فارس حباشنة يكتب ل عامر حرفوش سلاماً عليك ايها البطل الحقيقي...
الشريط الإخباري :
لي صديق كهربائي سيارات واخصائي هايبرد، اسمه عامر حرفوش، واعرفه منذ 5 اعوام. وقلما اثق بصناعي، ولكن هذ الشخص، مؤتمن، ويحب مهنته، ويعمل باخلاص وامانة وصدق، وزاهد، وتحس احيانا بانه ليس ابناء هذا الزمن بما يتحلى من اخلاق وقيم نبيلة في العمل والحياة.
من حوالي 3 شهور، وامر من وادي صقرة، وارى كراج حرفوش مغلق، وارن على الهاتف مغلق، واسأل الجيران، ولا احد يعرف ماذا حل لعامر وكراجه، وفجأة انقطع عن العمل والاتصال مع الناس من زبائنه وجيرانه في الشارع.
وقبل ايام مررت من وادي صقرة، واذ الكراج مفتوح، ولفيت سيارتي وركنتها على باب الكراج. وخرج عامر، وليس بالاطلالة والهيئة التي اعرف بها، عامر وزنه ناقص حوالي 30 كليو، وعامر يمشي بتردد، ومحددب الظهر، وعامر وجه متعب واسود.
في لحظتها ادركت ان عامر مريض، وان ثمة مصابا /عفانا وعفاكم الله/ قد اصاب عامر، وان هو سر وسبب اغلاق الكراج لشهور واختفى عامر. واعترف لي بانه مصاب السرطان، وانه دخل الى المستشفى، واخذ اول جرعة من الكيماوي، وان الاطباء استئصلوا جزءا من الامعاء والقولون، وركبوا بربيش وكيس خارجي.
صراحة، انا اقف ضعيفا امام المرض، ولا اتحمل رؤية انسان مريض، ولا الكلام عن المرض. وطبعا، عامر رغم ما يسكن جسده من مرض، الا انه يعمل بعزيمة وصبر ورضا جهادا في سبيل توفير لقمة عيش كريمة لاهله وابنائه.
ترددت وخجلت من سؤال عامر، عن احواله وظروفه المعيشية، وكيف قضى تلك الشهور الحزينة دون عمل ودخل، والكراج مغلق. فحاله من حال شريحة عمالية اردنية واسعة بلا ضمانات وحماية اجتماعية، ومن جماعة قوت يومي، ومن ارهقتهم كورونا وقطعت رزقهم، ودمرت حياتهم، فما بالكم عندما تجتمع كورونا والمرض الملعون وسيء الذكر.
اليوم، يقف عامر في كراجه بصبر وعزيمة، ويتحدى المرض وقسوة الحياة. عامر في كراجه يلف بين السيارات مبتسما وضاحكا وفرحا، ويوزع النكات والكلام الخفيف واللطيف، ويحمل جهاز الفحص وعدة الكهرباء. ويقول في داخله ما قاله محمود درويش في حجم معاناة قضية فلسطين الكبرى.. انا نحب الحياة ما استطعنا اليها سبيلا.
لا ادرى، احيانا تقف عاجزا وحائرا في تعريف مفاهيم كبرى. عامر، بطل اجتماعي وانساني، وكادح صبور من فقراء الاردن، يصنع يوميا بكل ما تحمل الكلمة من معنى تحديا للمرض وقسوة الحياة، ويقدم درسا وعبرة وموعظة انسانية.. فلندواي جراحنا بالصبر والتحدي.
اكتب هنا عن عامر الصبور ليكن درسا انسانيا، ولما تحمله تجربته مع المرض والعمل وقسوة الحياة واجتماعهم معا من بطولة بكل معنى الكلمة..
قلت لعامر لو انك تبعث اوراق ملفك الطبي للمساعدة في اجراءات نقل علاجك لمركز الحسين السرطان.. ضحك وقال لي.. صديقي والله اني احب ان اتعالج في البشير قريب من اهلي وناسي اللي بعرفوني، وبحب عجقة وفوضى وازمة واكتظاظ البشير.
لصديقي عامر الدعاء.. بالصحة والشفاء والعافية.. وسلاما عليك ايها البطل الحقيقي في زمن ماتت وانقرضت به البطولة.
فارس الحباشنة
fareshabashneh21@gmail.com