بيان (ناري) لحزب الوحدة الشعبية بمناسبة الأول من أيار ويوم العمال العالمي

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
تحي الطبقة العاملة والأحزاب السياسية اليسارية والتقدمية التي تتبنى فكر الطبقة العاملة، ومن ضمنها حزبنا، الأول من أيار كمناسبة تؤكد من خلالها على وحدة قضايا الطبقة العاملة وهمومها وتمسكها بالدفاع عن حقوقها، ليس فقط الاقتصادية – المطلبية وحقها في التنظيم النقابي العمالي الديمقراطي، بل وجملة من الحقوق السياسية، التي تمكنها من الوصول إلى السلطة والحكم، لما يشكله ذلك الهدف من أهمية في إرساء مجتمع يوفر متطلبات وشروط العدالة الاجتماعية والتخلص من قيود التبعية للمركز الرأسمالي الامبريالي وضمان السيادة والاستقلال الناجز لشعوب العالم.

تأتي هذه المناسبة والطبقة العاملة في دول العالم وأقطارنا العربية وأردننا الحبيب تعيش تحديات مشتركة، يحددها شبه الهيمنة الكاملة للنموذج الليبرالي الجديد في إدارة إقتصاد الدول، سواء الصناعية المتقدمة أو المتخلفة والتابعة، مع اختلاف وطأة النموذج الليبرالي الجديد على دول وشعوب البلدان التابعة، كونها أكثر شدة وقسوة، وبشكل خاص ما يلحق بالقوى العاملة من آثار هذه السياسات الليبرالية المفروضة قسراً من صندوق النقد والبنك الدوليين، وإغراقهما الدول بالديون الخارجية، ما ينتهك من سيادة الدول والشعوب ويفاقم معدلات الفقر والبطالة، وكل ما ينتج عنها من اضطرابات اجتماعية ونفسية وأمراض صحية، وتدهور نوعية التعليم، وإعادة انتاج للجهل والأمية. من المهم التنويه إلى أن هذه الآثار والنتائج ليست عرضية وغير متوقعة وغير محسوبة، بل على العكس من ذلك، فهي تشكل جزءاً من استراتيجية استهدافات المركز الرأسمالي للدول الضعيفة والشعوب الفقيرة، لتكريس نهج الاقتصادات التابعة، كأهم أدوات تثبيت وتعميق قيود التبعية.

ولا يخرج واقع بلدنا الأردن عن هذا السياق، فالنهج المستمر لكل الحكومات التي المتعاقبة، وبشكل خاص في العقود الثلاث الأخيرة تم إسقاطها على شعبنا بالباراشوت، وكل واحدة منها كانت تأتي لتكمل دور من سبقها في تعميق تبعية اقتصادنا الوطني وفكفكة قطاعاته الانتاجية الصناعية والزراعية وتسريح وتفقير القوى العاملة فيها، وصولاً إلى إضعافها لصالح دفع الاستثمار في قطاع الخدمات وانتعاش دور ونفوذ رأس المال المالي الذي لا وطن له إلا الربح، ودون أي مساهمة تذكر في بناء قاعدة اقتصادية انتاجية وطنية قوية، وامعان الحكومات في خصخصة القطاعات الاستخراجية التي تشكل أهم ثروات البلد الطبيعية وإخراجها من نطاق سيطرة القطاع العام.

إن المتابعة لارتفاع معدلات الفقر والبطالة وزيادة المديونية وتفاقم العجز في الموازنات المتعاقبة وتدهور قطاعات الصحة والتعليم، واستمرار سياسة منع الحق في التنظيم النقابي العمالي وتقييد تشكيلها بقرارات من السلطة التنفيذية التي أصبحت تعبر فقط عن مصالح سلطة رأس المال، يؤكد الحال الصعب والقاسي الذي تمر به القوى العاملة الأردنية، التي تجاوزت معدلات البطالة في صفوفها نسبة 24.7% في نهاية العام 2020، ما يعادل 614 ألف شخص، بعد أن كانت في العام 2019 في حدود 19.3%، وتساوي ضعف معدل البطالة في العالم العربي البالغة 12.5%، وتأتي مباشرة بعد المعدلات الأعلى المسجلة في الأقطار العربية التي تعرضت للعدوان والاحتلال وحروب الإرهاب (سوريا وفلسطين وليبيا واليمن).

وهنا لا بد من إبراز المعاناة المركبة التي تعاني منها الطبقة العاملة في فلسطين، حيث، تعاني من الاستغلال الطبقي والقومي – العنصري الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني بحق القوى العاملة الفلسطينية، فمعدلات البطالة في صفوفها من بين الأعلى في العالم، بمتوسط تجاوز 26% من القوى العاملة، وفي قطاع غزة المحاصر يلامس معدل البطالة ال 50% من القوى العاملة. ما يبرز بعداً آخر من أبعاد الصراع مع المشروع الصهيوني الاستعماري في فلسطين.  

إن الأخطر يكمن في أن معدلات البطالة ضمن فئات الشباب والمرأة هي الأعلى ، حيث الفئة العمرية 20 – 24 من الشباب يصل معدل البطالة في صفوفها إلى 48%، أما المرأة فنسبة مشاركتها في القوى العاملة لا تتجاوز 14% مقارنة مع 54% من مشاركة الرجل، رغم أن المرأة تمثل 53% من مجموع خريجي الجامعات، كما أن نسبة المتعطلين الذكور من حملة البكالوريوس تصل إلى 24.5%، مقابل 75.8% بين الإناث.

المؤشرات الأخرى المقلقة نجدها عندما نجمع العاطلين عن العمل (24.7%)، وقوة العمل المنخرطة في الاقتصاد غير النظامي التي لا تشترك في الضمان الاجتماعي ولا تتوفر على ظروف الحماية والاستقرار الوظيفي (31%)، ما يساوي قرابة 56% من قوة العمل، أي أن أكثر من نصف قوة العمل إما أنها متعطلة أو تعمل في ظروف لا توفر لها أي حماية أو استقرار.

إن هذه المؤشرات الإحصائية تدق ناقوس الخطر أمام التحديات التي تواجهها طبقتنا العاملة الأردنية وتبين حجم الاجحاف الذي تقع تحت وطأته، والذي ضاعفت من آثاره جائحة كورونا. فبين مطرقة السياسات الليبرالية الجديدة وسندان جاحة كورونا والتخبط الحكومي في إدارة ملفها، يصبح من الضروري طرح البرنامج البديل، وأهم أركانه، مغادرة نهج السياسات الحكومية التي تكرس التبعية الاقتصادية والسياسية، والذهاب دون تلكوء للبديل الاقتصادي الذي يقوم على بناء الاقتصاد الوطني المنتج صناعياً وزراعياً واستخراجياً، وإزالة كافة القيود المخالفة للنص الدستوري في حق الطبقة العاملة بقطاعاتها المختلفة في تشكيل تنظيماتها النقابية العمالية الديمقراطية، دون وصاية أو تدخل السلطة التنفيذية وأجهزتها في نشاطها وانتخاب هيئاتها، إعادة بناء الحياة الديمقراطية في بلدنا على أساس إعمال المبدأ الدستوري أن الشعب مصدر السلطات، وتغيير قانوني الانتخاب والأحزاب لما يفضي إلى ممارسة ديمقراطية حقيقية تعكس إردة الشعب، وان تصبح الحكومات صاحبة الولاية العامة مع ربط ممارسة السلطة بالمحاسبة، وإجراء التعديلات الدستورية التي تكفل ذلك.

عاش الأول من أيار يوماً للطبقة العاملة المناضلة
المجد والخلود لشهداء الطبقة العاملة

حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني
عمان – الأول من أيار 2021
 
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences