بدران: الأوراق النقاشية مؤشر قوي للإصلاح
الشريط الإخباري :
في حوار مع « الدستور» ضمن سلسلة لقاءاتها حول الإصلاح
نيفين عبدالهادي
تُجمع أدبيات الإصلاح السياسي على اختلاف مدارسها على أن مشاركة المرأة في العملية الإصلاحية كجزء فاعل من أجزائها، تعدّ إحدى السبل الأنجع والأسرع والأنضج لتقدّم المنظومة الإصلاحية وتكامليتها بشكل متوازن لا يشوهه أيّ خلل نتيجة غياب رأي الرجل أو المرأة، ففي مشاركة المرأة حسم لشكل الاصلاح المثالي.
مشاركة المرأة في العملية الاصلاحية أساس لنجاحها، والوصول إلى صيغة متكاملة نموذجية لما يحتاجه المجتمع من متطلبات اصلاحية، ناهيك عن أنها تعدّ دليلا على مدى الديمقراطية التي نتمتع بها، والنهج الإصلاحي الصحيح الذي سيقود إلى حالة مثالية يطمح لها الجميع في الإصلاح الذي علت أصوات المنادة به، في تغطيتها لجوانب تكمّل بها رؤى الرجل واحتياجات المجتمع تحديدا في جانبه النسائي، لتنضج فكرة الإصلاح بشكل أكثر قوة وأكثر عملية وواقعية.
وضمن التوجهات المحلية الجادة للإصلاح الذي وجّه به جلالة الملك عبد الله الثاني، وأراده أسلوب حياة مع بدء المئوية الثانية للدولة الأردنية، جاء حضور المرأة بشكل كبير في تشكيلة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ففي اطار ثرائها بما تضمنته من اعضاء، حضرت المرأة بشكل قوي ومتنوّع أيضا، فقد بلغت نسبة تمثيل المرأة في اللجنة (20%)، بمعدل (18) سيدة يمثلن كافة أطياف المجتمع، ويحملن أفكارا مختلفة سيما وأنهن حضرن من تجارب سياسية ونيابية وحزبية ورسمية وشبابية واجتماعية مختلفة، ليشكلن حضورا نسائيا ثريا يقود لتجربة نسائية هامة جدا في الاصلاح السياسي المنتظر، وبما ينسجم واحتياجات المرأة والأسرة والمجتمع.
وفي هذا السياق بالحديث عن الحضور النسائي في البرنامج الإصلاحي، أكدت النائب الأسبق والخبيرة الاقتصادية ريم بدران أهمية حضور المرأة في العملية الإصلاحية، معتبرة أن حضورها ما يزال متواضعا، ويحتاج مزيدا من الجهود من المرأة نفسها ومن المجتمع ومن صانع القرار، حتى تحقق نسبة في حضورها تتناسب مع مقولة أن المرأة نصف المجتمع.
ورأت الاقتصادية ريم بدران والتي فازت بالتنافس بعيداً عن مقاعد الكوتا التي خصصها قانون الانتخاب للسيدات، في المجلس السادس عشر لتصل للعبدلي وتحت قبّة البرلمان في التنافس، وتمكنها أيضا من الفوز المختلف في انتخابات عضوية مجالس الغرف التجارية في المملكة، رأت أن الإصلاح يجب أن يكون متكاملا، سياسيا واقتصاديا واداريا، ولا يمكن القول أن دربا يمكن أن يقود للإصلاح الذي وجّه به جلالة الملك دون درب آخر، فهي دروب متكاملة يجب أن تسير خطى الإصلاح بها جميعا حتى نصل إلى منظومة اصلاحية متكاملة ونموذجية.
ومن تجربتها، وعنها، تحدثت بدران عن واقع المرأة في الحياة السياسية، أنها كانت ترفض الكوتا قبل خوضها التجربة النيابية وفوزها خارجها، وأن المرأة يجب أن تصل بجهدها وأنها لا تحتاج لما أسمته «واسطة قانونية» كتعبير عن الفوز بالكوتا، لكنها اعتبرت أن المرأة دون الكوتا «رغم أنني نجحت خارج الكوتا لكني اؤكد انه بدون الكوتا من الصعب جدا أن تصل المرأة للمجلس النيابي، وهذا واقع عملي عشته بشكل حقيقي»، مبينة أن وضع كوتا للنساء تضم (18) مقعدا خطوة ايجابية جدا، بل على العكس نأمل ان تفوق هذا العدد وأن توازي المجالس المحلية وتصبح (25%) من عدد مقاعد المجلس النيابي.
ورأت بدران أن الأوراق النقاشية لجلالة الملك هامة جدا، وتعد مؤشرا قويا جدا للإصلاح بكافة أشكاله، معربة عن أملها أن يتم متابعتها ودراستها بعمق، من قبل الأجهزة ذات العلاقة، لأن تكون مؤشرا ودليلا ثريا في عملية الاصلاح في الاردن، كما اعتبرت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية خطوة اصلاحية هامة يجب أن تصل لنقطة حتمية في تطبيق توصياتها، تحديدا فيما يخص موضوع الأحزاب الذي لا ترى فيه أنه بحاجة لتعديلات تشريعية إنما أيضا تغيير ثقافة كون هذا الجانب يعاني من فراغ بين النظرية والتطبيق.
حديث «الدستور» الخاص مع النائب الأسبق ريم بدران شكل قراءة دقيقة لمسار ملف الإصلاح يأتي ضمن سلسلة من اللقاءات تجريها «الدستور» في اطار العصف الذهني مع نخب سياسية وخبراء وسياسيين بشأن الإصلاح الذي نحتاج ويوجّه به جلالة الملك عبد الله الثاني تنشرها تباعا، ورقيا والكترونيا، ومن خلال فيديو ينشر عبر مواقع الصحيفة الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها.
وتاليا نص الحوار مع النائب الأسبق والفائزة بمقعدها النيابي تنافسيا وليس من خلال الكوتا النسائية ريم بدران:
الاصلاح
* الدستور: برأيك ما الإصلاح الذي نريد خلال المرحلة الحالية، وهل هناك حاجة وضرورة لأن يكون اصلاحا سياسيا واقتصاديا واداريا، أو أن الإصلاح السياسي له الأولوية خلال المرحلة الحالية؟.
- بدران: الاصلاح منظومة متكاملة لا يمكن القول أن نبدأ بالاصلاح السياسي ونترك الاقتصادي والإداري، فلا بد أن يسيروا جميعا بالتوازي، ليس أحدها دون الآخر، فلا بد ان يسيروا جميعا في درب واحد، هي نظرية صعبة التطبيق ذلك أننا عندما نقول أننا بحاجة الى اصلاح اقتصادي فنحن عندها نكون بحاجة إلى رقابة، سيلحقها حتما تساؤلات من الذي سيراقب، ومن صاحب الاحقية بذلك وهل جاء بناء على قانون اصلاحي جديد أم قديم، من يتابع من يضع الموازنة، من سيعمل على التنمية وغيرها من التفاصيل التي تعدّ جوهرا للاصلاح، هي عملية تشابكية فالاصلاح منظومة متكاملة السياسي والاقتصادي والاداري.
نسمع كثيرا في هذا الشأن، فالسياسي يقول نحن بحاجة لإصلاح سياسي، والإداري يقول ذات الشيء والاقتصادي كذلك، لكن في واقع الحال لن يكون هناك اصلاح، ونتائج صحيحة إلاّ في حال كان اصلاحا متكاملا، يضمن الرقابة والديمقراطية والتطور الإقتصادي وتحقيق تكافؤ الفرص والعدالة ومحاربة الفساد وموضوع الاحقية في الحصول على الوظائف في المواقع العامة، وأن تشرّع القوانين بشكل اصلاحي، كل هذا يحدث عندما يسير الإصلاح السياسي والاقتصادي تحديدا في خطين متوازيين حتى نصل للاصلاح الذي نطمح له.
الأوراق النقاشية
* الدستور: كيف يمكن ترجمة ما جاء في الأوراق النقاشية الملكية في المنظومة الإصلاحية، والاستفادة من مضامينها الثريّة في ثورة الإصلاح؟.
- بدران: نعم، الأوراق النقاشية لجلالة الملك هامة جدا، وتعد مؤشرا قويا جدا للإصلاح بكافة أشكاله، ونأمل أن يتم متابعتها ودراستها بعمق، من قبل الأجهزة ذات العلاقة، لأن تكون مؤشرا ودليلا ثريا في عملية الاصلاح في الاردن.
وعلينا هنا الإشارة إلى أن مضمون هذه الأوراق غاية في الأهمية فقد تحدثت عن موضوع الشفافية والفساد والقضاء والادارة، وجميع القضايا التي تبحث اليوم، وتناقش، وهي قضايا مهمة جدا، ووضعت آلية للتعامل معها وتطويرها، ولها عمق كبير، لكن للأسف أنه لم يحدث تحليل لهذه الأوراق بشكل عملي يدخلها حيّز التطبيق والإستفادة، فلا بد من قراءتها وبحثها بشكل دقيق، وأين نحن منها، هل نحن بعيدون أم قريبون، وكيف يمكن أن نصل لتطبيقها خلال فترة زمنية محددة، ذلك أن أي موضوع يدرس تحدد له مدة زمنية محددة حتما هو أبرز أسباب نجاحه، بشكل لا نعمل به على طريقة «الفزعة»، وهذا درب أبعد ما يكون عن الإصلاح.
الأوراق النقاشية هي اليوم حاجة إصلاحية، يجب تطبيقها ودراستها بشكل دقيق والوصول لأن تصبح هذه الأوراق نهج عمل وأسلوب تطوير وتميّز، كونها حملت مضامين تجيب على كل الاستفسارات والأسئلة والجدل حول مختلف القضايا الإصلاحية المطروحة اليوم.
اللجنة الملكية
* الدستور: كيف تقرأين أهمية تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وكيف ترين ثراء تنوّع أعضائها؟.
- بدران: اللجنة الملكية خطوة غاية في الأهمية لتحقيق الإصلاح السياسي الذي نريد ونطلبه جميعا، ونأمل تطبيقه، وهذه اللجنة نرى في نجاح عملها أمرا مؤكدا، كون جلالة الملك ربط عملها بمدة زمنية وفي ذلك تأكيد على عمل جاد يجري لانهاء مهمتها خلال هذه المدة، وفي ذلك أولى دلالات نجاح عملها.
أنظر إلى نوعية المخرج المنتظر من هذه اللجنة، والذي نأمل أن يكون محلّ تطبيق وإقرار من قبل مجلس النواب صاحب الولاية في إقرارها، لتأتي بعد ذلك خطوات التطبيق، وهي واحدة من أهم مؤشرات نجاح عمل اللجنة، ذلك أن التطبيق للإصلاح علامات نجاح هامة، سيما وأن الارادة في تطبيق المخرج متوفرة وعلى أعلى المستويات، لكن الأمر قي نهاية المطاف في مرمى النواب.
وفي ضوء الترتيبات الدستورية وأن النواب هم أصحاب الولاية لإقرار مخرجات أو توصيات اللجنة من عدمها، يجب أن تخضع للدراسة والبحث والمناقشة على مستوى واسع، اضافة لبحث أعضاء اللجنة ممن يحملون عمقا سياسيا وتنوعا فكريا، للوصول إلى توصيات قابلة لإقرارها من قبل مجلس النواب، والسعي للوصول إلى تفاهمات بشأنها.
الأحزاب
*الدستور: الحديث عن الأحزاب وأهميتها والتوجه لوجود «كوتا» حزبية في مجلس النواب، كيف تقرأين ما يثار بملف الأحزاب بصورة عامة، وفكرة الكوتا الحزبية؟.
- بدران: ربما في حديثنا عن الأحزاب، وكل ما يثار بهذا الشأن مؤخرا يكشف وجود فراغ بين النظرية والتطبيق، ذلك أن كل المطالبات بأهمية وجود الأحزاب تصطدم في حقيقة أنه لا يوجد لدينا أحزاب وعمل حزبي بالحجم المطروح، اضافة لضرورة النظر لرؤية الناس للأحزاب والثقافة بشأنها، وحتى في موضوع التوظيف وتوفير العمل، فما يزال من يرى بالحزب وصمة تفقد صاحبها الكثير من الحقوق، وبالتالي ملف الأحزاب ليس فقط تعديلات تشريعية، إنما ثقافة ونهج عمل وطموح بأن تتغير النظرة المجتمعية للعمل الحزبي، أي تغيير اجتماعي أيضا.
وفيما يخص جانب كوتا الأحزاب، هناك جدل دستوري بشأن هذه الخطوة، وتساؤل هل ستكون هذه الخطوة دستورية، وهل وجود كوتا حزبية وحتى نسائية او غيرها دستوري، جانب عليه نقاش كبير ليس فقط بالأردن، في حين أن بعض الدول حسمت هذا الجانب ووضعت مادة دستورية أن يكون «كوتا» لفئات معينة من المجتمع حاسمة بذلك أي جدل حول دستورية الكوتا.
وعندي هنا تحفّظ على زيادة عدد مقاعد النواب، ففي ذلك عبء على موازنة الدولة، اضافة إلى تشتت القرارات إذا أوجدنا الكثير من القيادات المنتخبة، وذلك في ظل الحديث عن كوتا للأحزاب، علما بأنني مع وجود كوتا للأحزاب، وأنا مع هذه الخطوة وهي هامة جدا، والسؤال هل 30 مقعدا مناسب، برأي أنه كلما كان العدد أقل سيكون الوضع أفضل، والحديث عن 150 نائبا مسألة سلبية وغير صحيحة، سيما إذا ما تم اجراء انتخابات للمجالس المحلية والبلدية، وما ينتج عنها من افرازات لقيادات خدمية ستجعل من مجلس النواب متفرغا لدوره التشريعي والرقابي، وبالتالي ليس بالضرورة زيادة عدد المقاعد، كون ذلك يشكل عبئا على الدولة ماليا واداريا.
الكوتا
* الدستور: كنت نائبا في مجلس النواب السادس عشر، من بين 13 سيدة فزن من خلال الكوتا، فيما فزت تنافسيا، كيف تقيمين هذه التجربة اليوم والحديث يدرو حول زيادة عدد مقاعد كوتا المرأة، وهل ترين بزيادة العدد خطوة ايجابية أو العكس؟.
- بدران: تبقى الكوتا موضوعا جدليا، يجب أن يكون له تغطية دستورية، بداية، وفيما يخص وجودي في المجلس النيابي كنائب بالتنافس، كنت قبل خوض الانتخابات ضد الكوتا، وأرى بأن المرأة ليست بجاحة لكوتا، ويجب أن تصل بجهدها كونها لا تحتاج الى «واسطة قانونية» كتعبير عن الفوز بالكوتا.
لكن عندما دخلت مجلس النواب وكانت 13 عضو مجلس نواب سيدات فزن بالكوتا وانا خارجها، وفي غرفة التجارة ايضا كنت الوحيدة خارج الكوتا، جعلتني أرى أن عدد النساء متواضع جدا ولم نكن قادرات على تكوين «لوبيات» داخل مجلس النواب، حول اي موضوع له علاقة بالمرأة، وكان هناك سيدات لا يعرفن بتفاصيل قانونية وحتى نيابية، وأخريات لا يردن معرفة أي شيء حول ذلك، أو أي مواضيع تطرح، وبالتالي 13 عضوة من 120 حقيقة رقم متواضع، وحتما ستكون الأولية للرجل.
ما أريد قوله هنا، أنه بدون كوتا في مجتمعنا ورغم أنني نجحت خارج الكوتا لكنني اؤكد انه بدون الكوتا من الصعب جدا أن تصل المرأة للمجلس النيابي، وهذا واقع عملي عشته بشكل حقيقي، على الرغم من ان النساء اللاتي وصلن لمجلس النواب اثبتن موجودية وتفوّقا بالعمل.
بطبيعة الحال ليس كل النساء يتمتعن بالكفاءة المطلوبة بالعمل النيابي، كما الرجل تماما، فليس كل الرجال يتمتعون بالكفاءة، لكن عدد النساء القليل يضعهن تحت مجهر الاهتمام، وبالتالي نأمل اليوم من خلال الأحزاب أن تحقق المرأة حضورا أكثر في المجالس النيابية، فالأحزاب حتما ستفرز كفاءات.
واقترح في هذا السياق، تطبيق نظام يطلق عليه زيبر، والذي يكون على شكل قوائم ترتب «رجل سيدة.. سيدة رجل» آمل أن نصل لهذا النظام في مرحلة لاحقة، حيث يكون الفوز لأول مجموعة إذ تفوز عتبة معينة، تضم رجلا وامرأة، وهو نظام معروف وهام ومن شأنه انصاف المرأة بهذا الجانب، ونأمل أن تضعه اللجنة الملكية كمقترح ليس بالضرورة تطبيقه الآن، إذ يمكن أن تضع بعد الانتهاء من تحديد توصياتها لليوم أن تضع سيناريوهات للمرحلة القادمة.
وبرأي أن وضع كوتا للنساء تضم (18) مقعدا خطوة ايجابية جدا، بل على العكس نأمل ان تفوق هذا العدد وأن توازي المجالس المحلية وتصبح (25%) من عدد مقاعد المجلس النيابي، كون المرأة الأردنية كفؤة وأثبتت نجاحا في العمل النيابي، وأن يكون تعبيرا وحقيقة أنها تشكّل نصف المجتمع منعكسة على أرض الواقع بحضور يناسب ذلك.
الشباب
* الدستور: في نهاية حديثنا معكم، سؤالنا الأخير، اذا طلب منكم تحديد واختيار مفتاح للإصلاح، فما هو برأيكم مفتاح الإصلاح الذي ترونه مناسبا؟.
- بدران: الأساس في الاصلاح بالتركيز على الشباب وتعميق الفكر السياسي والحزبي لديهم، ولتكون هذه مهمة الأسرة والمدرسة والجامعة، وأن لا يقتصر العمل على التشريعات، إنما على الثقافة المجتمعية، والغاء مفاهيم خاطئة عن العمل الحزبي، وتخوّف الشارع منها، وهذا يكون من خلال عدة اجراءات أهمها الممارسات في تعزيز ثقافة العمل الحزبي، وأن تحمل مضامين خطابات الأحزاب أفكارا تخاطب الشباب، وأن يسعى الجميع لجعل السلوك الديمقراطي الحزبي جزءا من حياة الشباب وليس العكس.
الدستور