الطباعة التلقائية للهواتف الذكية تستدعي التحقق من النصوص منعا لخيانة التعبير
الشريط الإخباري :
عمان 31 تموز (بترا) - اخلاص القاضي - " الله يطرمك"، كانت فحوى رسالة "واتساب" ارسلتها سيدة ثلاثينية تشكو ضيق ذات اليد، لشخص اسدى لها معروفا، ولم تكن تعلم انها وصلته بهذه الصيغة غير المقصودة حكما، الا بعد اتصاله بها، ومحاولته المغلفة بعتاب لاستيضاح ما رمت اليه.
اذ ظنت انها ارسلت له دعوة جميلة، مفادها "الله يكرمك"، غير ان الطباعة التلقائية التي تعتمدها عبر خاصية تتيح لها ذلك خلال كتابتها للرسائل النصية ضمن دردشات ذلك التطبيق، خانتها، كما تقول، حيث انها لم تتحقق من سلامة املاء ما ارسلته، فواجهت عتابا من المرسل إليه، مشفوعا بتفهم تبريرها الواضح. وتضيف السيدة، انها ليست المرة الاولى التي ترسل بها رسائل تحمل معان مختلفة عما تريد كتابته، لاسيما وانها تعاني من مشكلات في النظر، ما اضطرها الى الغاء تلك الخاصية، مستعيدة قدراتها على الكتابة الذاتية، برفقة النظارة الطبية، والتحقق اولا بأول مما تخطه قبل ارساله، مشيرة الى ان كتابة الرسائل عبر تطبيقات الهواتف الذكية، هي كناية عن تدريب مستمر لقدرتها على استخدام اللغة العربية كما يجب لها ان تكون، بعيدة عن لغة " التشات" التي تخلط بين اللغتين العربية والانجليزية فيما يسمى بين العامة بـ" العربيزي".
وفيما ينشط العديد في مجال تبادل المعلومات والآراء والافكار عبر مجموعات الدردشة"الجروبات"، وخاصة تلك المتعلقة بقضايا عامة، يعمد بعضهم فيها الى تصحيح كلمات معينة، بعد إرسال النصوص، بالإشارة اليها تحديدا، وقد درجت العادة على توضيحها بشكل النجمة، هذه (*)، حتى لا يفسر النص، بأكثر مما يحتمل. معنيون دعوا عبر وكالة الانباء الاردنية (بترا)، إلى اهمية التأكد والتحقق من فحوى نصوص الرسائل عبر تطبيقات الهواتف الذكية، سواء لجهة المعاني المقصودة، والمفردات الواردة، وسلامة الاملاء وحتى القواعد إن أمكن، مؤكدين أن الكلمة، كالرصاصة، لا راد لها، الا بالتأني، والتمحيص، وعدم التسرع، وتذكر ان كل كلمة ترسل، تحسب على صاحبها، لاسيما وانها باتت متاحة للعامة، فيما بعضهم يهوى القيام بتصوير النصوص" السكرين شوت"، وتحويل الرسائل لمادة للتندر والتنمر، وربما لسوء الفهم. ويذكّروا بان الاعتماد على الطباعة العربية دون الاتكاء المطلق على البرامج المتوفرة في الهواتف، يعزز من القدرات اللغوية والاملائية للأشخاص، ويحافظ على كياسة لغة الحوار والتواصل، خاصة وان الطباعة التلقائية خيار، وليست اجبارية. وفي السياق، يدعو عطالله الحوت ابو قتيبة، "اعمال حرة"، الى اعتماد خاصية التدقيق التلقائي الموجودة في تلك التطبيقات، و ضرورة التأكد غير مرة من محتوى النص المراد ارساله، فيما ترى الثلاثينية مها جمال، "ربة منزل"، ان على المتلقي تفهم المعنى العام للرسالة، وان لا يتوقف عند كلمة من الواضح ان الطباعة التلقائية قد أتت على اصلها تماما.
بينما تشير ناشطة في العمل القروي الانتاجي الخمسينية وفاء جمال، الى ضرورة ان يكبد الفرد نفسه عناء إعادة قراءة كل كلمة قبل ارسالها، بقطع النظر عن طول النص او قصره، "فهذا يعكس للشخص المتلقي نبذة عن شخصيتك وطباعك واسلوبك ودقتك"، وفقا لتعبيرها. من جهته، ينصح مدير مديرية الهندسة في وكالة الانباء الاردنية (بترا) المهندس مراد ابو كركي، وبمجرد شراء الهاتف النقال، بإيقاف خاصية تسمى التصحيح التلقائي، التي تفترض بدورها الكلمات، وتغير في المعنى الحقيقي للمعاني المقصودة، كما يُفضل الاحتفاظ بخاصية تسمى الكلمات المتوقعة، كما يشير، وهي موجودة بالإعدادات وتتعلق بلوحة المفاتيح، لافتا الى أهمية التأكد من مضمون النصوص، قبل ارسالها، وعدم الاعتماد على ذاكرة الهاتف، فحسب. بدوره يقول المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي غفار العالم "قد تتسبب الكتابة التلقائية، التي توصل الرسائل للآخرين بقصد يختلف تماما عما اريد له، بمشكلات بين الناس، تؤثر تاليا على حسن العلاقات بينهم.
فعند ظهور الاجهزة النقالة بأنواعها المختلفة، متصاحبة مع تطور القطاعات التكنولوجية، كما يضيف، تم تطوير مساعدات الكترونية على الكتابة والاتصال توفيرا للوقت والجهد، أو هكذا كان الاصل من اهداف وجودها، الامر الذي ساعد فعليا الناس وسهل من طرق تواصلهم، مستدركا، لكن الامر لا يخلو من سلبيات، خلفها الاستناد كليا على ما يقوم به جهاز الهاتف النقال نيابة عن الانسان، ومن ذلك الكتابة التلقائية، التي وجب مراجعتها حرفيا قبل ارسالها.
ويؤكد" اكثر من 500 مليون متابع من مستخدمي "الانترنت" يتفاعلون مع اللغة العربية، ولكن هذا الرقم لا يزال يشكل ما نسبته 3 بالمئة فقط من محتوى العالم الافتراضي، ما يدعو الى "تعزيز وجود هذه اللغة الغنية على فضاءات الاخير بشكل اكثر انتشارا"، وفقا له. ويسترسل العالم، بقوله "من خلال طبيعة استخدامنا اليومي لرسائل لتطبيقات الهواتف الذكية، قد نرسل الكلمات ونكون على يقين ونحن نطبعها، بأنها هي المراد ارسالها، لكن حرفا واحدا قد يغير معاني الكلمات، من خلال الطباعة التلقائية، وهذا ما يؤكد، ضرورة ان لا نعتمد على الخصائص الالكترونية المساعدة وكأنها الاقدر على معرفة ما نريد دون اي تدقيق".
ويبين" ان كتابة الرسائل هي جزء من التمرين اليومي للقدرات الكتابية باللغة العربية، في سياق المحافظة عليها والتشجيع على كتابتها، خاصة ضمن المجموعات، "الجروبات" التفاعلية عبر "الواتساب" وغيره، خاتما "حتى لا تخوننا التعابير، وتخذلنا التكنولوجيا، فينقلب كلامنا الى عكسه، ما يؤثر على سلاسة التواصل بين الناس".
--(بترا)