“الحمل” يقصي نساء من سوق العمل

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
رانيا الصرايرة

عمان- "إنت حامل؟”، "ناوية تحملي؟”، "ينبغي أن توقعي على تعهد بعدم الحمل خلال سنة قادمة”، كل هذه الأسئلة مدرجة وإن بشكل غير موثق، من ضمن الأوراق المطلوبة لتوظيف المرأة، فضلا عن أوراق أخرى، مثل ضرورة إحضار تحليل مخبري يثبت عدم وجود حمل، إضافة إلى التلويح والتهديد: "إذا صار حمل سوف ننهي خدماتك”. وتعتبر مثل هذه الأسئلة والتعليقات التي تتعرض لها الإناث جزءا من مقابلات التوظيف في القطاع الخاص في مجالات عدة، منها التعليم، والبنوك، والطب، والإعلام، في وقت تحظر القوانين الدولية والمحلية التمييز في الاستخدام، خاصة التمييز القائم على الجنس.
واستقبلت "الغد” أكثر من خمسين حالة لسيدات أكدن تعرضهن لهذه المواقف أثناء إجرائهن مقابلات توظيف، في حين روت أكثر من 600 سيدة تجاربهن في هذا الإطار، خلال ردهن على سؤال وضعته مندوبة "الغد” على إحدى المجموعات في "فيسبوك”، حيث كانت غالبية التعليقات تؤكد أنه تم استبعادهن من التوظيف، بعد رفضهن توقيع تعهد على عدم الحمل خلال فترة معينة، أو الطلب منهن فحصا مخبريا يثبت عدم حملهن، في حين وافق بعضهن على إجراء الفحص رغم عدم قانونيته، كما أشارت أخريات إلى تجارب اعتبرنها "إيجابية” وتتعلق بحدوث حمل بعد التوظيف، من دون أن يتخذ صاحب العمل أي إجراء بحقهن.
ومن حيث المبدأ، لا يجوز أصلا وضع شرط مدون في العقد أو شفوي يطالب المرأة بعدم الحمل، بل لا يجوز حتى توجيه أي سؤال شخصي من هذا النوع للمرأة أثناء مقابلة العمل.
وقالت سيدة تعمل في مجال التعليم الخاص: "في أول مدرسة قدمت لها وتدربت فيها.. عندما أوشكوا على تعييني سألوني: انت متى تنوين الحمل، لأننا لا نريدك أن تحملي لمده 3 سنوات، وبالطبع رفضت واشتغلت في مدرسة ثانية ولم يشترطوا علي شيئا بخصوص الحمل”.
معلمة أخرى قالت: "تقدمت بمقابلة عمل عند طبيب توليد وعقم وأنابيب، وبعد ساعة من المقابلة، وعند توقيع العقد، سألني كم طفلا عندك؟ فأجبته: طفل وتوفي قبل فترة قصيرة. فسألني: هل تريدين الحمل ثانية؟ أجبته بأنني لا أفكر في هذا الأمر حاليا، فسأل وما الذي يضمن لي، ينبغي أن توقعي على تعهد بتجنب الحمل لمدة 3 سنوات، فقلت له: يا رجل انت دكتور توليد، بدل أن تشجعني على الحمل تمنعني منه، وفسخنا العقد”.
وثمة سيدة تعمل في قطاع الإعلام، شرحت حالتها: "اتصلت بي إحدى الإذاعات لغايات تقديم برنامج، وكنت حاملا بالشهر السادس، لكن لم يكن يظهر علي الحمل، وفي المقابلة الثانية كانت الموافقة قد حصلت لمباشرة العمل، لكن عندما أبلغتهم بحملي اعتذروا مني وقالوا هذا الأمر لا يناسبنا أبدا”.
امرأة أخرى تعمل في قطاع البنوك قالت: "بعد أن تمت الموافقة على توظيفي في بنك معروف، طلب مني إجراء فحص حمل، وبعد النتيجة طلب مني أيضا التوقيع على تعهد بعدم الحمل لمدة ثلاثة أشهر، وفي مكان وظيفتي الحالي يمنع استثناء الحوامل من عملية التوظيف”.
وأضافت: "بعد الزواج شعرت في كل المقابلات أنه لدى أطراف التوظيف مشكلة بكوني متزوجة ويمكن أن أحمل قريبا، وكثيرا ما صدمني سؤال: انت حامل الآن؟ ولاحقا قابلت لوظيفة، وفي جميع المقابلات الثلاث سألوني عن موضوع الحمل، وعندما قابلت مجلس الإدارة سألوني السؤال نفسه، فأقسمت بأن حماتي نفسها لم تسألني هذا السؤال، ومن عظم تقديرات الخالق، وبعد أن تمت الموافقة على تعييني تبين أني حامل قبل توقيع العقد بيوم، فأخبرتهم من أجل المصداقية، فتراجعوا عن توظيفي”.
كل تلك التجارب تعد جزءا بسيطا من مئات التعليقات التي جاءت ردا على سؤال "الغد”، والتي أكدتها أيضا الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس، التي بينت أن من أهم مطالب اللجنة، وكذلك لجنة الإنصاف في الأجور، حظر إنهاء خدمات الإناث بسبب الزواج أو الحمل، مبينة أن نص المادة 27 من قانون العمل يمنع إنهاء خدمات الموظفات الحوامل بعد الشهر السادس، لكن مطلب اللجنتين هو تعديلها بحيث يحظر إنهاء خدماتهن في أي وقت من الحمل وليس فقط بدءا من الشهر السادس، إضافة إلى مطلب آخر بإنهاء أي شكل من أشكال التمييز بين الذكور والإناث في الاستخدام والمهنة.
وتنص المادة 27 من قانون العمل في إحدى فقراتها على: "مع مراعاة أحكام الفقرة (ب) من هذه المادة، لا يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل أو توجيه إشعار اليه لانهاء خدمته في أي من الحالات التالية: المرأة العاملة الحامل ابتداء من الشهر السادس من حملها أو خلال اجازة الأمومة….”.
وقالت النمس إن من "غير المقبول أن يتم سؤال الاناث خلال مراحل التوظيف أي اسئلة تتعلق بحياتهن الخاصة، مثل: هل انت متزوجة أو حامل أو تنوين الحمل، وغيرها من الأسئلة التي لا تعتبر لائقة ولا مهنية، وهذا يعتبر إجراء تمييزيا ضدهن”.
ولفتت إلى أنه "في ظل غياب مادة قانونية واضحة، سواء في قانون العمل او غيره من التشريعات تحظر هذا النوع من الممارسات والاجراءات، مطلوب من وزارة العمل وضع تعليمات خاصة تصدر عنها تمنع وتفتش على ذلك”.
وقالت: "وردتنا في اللجنة حالات لطبيبات في القطاع الخاص قدمن للاختصاص، وكان يتم سؤالهن أثناء المقابلات عن حالتهن الاجتماعية وعن خططهن للحمل، وبالرغم من كفاءتهن وعلاماتهن العالية كان يتم تفضيل اعطاء الاختصاصات للذكور من منطلق انها اختصاصات صعبة على الحوامل والمرضعات والامهات، وبناء عليه كتبت مذكرة لوزير الصحة حول هذا الموضوع، ليقوم بدوره بإصدار تعميم يمنع التطرق لهذه الأسئلة اثناء المقابلات في اللجان الطبية”.
وشجعت النمس الاناث على تقديم شكاوى للجنة الوطنية لشؤون المرأة في حال تعرضهن لذلك، وهي بدورها ستتابع الشكاوى، حيث تعمل اللجنة حاليا على توثيق الممارسات التمييزية غير الرسمية ضد النساء ليتم رفعها للجنة الوزارية لتمكين المرأة ولرئاسة الوزراء والجهات المختصة.
يشار إلى أنه فيما يخص المناطق الصناعية المؤهلة، انتقد تقرير لبرنامج "عمل أفضل” في الأردن، التابع لمنظمة العمل الدولية صدر مؤخرا، إجبار العاملات المهاجرات على استخدام اختبارات الحمل خلال التشغيل معتبرا ذلك "من أكثر أنواع التمييز القائم على النوع الاجتماعي”.
بدورها تؤكد مسؤولة برامج العمل اللائق للمرأه في منظمة العمل الدولية ريم أصلان، ان معايير العمل الدولية بشأن حماية الأمومة، خصوصا الاتفاقية رقم 183 للعام 2000، تحظر، على وجه التحديد، مطالبة المرأة بإجراء اختبارات حمل عند التقدم لوظيفة، وكذلك فإن الاتفاقية رقم 111 الخاصة بالتمييز في مجال الاستخدام والمهنة تحمي من التمييز في الاستخدام، والأردن صادق عليها العام 1963، ونشرت في الجريدة الرسمية، ما يعني أنها سارية المفعول وعلى أصحاب العمل الالتزام بها”.
وأضافت أصلان: "وبموجب المادة 27 من قانون العمل الأردني، لا يجوز إنهاء خدمة العامل/العاملة أو توجيه إشعار بهذا في حالات منها: المرأة العاملة الحامل ابتداء من الشهر السادس من حملها أو خلال إجازة الأمومة”.
بدوره لفت الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل محمد الزيود إلى أن دور وزارة العمل ومهامها التي حددها قانون العمل يبدأ عند نشوء العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، مؤكدا أن الحكومة وفرت الحماية للمرأة العاملة لتعزيز دورها في سوق العمل، من خلال توفير تأمين بدل إجازة الأمومة، والبدائل المالية والمعنوية الخاصة برعاية أطفالها، إضافة إلى أن التشريعات عملت على حماية المرأة الحامل، والتي لا يجيز القانون إنهاء خدماتها من العمل بسبب حملها”.
وتابع الزيود: "منع قانون العمل إنهاء العلاقة التعاقدية بسبب الحمل بموجب المادة 27، إذا كانت العاملة حاملا في الشهر السادس وما بعد، أما العاملة التي يكون حملها أقل من ذلك فيجب أن يكون إنهاء عقد العمل معها بالطرق التي حددها القانون، وهنا يكون الانتهاء غير مشروع، ويترتب عليه التعويض وفقا لقانون العمل”.
ويضيف: "يكون التعويض في العقود غير محددة المدة بعد إشعار مسبب بأسباب قانونية، واذا كان السبب مخالفا لقانون العمل فهو غير قانوني، والمطلوب تعويض العامل نصف شهر عن كل سنة، أما في العقود محددة المدة فيكون التعويض بقيمة الأجور المتبقية من مدة العقد، والتفاوض بين العامل وصاحب العمل على تفاصيل عقد العمل لا يعني نشوء علاقة تعاقدية يحميها القانون”.
الغد
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences