“مواقع التواصل”.. منبر للحريات أم مصدر لخطاب الكراهية؟
الشريط الإخباري :
محمد الكيالي
عمان- أكد خبراء أن مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها، لها دور واضح في "إذكاء” خطاب الكراهية، لكنهم أشاروا الى ضرورة عدم إغفال أدوارها الإيجابية.
وشدد هؤلاء على أن من الواجب على الدول التي تتمتع بهامش حريات أقل من غيرها، مراقبة هذه المواقع ونشر التوعية لمواطنيها والخروج بتشريعات تحد من المساهمة في نشر خطاب قد يؤدي إلى الوقوع في المحظورات.
وأوصت دراسة خاصة حول "مواقع التواصل الاجتماعي ودورها في نشر خطاب الكراهية من وجهة نظر طلبة كلية الصحافة والإعلام بجامعة الزرقاء” بضرورة أن تقوم الدول والحكومات ببذل جهود أكبر في مواجهة ظاهرة خطاب الكراهية التي أصبحت تنتشر أخيرا في مجتمعات العالم.
وأكدت الدراسة التي اعدها رئيس قسم الصحافة والإعلام الرقمي في الجامعة، د. عثمان الطاهات، أنه "يجب على مؤسسات المجتمع المدني العمل بشكل جاد على مواجهة خطاب الكراهية والحد من انتشاره لأنه يعرض السلم المجتمعي الخطر”.
وطالبت المؤسسات الإعلامية الجماهيرية والرقمية بضرورة تبني مبادرات تهدف من خلالها للحد من انتشار خطاب الكراهية والتوعية بخطورتها على المجتمعات والدول.
وهدفت الدراسة الى التعرف على دور مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك” في نشر خطاب الكراهية من وجهة نظر طلبة كلية الصحافة والإعلام بجامعة الزرقاء.
واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، واعتمدت استبانة لجمع المعلومات من عينة عشوائية بلغت 100 مفردة شكلت ما نسبته 50 % من المجتمع الدراسي ككل والذي يتكون من 200 طالبة وطالب من كلية الصحافة والإعلام بجامعة الزرقاء.
وتوصلت الدراسة الى نتيجة رئيسية مفادها أن مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك” تلعب دورا متوسطا في نشر خطاب الكراهية.
وأظهرت نتائج الدراسة، أن 85 % من أفراد عينة الدراسة يتابعون مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك” دائماً، و 14 % يتابعون "فيسبوك” كثيراً، و 1 % يتابعونها أحياناً.
وتوصل الطاهات في دراسته، إلى أن هذا يعني ان طلبة الكلية على اطلاع تام على ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا موقع "فيسبوك”، وبالتالي لديهم القدرة على تقييم ما ينشر على مواقع التواصل وما إذا كان يحض على نشر خطاب الكراهية ام لا في المجتمع الاردني.
وبينت الدارسة ان موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك” تلعب دورا متوسطا في نشر خطاب الكراهية، وأن هناك فروقا ذات دلالة إحصائية بدور "فيسبوك” في نشر خطاب الكراهية، يعزى إلى الجنس.
وعن أسباب إجراء الدراسة بين معد الدراسة الدكتور الطاهات، أن الساحة المحلية شهدت خلال السنوات الاخيرة أفكارا وسلوكيات متطرفة وعدائية عرضت الوحدة الوطنية والسلم الاهلي للخطر.
وأشار إلى أنه يمكن أن تسهم الدارسة في تقديم معلومات مهمة لصناع القرار على صعيد الدولة الأردنية، تساعد في الحد من هذه الظاهرة التي اصبحت تهدد السلم المجتمعي ونشر الفرقة والخلاف بين مكونات المجتمع كما يمكنها أن تسهم في توعية الشباب بأهمية الانتباه لما يتم نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما "فيسبوك” الذي أصبح يسبب نوعا من أنواع الكراهية بين الآخرين.
ولفت الطاهات إلى أن ما تشهده المنطقة من انتشار للفكر المتطرف والإقصائي والعدائي وتعزيز عدم قبول الرأي والرأي الآخر في ظل توظيف مواقع التواصل الاجتماعي ممثلة بـ”فيسبوك” في نشر خطاب الكراهية بين افراد المجتمع، "حتم القيام بهذه الدراسة، التي تزداد أهميتها كونها من الدراسات القليلة التي تحاول التعرف الى دور مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا (فيسبوك) في نشر خطاب الكراهية”.
وفي هذا السياق، أوضح وزير الثقافة الأسبق، عميد معهد الإعلام الأردني السابق، باسم الطويسي، أن "وسائل التواصل الاجتماعي هي سلاح ذو حدين، ولا يمكن إغفال الجوانب الإيجابية فيها والاكتفاء بالجوانب السلبية نتيجة سوء استخدامها”.
وأضاف الطويسي، في تصريح لـ "الغد”، إن استخدام وسائل الاعلان في كل مواقع التواصل الاجتماعي يتم في كل مجتمع وفق محددات مرتبطة بثقافته ولذلك تختلف طريقة الأداء من مجتمع إلى آخر.
وبين أنه في المجتمعات العربية التي كانت تعاني وما تزال من فقر هائل في الحريات كانت وسائل التواصل الاجتماعي هي المنصة الوحيدة للتعبير، ولذلك جاء التعبير في بعض الأحيان "نزقا” وأحيانا أخرى مضطربا بحيث ينشر الشك والريبة ويسهم في بث خطاب الكراهية نتيجة الاوضاع الاجتماعية والثقافية التاريخية التي تعيشها هذه المجتمعات.
وأكد الطويسي، أنه ليس من الغريب أن تساهم مواقع التواصل الاجتماعي بالمنطقة العربية في نشر خطاب الكراهية كما ساهمت في مجتمعات أخرى وبنسب متفاوتة.
ولفت إلى أن خطاب الكراهية وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، "لم يكن ينص على هذا المفهوم بشكل واضح، إلا أن المادة 19 و20 بالعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية الصادر في ستينيات القرن الماضي تحدثتا عن حرية التعبير وأن ذلك ليس مبررا
لنشر خطاب الكراهية”.
ونوه إلى أن "هناك جدلا عالميا كبيرا، حاليا، حول المسافة الفاصلة بين الحق في حرية التعبير وتحولها إلى كراهية وتحريض”.
وقال الطويسي، إن العالم يمر حاليا بمرحلة تاريخية كبرى، حيث يشهد هذا الجيل ثورة اتصالات كانت تحدث كل بضع مئات من السنوات، مبينا أنه في مرحلة التحول، تشهد المجتمعات حالة اضطراب وفوضى وعدم يقين وأنماطا سلبية ثم تستقر تدريجيا.
بدوره، اتفق رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين، يحيى شقير مع الطويسي، في أنه لا يجب أن "تعمي” المظاهر السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي الناس عن إيجابيات هذه المواقع.
وبين شقير أن هذه المواقع قدمت فوائد غير مسبوقة للناس في عدة أمور أهمها منح صوت لمن لا صوت له، مضيفا أن الفقراء والمهمشين لم يكن لهم طريقة لإيصال صوتهم سوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد أن الكتابة عن التظلمات على مواقع التواصل الاجتماعي باتت أسرع من اللجوء إلى القضاء، مشددا على ان سهولة نشر الحقائق على هذه المواقع تتعادل مع سهولة نشر الأخبار الكاذبة والإشاعات، ويتساوى على منصاتها المثقف والجاهل.
وشدد على أن خطاب الكراهية والتنمر يعد أحد الجوانب المظلمة في هذه الوسائل، ويجب مواجهته، مبينا أن هناك دولا تمتلك حريات تعبير غير فضفاضة وقد تتوسع في تعريف الأمن القومي لديها.
ولفت شقير، إلى أن هناك مبادئ معروفة دوليا على رأسها التعليق العام رقم 34 الصادر عن اللجنة المعنية لحقوق الإنسان التي تراقب تطبيق العهد الدولي لحقوق الإنسان والتي تعد الأردن طرفا فيه.
وبين أن على الحكومة توعية المواطنين بأن وسائل التواصل الاجتماعي مثلها مثل أي وسيلة أخرى، وقد يرتكب من خلالها المواطن جريمة معينة.
الغد