عنجهية الحكومة في التعامل مع قضية المزارع الخاصة
الشريط الإخباري :
نضال منصور
دون مقدمات قررت الحكومة استخدام قانون منع الجرائم لتوقيف أي شخص يؤجر مزرعة خاصة مقابل بدل مادي، ولا تتوفر بها متطلبات السلامة العامة.
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي منتقدة هذا القرار، واعتبر كثير من المعلقين ان الحكومة "عينها” على لقمة خبز المواطن، وتلاحقه عليها، وان حديثها عن متطلبات السلامة العامة كلام لا يصدق.
في السنوات الاخيرة وخاصة بعد جائحة كورونا، تزايد الاهتمام في الاردن بارتياد المزارع الخاصة في مختلف مناطق المملكة، وأي متتبع للسوشيال ميديا يجد مئات الاعلانات التي تسوق لتأجير مزارع.
انتشار هذه الظاهرة مرتبط بأسباب متعددة، أبرزها ارتفاع اسعار الفنادق والمنتجعات السياحية، في حين توفر المزارع عروضا للعائلات للسباحة والمبيت وقضاء وقت ممتع بأسعار منخفضة، هذا عدا عن ميزة الخصوصية التي تحرص عليها العديد من العائلات، وكذلك السماح لهم بإحضار طعامهم معهم، او تحضيره في عين المكان.
لا توجد إحصائيات رسمية او غير رسمية عن عدد هذه المزارع، ولا تتوفر معلومات معتمدة عن معايير السلامة العامة بها، ولكن المؤكد ان عددها في بالالاف وهي تنتشر بشكل كبير جدا، وأصبحت "بزنس” يوفر دخلا معقولاً لأصحابها، واستخدمت في الاشهر الماضية خلال اوقات حظر التجول، ومنع التجمعات العامة لإقامة الحفلات والاعراس هروبا من التعليمات المشددة التي اتخذتها الحكومة.
رغم ان الحكومة اعلنت بفصيح العبارة ان قرارها لا يهدف للجباية، وانما لحماية مرتاديها من الخطر، وشكلت وزارتا السياحة والداخلية لجنة مشتركة لبحث التعليمات والانظمة الخاصة بالمزارع السياحية، غير ان اكثر الناس تكذب الرواية الحكومية، وترى ان وراء التوجه تحصيل مزيد من الضرائب، دون تجاهل الرغبة بالسيطرة الامنية، وخضوع هذه المزارع للرقابة.
الاعلامية ايمان العكور كتبت غاضبة على الفيسبوك” يا حكومة ترى مش كل الناس سكان دابوق، وعبدون، والمزارع كانت المتنفس الوحيد للجميع خاصة العائلات والصبايا، بيشتركوا بالتكاليف ويمضون يوما بعيدا عن الازعاج والضجة وحبسة البيت .. ليش بدكم تحرموهم من هالمتعة”.
واكملت مخاطبة الحكومة” عارفين فكرة انه لا توجد جباية على اصحاب المزارع مش مخليتكم تناموا، واكيد في مافيا وراء القصة”.
المؤكد ان معالجة الحكومة غير حصيفة، وبثت الرعب والخوف بين الناس، ومخجل ان تلجأ الى استخدام قانون عرفي، وعليه شبهات دستورية، ومعمول به منذ عقود، ويسمح للحكام الاداريين بتوقيف الناس خارج سلطة القضاء.
النقاش والجدل القانوني عقب صدور تصريحات الحكومة بخصوص المزارع تؤكد ان اللجوء لاستخدام قانون منع الجرائم لا مسوغ له، والاصل في حال وجود مخالفات الاحالة للمحاكم المختصة، بل تذهب بعض الآراء القانونية الى ان المزارع ليست منشآت عامة، وبالتالي لا يجوز تطبيق قانون الصحة العامة عليها، وما يحكمها فقط قانون المالكين والمستأجرين.
لن يطول الامر قبل ان تصدر انظمة وتعليمات تحكم قبضتها على هذه المزارع الخاصة، والتضييق على اصحابها، دون الالتفات الى انها مشاريع حركت السوق، وعجلة الاقتصاد في مجتمعاتها المحلية، بدءا من إنعاش عمل دكان صغير، الى استقطاب مزارعين، او تكليف اشخاص بالحماية والحراسة والنظافة.
أكثر تعليق مضحك لفت انتباهي ويختصر الازمة بسؤال " لو كانت لدينا 10 الاف مزرعة واشترطوا وجود منقذ سباحة في كل مزرعة، فهل يتوفر في بلادنا 10 الاف منقذ محترف”؟
رد فعل الحكومة مبالغ فيه استنادا للمعطيات المتوفرة التي تشير الى حادثة غرق واحدة وقعت في إحدى المزارع في بلعما، بالإضافة لحالة تسمم كيماوي جماعي حدثت في مزرعة في جرش، ولهذا فإن اجهزة الدولة مطالبة بمناقشة القضية مع أصحاب العلاقة بعقل بارد، والسعي لإيجاد حلول تخدم المجتمع.
في ظل غياب مسابح عامة بأسعار او اشتراكات في متناول الجميع، ومتنزهات توفر خدمات لائقة فإن عنجهية الحكومة في التعامل مع اصحاب المزارع، وترهيبهم مواقف مرفوضة، وتعسف في استخدام سلطتها.