجأة أضيف للتانغو الأمريكي – الإيراني ضلع ثالث قد يثقل على مساعي المغازلة الأمريكية لود نظام خامينئي، ويدور الحديث عن الشريك الإسرائيلي في منظومة العلاقات الخاصة مع واشنطن، بأن سلوك إدارة بايدن في المجال الإيراني يعد في نظر هذا الشريك حلقة مركزية في سياق كامل من إجراءات سياسية بادرت إليها وتناقضت تناقضاً تاماً مع طابع وروح علاقات الشراكة هذه، وبالتالي إطلاق إشارة "لكل رجال بايدن” بأن الحليف الإسرائيلي رغم  تغيبه عن طاولة المفاوضات بين القوى العظمى وإيران إلا أنه يواصل كونه حضوره في الساحة الإقليمية نفسها، ومن شأنه أن يشوش الخطاب الدبلوماسي، حيث شددت إسرائيل نشاطها من خلال ضرب المشروع النووي في نطنز ومسار التآمر الإيراني في البحر الأحمر.  من هذه الناحية، ومع أن هذه العمليات تمت على خلفية استفزازات إيرانية، متواصلة ضدها، يأتي توقيتها لنقل رسالة واضحة وقاطعة إلى بايدن جوهرها واحد: لن تسلم إسرائيل بعودة أمريكية في نفق الزمن إلى عهد الرئيس أوباما، حين كان تجاهل موقفها مطلقاً، وذلك حتى بثمن الإزالة الجزئية لستار الغموض عن سلوكها في هذا الجبهة والمخاطرة برد إيراني متصاعد أكثر من ذلك.  الحافز لاستمرار التطبيع  مع أنه من السابق لأوانه بعد استخلاص الاستنتاجات النهائية من أحداث الأسبوع الماضي، فإن الانطباع الوارد هو أن واشنطن التقطت الرسالة الإسرائيلية جيدا.  قد نرى تعبيراً مركزياً عن ذلك في قرار البيت الأبيض إتاحة صفقة بيع طائرات أف 35 المتطورة للإمارات، وذلك بعد يومين فقط من عملية نطنز.  وعليه، يمكن أن نرى هذا القرار كخطوة لبناء الثقة تجاه إسرائيل، فهو مدماك مركزي في اتفاقات إبراهيم كان يفترض منذ البداية أن يمنح الإمارات ولاعبين آخرين في المنطقة أيضاً حافزاً لمواصلة مسيرة التطبيع مع إسرائيل.  وفي الوقت نفسه، يجب أن توضح هذه الخطوة لطهران بأنه على الرغم من رغبة الولايات المتحدة في تحسين علاقاتها معها والتقدم السريع في المسار المؤدي إلى اتفاق نووي على أساس الاتفاق الأصلي، فلن يكون هذا في ظل ترك شركائها التقليديين لمصيرهم.  ستقول لنا الأيام ما إذا كان نائب أوباما السابق سينجح في التحرر من التراث المتصالح الذي اتخذه رئيسه على المستوى الإيراني.  بقلم: البروفيسور أبراهام بن تسفي   إسرائيل اليوم 18/4/2021
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences