لعناية اللجنة الملكية : كيف نخلق أجيالا تحترم القانون وتحترم الدولة
الشريط الإخباري :
من المعروف أن الدولة هي التي تملك أدوات صناعة الأجيال وصناعة فكرها وثقافتها بالتعليم والإعلام والأدوات الثقافية والتعليمية الأخرى، وهي التي تؤسس لبنية عقل الأجيال من خلال المدخلات لهذا العقل.
وحتى نطالب أفراد المجتمع بإحترام هيبة الدولة والمؤسسات يجب أن نخلق حالة من إحترام القانون وحتى يحترم لابد أن يتكون لدى الأفراد حدا أدنى من المعرفة القانونية وفهم اهميتة القاعدة والتنظيم وأنه يحفظ الحقوق قبل فرض واجبات وأن تتضمن هذه المعرفة فهم مفردات القانون ومبادئه بشكل عام ومعرفة وفهم كيف ساهم إحترام القانون ببناء المجتمعات المتطورة والمتقدمة والأمثلة لا تحتاج لبحث حيث نعلم أن مواطننا الأردني والعربي لا يحترم القانون في بلده لكنه يطالب الدولة أن تخلق له مجتمعا شبيها بالدول التي يقدرها ويحترمها هو ويحترم قوانينها اذا ما أقام فيها مؤقتا أو دائما.
ولنقر ونعترف أن الذهنية العربية لإنعدام هذه الثقافة القانونية لديها قاعدتها في الحكم على من يطبق القانون ويحرسه حيث مثلا في النظرة للسلطة المسؤولة عن تطبيق مفهوم العدالة وعناصرها وأطرافها القاعدة هي : القانون إما أعوج وإما غير موجود والقاضي مزاجي ومتحيز والمحامي محتال وكذاب..¿!¿!
هذا مثال على نظرة سائدة تجاه حراس العدالة وتجاه عناصرها فما بالكم ستكون النظرة لأي جهة أو مؤسسة أو فرد يعمل على تطبيق القوانين وبالنتيجة ما هي النظرة العامة للدولة التي ما دام وصفها وإسمها دولة فهذا يعني أنها القانون أو دولة القانون... ¿! ¿!
إن إحترام أي وجود يستمد من إحترام أساس وجوده والعكس صحيح وإحترام الدولة وما يسمى هيبتها ترجمته إحترام مؤسساتها وشخوص الدولة الإعتبارية وشخوص الدولة الممثلين لها من موظفين ومسؤولين وبالنتيجة إحترام السياسات والقرارات لا يكون إلا بإحترام أساس وسند وجودها وشرعيتها.
ولفرض هيبة الدولة وهيبة القانون نحتاج لخلق الإحترام والإحترام ثقافة ويختلف الإحترام عن الطاعة أو فرض القانون بوسائل قوة القانون لأن فرض القانون بتلك الوسائل وإن كان بإمكان الدولة وشرعي إلا أنه يهمل الجانب الأهم ويخلق ما هو أكثر ضررا على الدولة من خروقات للقانون ومخالفة بعض القواعد ففرض القانون بوسائل تطبيق قوة القانون من مؤسسات وأجهزة يخلق حالة من الصدام الدائم بين السلطات والشعب ويجعل أجهزة الدولة في حالة طواريء دائمة وهذا يعني مناخ التوتر الدائم هو الذي يخيم على كل تفاعلات الشعب مع مؤسسات الدولة وكل ما يمثلها .
ومن أول وأهم أدوات خلق المجتمع الذي يحترم القانون ويحترم الدولة ويؤمن بوجود حد أدنى من العدالة أو يؤمن بوجود العدالة - ومسألة العدالة نسبية بالقطع دائما - من أهم هذه الأدوات هي مناهج التعليم من أسفل السلم وحتى أعلاه، فالتربية والتعليم لدينا تفتقر إلى هذا الخط أو النهج وتكتفي مناهجنا بوضع مادة تحت عنوان تربية وطنية توضع فيها بعض معلومات عن الدستور أو القانون لا يدرك مدرس المادة حتى مفردات تلك المعلومات أو المفاهيم التي تحملها وهي قطع من الشروحات التي تزيد الجاهل بالشيء جهلا... ¿! ¿!
فلماذا لا تكون مناهجنا من بداية الأول الإبتدائي تحتوي على خطة تعليمية تراكمية شبيهة بخطط تعليم وتدريس أي علم آخر وأن يدرس هذا المنهاج القانوني متخصصين لجميع المراحل من الإبتدائي وحتى الجامعي وبشكل أساسي وإجباري وليس إختياريا، وهذا أيضا سيفتح الباب لتوظيف أعداد كبيرة من حملة شهادات القانون في بعد تعليمي وتربوي مهم جدا مما يعني أننا سنساهم في التخفيف قليلا من بطالة في تخصص يضخ لسوق العمل اعدادا من الخريجين هي الأعلى..؟؟؟
و الأداة المهمة الثانية هي الإعلام بكل أدواته وصوره فنحن في الأردن نفرد ساعات يومية أو إسبوعية لتعليم الطبخ مثلا او للتثقيف بتنسيق الزهور بينما لا نجد في كل تلك الوسائل خطة برامجية تنتج برامج عن تثقيف المشاهد والمستمع بمفهوم القانون وبمفرداته وماذا يعني للمجتمع والدولة وما هي أهمية المعرفة القانونية بالحقوق والواجبات كرافعة للمجتمع والدولة... ¿! ¿! ¿!
للأسف الشديد فإن جميع الظواهر السلبية وعلى كل صعيد مردها لهذه الحالة من الجهل وإنعدام وجود هذه الثقافة بما يسمى ("علم الحياة") بالرغم من أن سيد البلاد قد طرح أهم ورقة نقاشية من أوراق جلالته تحت عنوان (سيادة القانون) و سيادة القانون لا تأتي إلا بالفهم والإحترام وليس بفرض القانون بوسائل تبين السطوة وتخلق حالة إنصياع بغض النظر عن النتائج على أبعاد أخرى... ¿! ¿!
وفي النهاية برأيي المتواضع أننا بحاجة إلى لجنة لتطوير أدوات خلق الأجيال وتغيير الثقافة القانونية للمجتمع وللأجيال ومناقشة منهاج التعليم بهذا الخصوص أكثر من حاجتنا لتعديل تشريعات لا يحترمها ولا يفهمها الفرد إلا بمقدار من تحقق له نفعا شخصيا...!
والله والوطن من وراء القصد
رايق المجالي